ملخص
أجبرت الولايات المتحدة اليابان على الخروج من عزلتها في النصف الثاني من القرن الـ19. وفي وقت لاحق، تنافس البلدان على السيادة في المحيط الهادئ وتواجها عسكرياً في ديسمبر (كانون الأول) 1941 بعد الهجوم الياباني المباغت على بيرل هاربور. إلا أن البلدين أغلقا صفحة العداء ودشنا لاحقاً تحالفاً وثيقاً.
مرت العلاقات الأميركية - اليابانية بمحطات تاريخية متنوعة ما بين العداء خلال الحرب العالمية الثانية إلى تحالف اقتصادي وعسكري وثيق، لم تزده المنافسة بين واشنطن وبكين في المياه الدولية إلا قوة وأهمية، وهو ما تجلى في توقعات بتعاون بين اليابان وتحالف "أوكوس" الدفاعي الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، ويهدف إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.
وتزداد احتمالات تعزيز العلاقات الأميركية - اليابانية بينما يعتزم فوميو كيشيدا زيارة واشنطن خلال الأسبوع الجاري، في أول زيارة دولة لرئيس وزراء ياباني إلى الولايات المتحدة منذ 2015. وتأتي الزيارة في وقت عصيب يشهده العالم ما بين حربي أوكرانيا وغزة، والتوترات المتزايدة في منطقة المحيط الهادئ بين الصين وحلفاء أميركا.
طي صفحة الماضي
أجبرت الولايات المتحدة اليابان على الخروج من عزلتها في النصف الثاني من القرن الـ19. وفي وقت لاحق، تنافس البلدان على السيادة في المحيط الهادئ وتواجها عسكرياً في ديسمبر (كانون الأول) 1941 بعد الهجوم الياباني المباغت على بيرل هاربور.
وفي عام 1945، استسلمت اليابان بعدما أنهكتها عمليات القصف الأميركية التي شملت إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي أسفرتا عن سقوط 214 ألف قتيل.واحتلت الولايات المتحدة الأرخبيل حتى 1952، وبقيت جزيرة أوكيناوا جنوب اليابان في قبضتها حتى 1972.
وعلى رغم خروج الأميركيين فإن تأثيرهم بقي في الدستور الياباني السلمي الذي كتبوه في عام 1947، إذ توجب المادة التاسعة التي فرضتها الولايات المتحدة على الدولة "نبذ الحرب للأبد"، و"عدم الحفاظ على قوات مسلحة ذات إمكانات حربية"، وهو ما يثير نقاشاً مستمراً في اليابان حول ضرورة تعديل الدستور.
ولضمان دفاعها في فترة ما بعد الحرب، تعتمد اليابان بصورة وثيقة على الولايات المتحدة التي تمتلك قواعد عسكرية على أراضيها. وتعزز هذا الوضع من خلال معاهدة للتعاون المتبادل والأمن بين البلدين تمت المصادقة عليها في 1960 على رغم احتجاجات شعبية شديدة في اليابان في ذلك الوقت. ولا تزال هذه المعاهدة سارية المفعول.
ويتمركز حالياً نحو 54 ألف جندي أميركي في اليابان معظمهم في أوكيناوا، في الطرف الجنوبي للأرخبيل. ومساهمة اليابان المالية في القواعد الأميركية على أراضيها كبيرة إذ تتجاوز مليار دولار سنوياً.
وفي 2016 أصبح باراك أوباما أول رئيس أميركي يزور هيروشيما التي تعرضت لقصف نووي أميركي في 1945 مما أدى إلى مقتل الآلاف وتدميرها بالكامل. وقال الرئيس الأميركي إن زيارته "دليل على أن أكثر الانقسامات إيلاماً يمكن تجاوزها". وفي السنة نفسها زار أوباما وشينزو آبي رئيس الوزراء الياباني حينذاك معاً بيرل هاربور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مراجعة مبادئ الأمن
في مواجهة الضغوط المتزايدة التي تمارسها الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خصوصاً، أجرت اليابان مراجعة عميقة لمبادئها للأمن القومي نهاية 2022، وقررت التزود بقدرات خاصة بها "لهجوم مضاد".
وتنوي اليابان التي تمتلك قوات للدفاع عن النفس، أيضاً مضاعفة موازنتها الدفاعية لتبلغ اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2027.
ويتخذ التحالف الأميركي - الياباني أكثر فأكثر صوراً موسعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل اتفاق كواد (التعاون الأمني غير الرسمي الذي يجمع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند).
ويمكن أن تتعاون اليابان أيضاً في المستقبل مع تحالف "أوكوس" الدفاعي الذي يضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وتتفاوض حالياً على اتفاق عسكري ثنائي مع الفيليبين.
فرص ومحاذير التعاون الاقتصادي
في 2022 شكلت كل من الولايات المتحدة واليابان المصدر الرئيس للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويشكل عدد كبير من الشركات اليابانية جزءاً من المشهد الصناعي في الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الـ20، ولا سيما في قطاع صناعة السيارات، إذ تبرز شركات مثل "تويوتا" و"هوندا" و"نيسان".
ومع ذلك تعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً كبيراً مع اليابان بلغ 71.2 مليار دولار في 2023، وهو ما شكل مسألة خلافية في عهد الرئيس دونالد ترمب.
ويعمل البلدان أيضاً على تعزيز تعاونهما في المجالات التكنولوجية الحساسة مثل الطاقة النووية المدنية والفضاء وأشباه الموصلات.
لكن الشراكة الاقتصادية بينهما تنطوي على خطوط حمراء. فالرئيس الأميركي جو بايدن المرشح لولاية ثانية في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) عارض في مارس (آذار) الماضي مشروع استحواذ الشركة اليابانية "نيبون ستيل" على شركة صناعة الصلب الأميركية "يو أس ستيل"، وشدد على ضرورة أن تكون "مملوكة ومدارة محلياً".