ملخص
يعاني 3 ملايين طفل سوء التغذية فيما توقف 19 مليوناً عن ارتياد المدرسة، مما يهدد مستقبل السودان حيث تقل أعمار 42 في المئة من السكان عن 14 سنة.
باتت آمنة إسحق، النازحة من دارفور، تطعم أطفالها "مرة واحدة في اليوم وأحياناً لا تطعمهم بالمرة"، فمع مرور عام على اندلاع الحرب في السودان تحذر الأمم المتحدة من أن "جيلاً كاملاً قد يكون دمر" وبات ملايين الأطفال نازحين أو جائعين أو مجبرين على القتال أو الزواج.
في مخيم أوتاش للنازحين الذي أنشئ قبل عقدين في جنوب دارفور، لم تعُد حصص حساء الذرة التي كانت توزع على قاطنيه متوافرة، وتروي إسحق "كلنا مرضى وكذلك أطفالنا، وليس لدينا شيء نأكله والمياه التي نجدها ملوثة".
منذ حرب دارفور في مطلع القرن الحالي، ولد في هذا المخيم وشب فيه جيل كامل، لكن منذ أن اندلعت الحرب مجدداً في الـ 15 من أبريل (نيسان) 2023 في الخرطوم هذه المرة، غادر الدبلوماسيون وعاملو الإغاثة السودان وحرمت تالياً أكثر الفئات عوزاً من المساعدة.
وأدى القصف الجوي والمعارك والنهب والطرق المقطوعة إلى زيادة عزلة أقاليم البلاد المتمرامية الأطراف، وتفيد الأمم المتحدة راهناً باستحالة الوصول إلى 90 في المئة من السودانيين الذين باتوا على حافة الجوع.
وتحذر الأمم المتحدة من أن من بين هؤلاء "222 ألف طفل قد يموتون جوعاً خلال أسابيع أو بضعة أشهر" و"أكثر من 700 ألف" من المحتمل أن يواجهوا المصير نفسه "هذا العام".
وتفيد منظمة "أطباء بلا حدود" بأن طفلاً في الأقل يموت كل ساعتين في مخيم "زمزم" للاجئين في شمال دارفور، أما في مخيم "كلمة" بجنوب دارفور "فمنذ الـ15 من مارس (آذار) الماضي يدخل 15 طفلاً يومياً وحدة الرعاية المكثفة ويموت منهم أكثر من طفلين كل 12 ساعة"، وفق منظمة آلايت غير الحكومية للمساعدات الإنسانية.
وذكرت مجلة "لانسيت" الطبية أن مستشفى البلك للأطفال في الخرطوم يستقبل "كل أسبوع 25 طفلاً يعانون سوء تغذية حاداً ويموت اثنان أو ثلاثة منهم أسبوعياً".
عموماً، يعاني 3 ملايين طفل من سوء التغذية، فيما توقف 19 مليوناً عن ارتياد المدرسة، مما يهدد مستقبل السودان حيث تقل أعمار 42 في المئة من السكان عن 14 سنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول آدم رجال، المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور إنه رأى "عشرات الأطفال يموتون".
ويروي رجال أنه "بسبب عناد " قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" اللذين يخوضان نزاعاً مسلحاً على السلطة منذ عام، "لم تعُد المساعدات الغذائية والإنسانية تصل".
توقفت هذه المساعدات لعدم وجود طرق يمكن نقلها من خلالها وكذلك لأن المصنع الذي كان ينتج المكملات الغذائية للأطفال في الخرطوم دُمر أثناء المعارك.
وتعرضت مصانع لقاحات الأطفال حديثي الولادة للنهب، فيما تنتشر الكوليرا والحصبة والملاريا في كل أنحاء السودان.
وتضاف إلى الأخطار الصحية أهوال الحرب وتبعاتها الاقتصادية، وتحذر منظمات سودانية بصورة متزايدة من أن عائلات عدة تضطر إلى "بيع" أحد أبنائها لتتمكن من إطعام الباقين.
وتشير الأمم المتحدة إلى حالات "زواج أطفال" بسبب "التشتت الأسري"، إذ فقد آباء وأمهات أبناءهم وهم يهربون هلعاً من المعارك أو بسبب "عنف جنسي واغتصاب وحالات حمل غير مرغوب فيها".
وتتابع الأمم المتحدة أن الفتيات والنساء يقعن ضحايا لحوادث "اختطاف وزواج قسري وعنف جنسي مرتبطة بالنزاع في دارفور وفي ولاية الجزيرة (وسط السودان)" حيث يوجد عدد كبير من النازحين.
ويقول خبراء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنهم جمعوا "معلومات حول نساء وفتيات يتم بيعهن في أسواق للرقيق في مناطق تحت سيطرة قوات الدعم السريع ومجموعات مسلحة أخرى، خصوصاً في شمال دارفور".
أما الخطر المحدق بالصبية فهو من نوع آخر، إذ إن الجيش وقوات "الدعم السريع" والميليشيات القبلية والعرقية "تجند وتستخدم أطفالاً في دارفور وكردفان والخرطوم وشرق السودان"، وفق هؤلاء الخبراء الذين يضيفون أن بعض الأطراف ترغم حتى "أطفالاً جاؤوا من بلد مجاور على المشاركة في القتال".
منذ الأيام الأولى للحرب، تظهر الصور واللقطات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي مراهقين يقفون في شاحنات صغيرة حاملين أسلحة آلية.
ولا يكف مسؤولو الأمم المتحدة عن التحذير من "كارثة جيل بكامله" في بلد كان قبل الحرب قرابة نصف أطفاله يعانون "تأخراً في النمو بنسبة 40 في المئة"، فيما يعجز 70 في المئة من تلاميذ المدارس في سن الـ10 عن قراءة وفهم جملة بسيطة.