ملخص
يرى محللون أن القيادة السياسية أدركت أن تحسين علاقات العراق بالدول العربية مهم لأجل تطوير الأمن والاقتصاد... فهل تعمل بغداد على العودة للمحيط العربي؟
يبدو أن الساسة العراقيين أدركوا أهمية محيطهم العربي وأن تكون بلادهم ضمن هذا الوسط الذي تنتمي إليه، لا سيما أن 80 في المئة من الشعب هم من القومية العربية، فبعد قطيعة استمرت عقوداً بات السياسيون العراقيون يغازلون البلدان العربية، سواء من خلال التصريحات السياسية أو من خلال الزيارات التي يجرونها، لا سيما القيادات الشيعية المؤثرة.
ولعل الاتهامات المستمرة التي تطلق على بعض السياسيين في شأن ارتباطهم الوثيق بإيران وفي الوقت نفسه ابتعادهم عن المحيط العربي جعل هؤلاء الساسة يدركون أهمية علاقاتهم الجيدة بتلك الدول لما لها من تأثير في تحسين الوضع الأمني والاقتصادي بالبلاد.
وشهد مطلع عام 2024 زيارات لعدد من السياسيين العراقيين إلى دول عربية مؤثرة ومغازلات لدول أخرى تتحدث عن العروبة وأهمية توحيد الصف العربي وهذا ما يصفه متابعون للشأن السياسي بأنه ابتعاد عن المحور الإيراني والاتجاه للمحور العربي مما مزيد من الارتياح بين الأوساط الشعبية والاقتصادية.
ففي نهاية فبراير (شباط) الماضي، زار عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، مصر والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي وعدداً من النخب الثقافية.
ويمثل الحكيم التيار المعتدل في الوسط الشيعي، وهو حفيد المرجع الديني الأعلى للشيعة محسن الطباطبائي الحكيم، الذي كان مرجعاً دينياً أعلى للشيعية في سبعينيات القرن الماضي.
وعمل مقتدى الصدر نجل المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر أيضاً على مغازلة بعض الحكام العرب واستذكر في تغريدة على "إكس" قرابته بعاهل الأردن الملك عبدالله بن الحسين، كون نسبهم يعود إلى الرسول محمد، ودعا الأسبوع الماضي السعودية إلى بناء قبور أئمة البقيع الذين يقدسهم المسلمون الشيعية الإمامية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، عمدت دول الخليج العربي إلى القيام بمزيد من الاستثمارات في العراق، إذ دخلت كل من: السعودية وقطر والإمارات بقوة من خلال استثمارات اقتصادية هائلة للتقليل من النفوذ الإيراني الاقتصادي، الذي غزا الأسواق العراقية في بضائعه.
وأعلنت وزارة التخطيط العراقية مطلع الشهر الجاري عن التوقيع على 12 مذكرة تفاهم مع السعودية لمشاريع استثمارية نوعية، مما يشير إلى حجم الاستثمار العربي لا سيما الخليجي.
وعلى رغم هذا التقارب لم تستطع الأحزاب الموالية لإيران التأثير في هذا التقارب.
العلاقات الاقتصادية الحاكمة
يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن جميع مكونات الشعب العراقي ترغب بتحسين علاقاتها بدول العالم، مشيراً إلى أن الدول العربية دخلت العراق بمشاريع استراتيجية.
وقال الفيلي "العراق ما زال وسيزال عربياً كون أن هناك 80 في المئة من العراقيين هم من العرب وهناك روابط مشتركة بينه وبين الدول العربية "، مضيفاً أن "للدول العربي وزناً سكانياً وجغرافياً واقتصادياً، إذ إن غالبية نفط العالم يخرج من دول الخليج، وأن الدول العربية تسيطر على مضيقين هما باب المندب وهرمز، ولذلك فإن الدول العربية ترغب أن يكون العراق جزءاً فاعلاً في مقدراته الاقتصادية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى وجود وشائج كبيرة تربط الدول العربية بالعراق وأن العراق نجح في عهد حكومة السوداني أن يخلق شكلاً من أشكال المصالحة ما بين السعودية وإيران وما بين الإمارات وتركيا وكل منهم يرى في الآخر مكملاً له.
وأكد الفيلي أن كل مكونات الشعب العراقي تريد أن تحسن علاقاتها بالدول العربية، بما فيهم الأحزاب الكردية، من خلال فتح ممثليات لها في الدول العربية، مبيناً أن إقامة العلاقة مع دولة ما لا يعني استهدافاً لدولة أخرى، كون أن الانفتاح ضروري لا سيما أن العراق في حاجة إلى إنشاء علاقات استراتيجية مع الجميع، وأن الدول العربية ترغب أن يكون العراق فاعلاً في الحضن العربي أكبر من أن يكون هناك حضور إيراني في العراق.
وخلص إلى أن الدول العربية دخلت في مجال الاستثمار بالعراق، لا سيما دول الخليج، التي لديها شركات كبيرة في العراق وأعمال استثمارية مماثلة في كثير من دول العالم، كما هي الحال في شركة "موانئ دبي" التي من المؤمل فيها إدارة ميناء الفاو، مما يعني نقل تجارب هذه الشركات إلى العراق، فضلاً عن الاستثمار في المجال الزراعي، كما هي الحال في الاستثمار ببادية السماوة من قبل السعودية من خلال نقلها تجاربها الناجحة في أميركا اللاتينية وأفريقيا.
الأمن والاقتصاد
من ناحيته، أشار الكاتب والصحافي باسم الشرع إلى أن القيادة السياسية أدركت أن تحسين علاقات العراق بالدول العربية مهم في تحسن الأمن والاقتصاد.
وأضاف الشرع أن "هناك رغبة من قبل القادة السياسيين العراقيين في عودة البلد إلى محيطه العربي والإسلامي كما كان قبل عام 2003 وجرى ذلك بعد سنوات من العزلة"، مشدداً على ضرورة إعادة العراق إلى دوره السياسي والاقتصادي ليكون محورياً في المنطقة.
وأكد أنه من دون هذا المحيط العربي فلا وجود للعراق، كونه دولة عربية وهو جزء من محيط عربي مهم، وهذه النظرة ترسخت بعد سنوات من الإرهاب والتفجيرات فتولدت قناعة بأن التعاون مع الدول العربية ضرورة لوقف العنف والتواصل مع الدول العربية وليس العزلة.
وأوضحت أنه "تولدت قناعات من قبل الساسة العراقيين بأن التنسيق وعودة العلاقات الطيبة، لا سيما مع مصر والسعودية والإمارات وباقي الدول العربية، ضروري في استقرار العراق وليس العكس، ولذلك القيادات الشيعية البارزة تعتقد بهذا الأمر ولاحظنا ذلك بتحول من ساسة شيعة كبار أمثال زعيم التيار الصدري وزعيم تيار الحكمة، وهذا أمر واضح على رغم اعتراضات البعض من حلفاء إيران".