ملخص
محللون يشيرون إلى مسؤولية وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 عن محاولات تأجيج الشارع الأردني وزرع الفتنة عبر آلاف الحسابات الوهمية.
يتوقع مراقبون تصاعد التطورات المتعلقة بتداعيات حرب غزة في الأردن باتجاه اتخاذ خطوات رسمية حيال جماعة "الإخوان المسلمين" وحركة "حماس"، إذا ما استمر الطرفان باستغلال التظاهرات الشعبية في البلاد أو حرفها عن مسارها الطبيعي.
ويدلل هؤلاء على هذا السيناريو المتوقع بمؤشرات عدة، أبرزها تصريحات شبه رسمية لمسؤولين حاليين وسابقين مفادها أن صبر العاهل الأردني بدأ ينفذ تجاه محاولات جر المملكة باتجاه الفوضى وفرض مواقف سياسية وأجندات تضرها.
يأتي ذلك وسط مخاوف أردنية من تصعيد ميداني على الحدود، ودخول الأردن مرغماً في دائرة الأحداث بعد حادثة إطلاق نار فريدة من الجانب الأردني من قبل مسلح تجاه دورية إسرائيلية.
مقابل صمت أردني عن هذه الحادثة، أوضح الجيش الإسرائيلي أن المسلح اجتاز الحدود مع الأردن وأطلق النار على جيب عسكري قبل أن يعود من دون أن تتمكن القوات الإسرائيلية من إصابته.
الملك صبور ولكن
يؤكد فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان "مجلس الملك" وأحد أكثر المقربين من العاهل الأردني، أن "الملك عبدالله الثاني صبور، ولكنه سيتخذ إجراءات في النهاية". مضيفاً في تصريحات صحافية، أن "الأسابيع الماضية كانت حساسة بعد رصد محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار في الأردن، لكن سيتم التصدي لها بقوة، ولن نقبل بأية أجندات تفرض علينا من أية جهة كانت داخلية أو خارجية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرد الفايز على اتهام "الإخوان" للحكومة الأردنية بشيطنة حراكها المتضامن مع غزة، بالقول إن الجماعة هي من تحاول منذ ستة أشهر شيطنة موقف الأردن الرسمي من الحرب الإسرائيلية على غزة، واصفاً الموقف الأردني بأنه متقدم وقوي وعملي ولا يكتفي بالخطابات والشعارات.
وكشف الفايز عن علاقة وثيقة تربطه بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، موضحاً أنه وجه له رسالة واضحة بعدم العبث بأمن الأردن، وضرورة أن تدرك الحركة التوازنات التي بني عليها المجتمع الأردني من دون الإضرار بالنسيج الاجتماعي.
وفي إشارة إلى تعهدات سابقة وتفاهمات بين الحركة والأردن، قال الفايز إنه لمس تغيراً في موقف "حماس"، بخاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إلى طهران.
وحول المطالب التي تنادي بخوض حرب أردنية مع إسرائيل، قال الفايز إنها "غير واقعية، والأردن لا يستطيع وحده تحمل عبء القضية الفلسطينية".
نقد قاس
من جهة ثانية، يصر وزير الإعلام السابق سميح المعايطة على الاستمرار بتوجيه نقد قاس إلى حركة "حماس" وجماعة "الإخوان، مشيراً إلى أن أي فصيل يترك شعبه تحت القصف الإسرائيلي والتشريد ثم يتفرغ للعبث بأمن الأردن هو تنظيم متهم في أهدافه وولاءاته مهما كانت الشعارات التي يرفعها.
يؤكد المعايطة أن حركة "حماس" تحاول الضغط على الأردن لإعادة فتح مكاتبها في عمان، لكن ذلك لن يحدث لأن الحركة خالفت التفاهمات والتعهدات.
يشير كذلك إلى وجود محاولات من قبل إيران لصناعة مخالب ونفوذ في الأردن الذي ما زال يشكل عقدة لإيران، إذ تحاول الأخيرة اختراق الساحة الأردنية منذ نحو 40 عاماً، مقدراً في الوقت ذاته الموقف السعودي الحريص على أمن الأردن، وواصفاً اتصال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالملك عبدالله الثاني بأنه "مهم من ناحية التوقيت والمضمون".
وكشف المعايطة عن معلومات مهمة حول اعتذار قدمه خالد مشعل للأردن عن دعوته العشائر الأردنية للانخراط في معركة غزة لكنه عاد لاحقاً وكرر الأمر نفسه، ثم جرى تحول في الخطاب الذي تتبناه قيادات الحركة بموازاة التغير في سلوك المتظاهرين بتوجيه غضبهم نحو رجال الأمن.
لكن الحركة وفي محاولة منها لاستدراك تفاعلات الأزمة، تقول إنها أرسلت توضيحاً للسلطات الأردنية بأن ما جاء على لسان قادتها كان مجازياً وتم بحسن نية واجتهاد شخصي.
عبر طرف ثالث
لكن ثمة رأياً آخر يشير بقوة إلى مصلحة إسرائيلية في إثارة الفتنة بين مكونات الشعب الأردني، إذ يقول المتخصص السيبراني مجدي قبالين إن إسرائيل متخصصة بتوظيف وسائل التواصل واستعمال علم الاجتماع وعلم إدارة الجماهير لخلق رأي عام أو توجيهه بطرق قائمة بالأساس على خلق سيناريوهات كاملة أو ما يسمى "Controlled Scenario".
ويضيف قبالين "بعد دراسة عدد كبير من الحسابات الوهمية على منصات التواصل، التي نشطت في حال التراشق الكلامي خلال الأيام الماضية على خلفية التظاهرات في منطقة الرابية حيث تقع سفارة إسرائيل، تبين أن ما حدث هو أن الإسرائيليين شكلوا مجموعات عمل عدة كان دور بعضها مهاجمة الأردن كنظام سياسي، وكذلك التشكيك بمواقفه تجاه فلسطين، بينما قامت أخرى بنشر ردود الفعل من كلا الطرفين على مستوى بيانات رسمية أو مقالات أو تصريحات شخصية".
وعلى رغم عدم وجود تأكيدات رسمية تبنت جهات عديدة سيناريو مسؤولية وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 عن محاولة زرع الفتنة وضرب الوحدة الداخلية. ومن بين هؤلاء الزعيم العشائري البارز الشيخ محمد خلف الحديد، الذي حذر مراراً من وجود حسابات وهمية وتحديداً على منصة "إكس".
توضيح وتبرؤ
إلى ذلك يقول الناطق الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" معاذ خوالدة، إن اتصالات الجماعة مع حركة "حماس" ليست سراً، لكنه ينفي في المقابل أي اتصال بين الجماعة وإيران. مضيفاً "تصدينا للمشروع الإيراني في مرحلة الربيع العربي، ولا وجود لأي صورة من صور التواصل مع طهران".
خوالدة يرد على اتهامات الحكومة للجماعة بمحاولة استغلال التظاهرات لتنفيذ أجندات خارجية بالقول إن "أمن واستقرار الأردن يعد بالنسبة إلينا من الثوابت، ومصلحة تتقدم على أية مصلحة أخرى".
ويؤكد أن الجماعة لا تهدف إلى أي تصعيد مع الدولة الأردنية، لكن مصادر مقربة من الحكومة ترجح أن تستغل السلطات ورقة "عدم شرعية" الجماعة، التي جاءت عبر قرار قضائي اعتبرها منحلة قبل نحو ثلاث سنوات.
وتقول مصادر إن "الجماعة اليوم في أضعف حالاتها قانونياً، والبلاد مقبلة على انتخابات برلمانية، ومن ثم فإن مناكفة الدولة قد ترتد إليها سلباً عبر تفعيل حكم قضائي مسكوت عنه منذ سنوات، إذ تمارس الجماعة نشاطها وتحركاتها فيما تغض السلطات الطرف عنها لاعتبارات عدة".
ولا تستبعد المصادر ذاتها لجوء السلطات الأردنية إلى خيار سحب الجنسية الأردنية من بعض قيادات حركة "حماس"، وهو خيار دعا له وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة.