ملخص
بات شراء كسوة العيد حلماً بالنسبة إلى كثير من اليمنيين، في وقت لا يزال الريال اليمني يواصل انهياره
"أصبح يوماً مكروهاً جاء ليخيف الناس. بات مرعباً" بهذه الكلمات عبر صبري عبده السقاف البالغ من العمر 44 سنة عن مشاعره نحو العيد الذي لا يمر على بلاده بأحسن حال منذ اندلاع الحرب عام 2014 في أشد البلدان تضوراً وجوعاً.
بات شراء كسوة العيد حلماً بالنسبة إلى كثير من اليمنيين، في وقت لا يزال الريال اليمني يواصل انهياره مقابل العملات الأجنبية، وبحسب التعاملات المسائية غير الرسمية في مدينة عدن عاصمة البلاد الموقتة وصل سعر الريال اليمني إلى 1681 أمام الدولار الأميركي الواحد.
وتضطر بعض العائلات إلى شراء أنصاف كسوة وتنسيقها مع الثياب القديمة، أما بالنسبة إلى الآباء من ذوي الدخل المحدود فقلما يشتري أحدهم ثياباً جديدة في العيد.
ومما يضاعف من المأساة في البلاد هو انقطاع الرواتب عن 1300 مليون موظف وفقاً لإحصائية حديثة ولفترات طويلة بسبب الحرب والانقسام بين الشرعية والحوثي، وعلى رغم صرف راتب واحد خلال رمضان الحالي فإن الوضع الاقتصادي لا يزال مريراً في بلد يفوق عدد سكانه 33 مليون نسمة.
"اندبندنت عربية" أجرت لقاءات متفرقة مع بعض سكان مدينة تعز أكبر محافظات اليمن سكاناً، الذين وصفوا بدورهم مشاعر سكان البلاد نحو عيد الفطر الذي يبدأ أول أيامه غداً الأربعاء في معظم الدول العربية.
وفي المدينة المعروفة بقلب اليمن الثقافي النابض تحدث لنا عدد من المواطنين عن ظروفهم الصعبة التي حالت بينهم وبين فرحة العيد، إذ لم تعد طقوس استقباله شبيهة بتلك الأيام التي ألفوها قبل الحرب.
فرحة مكسورة
يؤكد الشاب محمد المهدي أنه لم يشتر كسوة العيد هذا العام واكتفى بشرائها لعائلته فقط "لا أملك المال، وبالكاد كافحت ووفرت مصاريف وكسوة أسرتي". يضيف "كان العيد فرصة ثمينة بالنسبة إليَّ، كنت أقضي فترة العيد متنقلاً ما بين القرية والمدينة والأماكن الطبيعية الخلابة، ولكن ومنذ عامين لم أعد أفعل ذلك بسبب الظروف المالية".
فهمي سيف يضيف أن "العيد جاء عندي وأنا صفر على الشمال"، لا أملك المال "دفعت إيجاراً 120 ألف ريال، لم أستطع شراء كسوة لأولادي، أحدهم تطوع وأعطاني كرتين كسوة، وأنا معي تسعة أطفال".
لم نستطع إشباع بطوننا فكيف نكتسي؟
في حديث خانق بالبكاء يضيف نبيل شعبان بنبرة أسى "نكذب على أنفسنا أن العيد عيد العافية". يوضح "أي عيد والغلاء في كل مكان؟ الوضع زاد عن حده، كل سنة أسوأ من التي قبلها، لم نستطع إشباع بطوننا، كيف نكسو أولادنا أو نشتري حلويات عيد، كله كذب في كذب، تعز للأسوأ واليمن بصورة عامة إلى الهاوية، ما ندري إلى متى سنظل هكذا؟".
حتى التجار في اليمن لا تقل أحوالهم عن البقية، إذ ثمة شكوى تتردد بسبب "ارتفاع الأسعار وعدم وجود الأعمال". يقول تاجر زبيب ومكسرات من تعز اسمه حبيب الحمير إن "الإقبال على الشراء ضعيف جداً، حتى الناس التي كانت تأتي من القرى إلى المدينة لشراء مستلزمات وحلوى العيد لم تعد تأتي، بسبب تدهور المعيشة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية
يتزامن عيد الفطر هذا العام في وقت ألقت التداعيات الأخيرة في البحر الأحمر والمنطقة بظلالها على الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد. وانعكس ارتفاع كلف الشحن والتأمين و"سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً يصل إلى 45 في المئة فوق المعدلات الطبيعية في ظل خفض قيمة العملة المحلية، مما أدى إلى مزيد من الضغوط على القوة الشرائية للأسر اليمنية".
يقول أمين الحاج، إن "الأسعار ارتفعت كثيراً، والراتب لم يعد يكفي، لا يكفي لشراء كيس طحين، وإذا عندك أسرة وأطفال من أين تعطي لهم؟ نحن في حالة يرثى لها".
من جهة أخرى، يشير رئيس مركز الدراسات والإعلام الإنساني محمد المقرمي في حديثه لنا، إلى أن "الوضع الإنساني كارثي إذ يحتاج 23 مليون يمني إلى المساعدات ومنهم 10 ملايين في حاجة إلى مساعدات عاجلة في حين خفضت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية برامجها في اليمن بنسبة 50 في المئة".