ملخص
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل أحيت خدع "مكالمات الذكاء الاصطناعي" المخاوف من إجراء التصويت في سياق سياسي شديد الاستقطاب، وتحت تهديد التدخل الأجنبي وحملات التضليل الإعلامي.
أيقظ عناصر من الشرطة مدججون بالأسلحة ريك ويلسون من نومه في منتصف الليل، لكن ما حدث مع هذا المستشار السياسي الأميركي ليس سوى نتيجة أحد المقالب الكثيرة التي تنتشر على نطاق واسع في الولايات المتحدة خلال هذا العام الانتخابي المشحون.
خلال الأشهر الأخيرة، وقع قضاة ومسؤولون سياسيون وانتخابيون من جانبي الطيف السياسي الأميركي ضحايا لهذه الممارسة المسماة بالإنجليزية "swatting" التي تقوم على اتصال أفراد بقوات الأمن للإبلاغ عن جريمة عنف مختلقة، بغية استدعاء تدخل للشرطة في منزل الشخص المستهدف.
وقال ريك ويلسون المحلل الاستراتيجي السابق في الحزب الجمهوري وأحد مؤسسي ائتلاف "لينكولن بروجكت" للجمهوريين المعارضين لدونالد ترمب، "يصعب تقبل رؤية عشرات الشرطيين حول المنزل يحملون بنادق نصف آلية، ويطرقون الباب في الثالثة صباحاً".
وسبق لويلسون أن تعرض لمثل هذه المقالب السيئة، إذ اضطر إلى الخروج من منزله في فلوريدا ويداه مرفوعتان في الهواء، مؤكداً للشرطة "أنا ضحية خدعة!".
وعرض المستشار مكافأة قدرها 25 ألف دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى تحديد الجهة (أو الجهات) التي أجرت المكالمة، من دون أن تكون لديه أية ترجيحات حيال هويتها، لكنه يؤكد أن هدف هؤلاء الأفراد واضح وهو "التسبب في قتل الناس".
استهداف المسؤولين
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل التي ستشهد على الأرجح مواجهة جديدة بين جو بايدن ودونالد ترمب، أحيت هذه الخدع الخبيثة المخاوف من إجراء التصويت في سياق سياسي شديد الاستقطاب، وتحت تهديد التدخل الأجنبي وكذلك حملات التضليل الإعلامي.
وتبدو هذه المخاوف مبررة، خصوصاً في ظل وجود أسلوب عمل موحد في هذه العمليات، مما يثير مخاوف من عملية منسقة ضد المسؤولين السياسيين، ويقوم هذا الأسلوب على اتصال شخص ما بخدمات الطوارئ "للاعتراف" بقتل شريكته والإبلاغ عن نيته الانتحار، ويكفي ذلك لدفع قوات الأمن إلى إرسال وحدات تدخل مدججة بالسلاح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الشرطة الفيدرالية (أف بي آي) إنها سجلت 600 حادثة من هذا النوع في جميع أنحاء البلاد عام 2023. وانطلقت هذه الظاهرة التي تبدو حالياً "في ازدياد" في العقد الأول من القرن الـ21، واستخدمت في البداية لمضايقة المشاهير، أو بين المتنافسين في الألعاب الإلكترونية.
ومن بين المستهدفين خلال الأشهر الأخيرة خصوصاً تانيا تشوتكان، القاضية التي ستترأس جلسات الاستماع في المحاكمة الفيدرالية لدونالد ترمب بدعوى محاولات غير قانونية مفترضة لإلغاء نتيجة انتخابات 2020، وكذلك المدعي العام جاك سميث الذي يشرف على الملاحقات القضائية التي بدأت ضد الرئيس السابق في قضيتين، وأيضاً النائبة المؤيدة لترمب مارجوري تايلور غرين، وغابرييل ستيرلينغ، المسؤول عن إجراء الانتخابات في ولاية جورجيا التي تحمل أهمية كبيرة في السباق الرئاسي.
وجورجيا من الولايات الأميركية الساعية إلى تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبي هذه الجرائم، وقدم برلمانيون في فلوريدا مشروع قانون في يناير (كانون الثاني) الماضي ينص على السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً إذا أصيبت الضحية بجروح خطرة أثناء تدخل الشرطة.
وأطلقت هذه المبادرة بعد أن وقع السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ريك سكوت نفسه ضحية لمثل هذه الخدع.
ولكن في الواقع، نادراً ما يجري التعرف إلى المسؤولين عن هذه الجرائم وتوقيفهم. وبحسب المحللين، فإنهم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي لتقليد الأصوات أو تقنيات تشفير لطمس أي أثر لهم.
وقال جاستن سميث، العضو في "لجنة الانتخابات الآمنة والمأمونة"، وهي منظمة تهدف إلى حماية الناخبين ومسؤولي الانتخابات من التهديدات والضغوط، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "تعقب هؤلاء الأفراد أمر صعب للغاية".
ولذلك، يشجع هذا الشرطي المتقاعد مسؤولي الانتخابات على إبلاغ سلطات إنفاذ القانون بمكان إقامتهم بغية الحد من أخطار مثل هذه الخدع.