ملخص
سينما المرأة تتألق في "مهرجان مالمو" بأربعة أفلام "بنات ألفة" من تونس، "كذب أبيض" من المغرب، "إن شاء الله ولد" من الأردن و"وداعاً جوليا" من السودان.
تألقت سينما المرأة في الأيام الأولى من "مهرجان مالمو" السينمائي بدورته الـ 14، وعرضت أربعة أفلام اهتمت بشكل خاص بالمرأة وقضاياها بشكل كبير، وهي "ان شاء الله ولد" و"وداعاً جوليا" و"بنات ألفة" و"كذب أبيض".
كذب أبيض
المخرجة المغربية أسماء المدير قدمت من خلال شخصية نسائية أساس حقبة من التاريخ المهم في المغرب بفيلم "كذب أبيض" يسلط الضوء على تاريخ المملكة المغربية خلال فترة "سنوات الرصاص"، ودارت الأحداث حول المخرجة التي تريد أن تكتشف الحقائق التي تخص عائلتها وهويتها، وتخوض بطلة القصة رحلة استكشافية بشارع طفولتها في الدار البيضاء، وتحاول بمساعدة الأصدقاء والأقارب كشف غموض طفولتها وعندما تحقق في تاريخ عائلتها تكشف ارتباط تاريخ الحي بأحداث الدار البيضاء عام 1981.
ونجحت المدير في دمج الجوانب الشخصية بالسياسية من خلال شخصية الجدة التي استعانت بها في الرواية للحكي وكشف الأسرار واستكشاف الجوانب الخفية، وتوترت الأحداث بضبابية المعلومات التي سيطرت على الشخصيات بالعمل بسبب التوتر المستمر والشكوك حول هويتهم الشخصية والذكريات المؤلمة التي عاشوها في المغرب.
وقد عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في الدورة الـ 76 لمهرجان كان السينمائي، إذ فازت أسماء المدير بجائزة أفضل مخرج في فئة "نظرة ما"، واختير العمل ليكون المرشح المغربي لجائزة أفضل فيلم روائي عالمي في حفل توزيع جوائز الـ "أوسكار" الـ 96.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت المدير لـ"اندبندنت عربية" إن الفيلم كان تحدياً كبيراً لها واستمرت في تصويره نحو ثمانية أعوام، وكان أبطاله في حال شغف ولكنها كانت تخشى حدوث أي مكروه يعرقل مسيرة العمل، وكان العمل حلمها الكبير وخافت أن لا يكتمل لولا وجود حماس دائم يدفعها للمواصلة.
وأشارت المدير إلى أن فريق العمل استمر أعواماً في تنفيذه وكان الجميع لا يتوقع أن يحقق الفيلم هذا الانتشار والنجاح لدرجة حصوله على جائزة أفضل فيلم في "مهرجان مراكش"، ومشاركته في "مهرجان كان" وكذلك ترشحه للـ "أوسكار".
وتابعت المدير بأنها حاولت الدمج بين التماثيل والشخوص الحقيقيين حتى تضفي نوعاً من السرد المعتمد على الحقيقة والخيال في الوقت نفسه ليناسب طبيعة العمل والهدف منه والتعبير عن الألم الذي لا يزال في ذاكرة الناس ويحاولون الكذب للهرب منه.
"إن شاء الله ولد"
طرح المخرج الأردني أمجد الرشيدي قضية تعانيها المرأة في الأردن وهي أزمة الميراث عقب وفاة الزوج في حال إنجابها إناث فقط وعدم وجود ولد ذكر.
ويدور العمل الذي لعبت بطولته منى حوا حول نوال، وهي سيدة لديها ابنة فقط من زوجها، وتواجه بعد وفاته أزمة كبيرة بسبب قوانين الميراث التي تمنح عائلة الزوج المتوفى حق الحصول على منزله وإخراج زوجته إن لم يكن لها منه وريثاً ذكراً.
وقال الرشيد لـ "اندبندنت عربية" إنه استوحى الفكرة من قصة حقيقية لسيدة تربطه بها صلة قرابة، وأشار إلى أن المرأة أسهمت في شراء بيت مع زوجها بمالها وكتبته باسمه حتى لا يشعر أنه يعيش في منزل زوجته، وعند وفاته المفاجئة قرر أهله أن يخرجوها من المنزل لأنه ليس لديها ولد.
وأوضح الرشيد أن قضايا الميراث أزمة حقيقية تعانيها النساء في الأردن عقب وفاة الزوج، وربما لا تخلو أسرة من حال مشابهة تعبر عن كفاح النساء في مواجهة عائلات أزواجهن المتوفىن حتى يتركن ليعشن في بيت الزوجية مع بناتهن.
وشدد أنه أصر أن يصور الظلم الذي تتعرض له بطلة العمل نوال كرمز لكل النساء المظلومات، فنوال بعد وفاة زوجها المفاجئة، وبحسب القوانين المعمول بها في قضايا الميراث، يتعين توزيع كل مقتنيات زوجها، خصوصاً الشقة التي تعيش فيها، على ذوي المتوفى الأقربين، نظراً إلى أن ذريتهما تقتصر على ابنة واحدة.
وفي العمل تضطر نوال إلى مواجهة شقيق زوجها الذي يحاول الاستحواذ على منزلها، وكذلك تقع في مأزق مع شقيقها المتواطئ ضدها خوفاً من المشكلات، وأمام كل ذلك تدعي أنها حامل لكسب مزيد من الوقت.
ونفى مخرج "إن شاء الله ولد" أنه تعمد تشويه نماذج الرجال الذين قدمهم الفيلم متمثلين في شقيق الزوج وشقيق نوال، وقال "همي الأساس والدائم وما يشغلني هو رصد ومعالجة مشكلاتنا بواقعية من خلال قصص حقيقية يعيشها كثيرون بيننا، ولم أتعمد الانحياز للمرأة وتشويه الرجل، بل ما قدمته مقصود به طرح قضية مجتمعية وقانونية ليست متمثلة في أشخاص، فليس من المنطقي أن تطرد كل امرأة التي لم تنجب لم تنجب ذكراً من بيتها، فنحن أمام تعديل قانون وتقديم عدالة تريح مئات الآلاف من السيدات".
واختتم الرشيد "أعتبر الشخصيات الذكورية في الحكاية ضحايا المجتمع أيضاً، ويجب تصحيح الأمور لا أكثر ولا أقل، وأود طرح سؤال أخلاقي مهم للرجال أو أهل المتوفى في الحال المذكورة، وهو هل إذا كان القانون في مصلحة ستنفذه وتستحوذ على بيت قريبك المتوفى؟ أم ستنحاز لأخلاقك وتترك الأرملة تعيش في بيتها حتى لو ليس لديها وريثا ذكر؟".
بطولة نسائية
ولعبت النساء دور البطولة في فيلم سياسي إنساني مؤثر وهو "وداعاً جوليا" المطلقة، واختار المخرج السوداني محمد كردفاني أن يعبر عن أزمة انقسام السودان من خلال سيدتين الأولى هي منى المطربة المعتزلة التي تعاني مشكلات في الإنجاب وتعيش حياة تعيسة مع زوجها أكرم، الرجل التقليدي الذي حرمها من تحقيق ذاتها. والسيدة الثانية هي جوليا المرأة الكادحة الفقيرة التي تحاول أن تساعد زوجها في إعالة الأسرة حتى تصدم منى بسيارتها ابن جوليا ويلاحقها زوج الأخيرة في محاولة لتصليح غلطتها، لكنه يتعرض للقتل على يد زوج منى الذي اعتبر تعديه والاقتراب من زوجته جريمة تستحق القتل دفاعاً عن النفس.
وتتصارع رغبة منى في تصحيح ما فعله زوجها وشعورها بالذنب لقتل شخص بريء، وبين خوفها من بطش زوجها الصارم، فتأتي بجوليا من دون أن تخبرها بالحقيقة وتساعدها بكل الطرق في إعالة نفسها وابنها من طريق تشغيلها في منزلها، وتتصاعد الدراما عبر أعوام من إخفاء الحقيقة حتى تنكشف الأمور وتضع الجميع في مأزق كبير ومواجهة حتمية.
وكانت لغة المخرج بعيدة تماماً من المواجهات العسكرية، وكانت مشاعر النساء الرقيقة والعميقة هي الأداة التي عبر بها عن أزمة الانقسام وكيف أثر في تصاعد وتيرة العنف في السودان لدرجة حدوث جريمة قتل وضياع أسرة.
"بنات ألفة"
ويواصل فيلم "بنات ألفة" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية وبطولة هند صبري عروضه الناجحة في مهرجان "مالمو السينمائي"، ونجح في تسليط الضوء على قضية تجنيد الفتيات في "داعش" من خلال هرب فتاتين من بنات سيدة تدعى ألفة لديها أربع فتيات للانضمام لـ "داعش" وما ترتب على ذلك من نتائج للأسرة والأم والشقيقات.
وتنافس الفيلم على جائزة "السعفة الذهبية" في "مهرجان كان السينمائي" الـ 76، وعُرض للمرة الأولى عالمياً في الـ 19 من مايو (أيار) 2023، واختير ليكون ضمن القائمة الأولية لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الـ "أوسكار" الـ 96.