ملخص
الجنيه المصري تراجع من 47.60 إلى 48.60 للدولار في أول أيام تعاملات البنوك بعد عطلة عيد الفطر... وتجار يكشفون سبباً رابعاً لارتفاع سعر الذهب في مصر هو تصدير الخام بعد التوترات الجيوسياسية وتحرك سعر الصرف وارتفاع الطلب
تسود سوق الذهب في مصر حالة من الترقب على خلفية انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنسبة اثنين في المئة، في أول أيام التعاملات الرسمية في البنوك بعد عطلة عيد الفطر في البلاد، ليسجل سعر الصرف 48.60 جنيه في البنك الأهلي المصري، أكبر بنوك البلاد، أمس الثلاثاء، من 47.60 جنيه للدولار في آخر أيام عمل البنك قبل عطلة العيد.
وبينما تسيطر على السوق حالة من التذبذب في التعاملات، بدعم من الارتفاع القياسي للأونصة عالمياً، وتفاقم التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بخاصة بعد الضربة الإيرانية الأخيرة لإسرائيل، والترقب لرد من الأخيرة، وتقلص فرص إنهاء "الفيدرالي الأميركي" لدورة التشديد النقدي، بحسب ما كان متوقعاً بحلول يونيو (حزيران) المقبل، فإن تجاراً ومتعاملين في سوق الذهب المصرية، يترقبون ارتفاعات جديدة، على خلفية تراجع الجنيه المصري الأخير أمام الدولار (0.021 دولار)، بالتالي ارتفاع سعر دولار الصاغة الذي يعد معياراً لاحتساب سعر غرام الذهب بالعملة المحلية.
"ارتفاع الذهب 200 جنيه"
وعلى رغم الخسائر التي تكبدها سعر الذهب في مصر، عقب تعويم الجنيه في السادس من مارس (آذار) الماضي، فإنه خلال الأيام الأخيرة، ارتفعت أسعار الذهب في البلاد، على نحو ملحوظ بـ200 جنيه (4.12 دولار)، لتسجل، أمس الثلاثاء، 3737 جنيهاً (77.05 دولار) سعراً لعيار 24 الأكثر نقاء من المعدن الأصفر، و3270 جنيهاً (67.42 دولار) سعراً لغرام الذهب عيار 21 الأكثر مبيعاً، و2803 جنيهات (57.79 دولار) سعراً لعيار 18، في حين بلغ سعر الجنيه الذهب (ثمانية غرامات من عيار 21) نحو 26160 جنيهاً (539.38 دولار)، وذلك من دون مصنعية أو دمغة أو رسوم أخرى مضافة.
ويتوقع محللون ومتعاملون وتجار ارتفاع أسعار الذهب في مصر خلال الأسابيع المقبلة، تأثراً بالوضع الإقليمي المتوتر، وحرب غزة ودخول إيران على خط الصراع المباشر، بتوجيه ضربات صاروخية إلى إسرائيل، إضافة إلى أن تحركات سعر الصرف هي الأخرى تمثل عاملاً رئيساً في تسعير المعدن الثمين بالبلاد، وأيضاً ما تشهده السوق المصرية حالياً من تجميع وتصدير للذهب الخام.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
في البداية، قال سكرتير شعبة الذهب والمجوهرات في الغرف التجارية السابق نادي نجيب، إن التوترات الجيوسياسية الراهنة، بفعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومخاوف اتساع الصراع، تدعم صعود المعدن الثمين على المستويين العالمي وبالتالي المحلي، موضحاً أن المعدن يعمل كتحوط جيد وملاذ آمن للمدخرات في أوقات الاضطراب السياسي وعدم اليقين الاقتصادي.
وأضاف نجيب، لـ"اندبندنت عربية" أن سعر الأوقية التي سجلت عالمياً 2385 دولاراً كان له انعكاس أيضاً على سعر الذهب في مصر، بخاصة أن السوق المصرية مفتوحة على الخارج، معتبراً أن السعر قابل للزيادة، طالما ظلت التوترات الجيوسياسية متواصلة، إذ إن المعدن الأصفر سلعة حساسة لتلك العوامل.
وارتفعت أسعار الذهب، أمس الثلاثاء، مقتربة من المستوى القياسي المرتفع الذي سجلته، الأسبوع الماضي، إذ عززت المخاوف إزاء تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران وإسرائيل الطلب على المعدن الأصفر باعتباره ملاذاً آمناً، وصعد المعدن، في تعاملاته الفورية 0.2 في المئة إلى 2387.11 دولار للأوقية، بعد أن سجل أعلى مستوى على الإطلاق عند 2431.29 دولار، الجمعة الماضي، وزادت عقوده الأميركية الآجلة 0.9 في المئة إلى 2403.90 دولار.
تصدير خام الذهب المصري
أما محلل المعادن الثمينة المصري سعيد إمبابي، فيقول إن سبباً ثانياً يبرز كرافعة لسعر الذهب في السوق المحلية، ألا وهو تصدير الخام حالياً، ويرى أن عمليات تصدير خام الذهب في الآونة الأخيرة، تقف وراء اندفاع سعر الغرام المحلي ليتوافق بذلك مع السعر العالمي، موضحاً أن سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، والعرض والطلب، أسس لتسعير المعدن في البلاد، عبر عملية حسابية يضرب خلالها سعر أوقية الذهب عالمياً (31.10 غرام)، في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، لتخلص إلى تحديد السعر مقوماً بالجنيه المصري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حديثه، يلفت إمبابي إلى استقرار سعر الذهب في مصر بعد ارتفاع بنحو 200 جنيه في الآونة الأخيرة، موضحاً أن التصحيح الأخير في السعر جاء بفعل عمليات جني الأرباح، وسط توقعات بارتفاع الأسعار في حال توجيه إسرائيل ضربة انتقامية لإيران، وهو ما يتفق معه محمود الشرقاوي، أحد تجار الذهب، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن أي تحرك مرتقب في سعر الصرف المحلي سينعكس على أسعار الذهب في مصر بصورة أكبر تأثيراً من بقية العوامل الأخرى.
الاستثمار في الذهب
ويوضح الشرقاوي، أن ارتفاع السعر في مصر يصاحبه في العادة إقبال على الشراء مخافة خسارة المدخرات وتراجع قيمتها، وهو ما يخالف قواعد الاستثمار في الذهب، بحسب قوله، إذ يتعين على الراغبين في الاستثمار شراء الغرامات من أسعار متدنية، لضمان تحقيق هوامش ربحية جيدة عند ارتفاع الأسعار.
ويقدر مجلس الذهب العالمي، في أحدث تقاريره، مشتريات المصريين من المعدن النفيس بـ57 طناً في عام 2023، من بينها 30.3 طن من السبائك والعملات الذهبية، و26.7 طن من المشغولات الذهبية والمصوغات، على خلفية التحوط من آثار التضخم البالغ في ذروته في فبراير (شباط) 2023 مستوى 40.3 في المئة، قبل أن يتراجع قليلاً إلى 35.7 في المئة في فبراير الماضي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وتراجعت القدرة الشرائية للجنيه المصري على خلفية تحرير سعر الصرف خمس مرات كان آخرها الشهر الماضي، لتهوي العملة رسمياً إلى 47 جنيهاً للدولار الأميركي من 30.93 جنيه قبل قرار البنك المركزي المصري، الذي تزامن وتحريك أسعار الفائدة 600 نقطة أساس.
توقعات أسعار الذهب في 2024
عالمياً، يرى كبير المحللين في "سيتي إندكس" مات سيمبسون، أن الذهب حصل على دعم آخر من أحدث الأنباء الواردة من الشرق الأوسط، لكنه كان يرتفع حتى قبل ذلك بفضل مشتريات البنوك المركزية وارتفاع توقعات التضخم، مما يعني أن الذهب يستخدم تحوطاً من التضخم من جديد.
وأقدمت بنوك عالمية تشمل "يو بي أس" و"غولدمان ساكس" و"جيه بي مورغان" و"مورغان ستانلي" على رفع توقعاتها لأسعار الذهب إلى مستويات تفوق تقديراتها السابقة، قرب مستويات 2500 دولار، وزاد عليها، أخيراً، ما أورده بنك "لومبارد أودييه السويسري" حين تمسك بوجهة نظر مفادها ارتفاع سعر الذهب عالمياً إلى مستوى 2600 دولار، قبل أن يتراجع متوسطه بحلول نهاية العام إلى 2200 دولار.