قال المتخصص في شؤون الاقتصاد إحسان بوحليقة إنه "بعدما أكملت انطلاقة ’رؤية السعودية 2030‘ ثمانية أعوام فهناك كثير يمكن أن يقال"، مضيفاً "خلال الأعوام الثمانية لم تحقق الرياض كثيراً من المستهدفات وحسب، بل استحدثت طرقاً عدة للتعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجها"، مؤكداً أن "هذا إصرار على تحقيق المستهدفات التي بالفعل بدأت تبرز إلى السطح".
وأوضح بوحليقة أن "القليل يلاحظ أن إعداد وهيكلة نسق جديد للإدارة المالية في السعودية انطلق حتى قبل أن تنطلق ’رؤية السعودية 2030‘ وكأن الحكومة كانت تمهد لتطبيق الرؤية بأسلوب ونهج جديدين في التعامل مع قضايا المالية العامة"، مشيراً إلى أن وظيفة المالية العامة في البلاد تحولت إلى منظومة كاملة بعد أن كانت متركزة وزارة المالية وحسب، إذ أصبح هناك سياق للخزينة العامة وآخر للاستدامة المالية، وسياقاً للتعامل مع الأمور المالية على المديين المتوسط والبعيد"، لافتاً إلى أن ذلك يظهر من خلال شفافية وحكومة مستقرة تبرز من خلال وثائق برنامج ما كان يسمى في السابق بالتوازن المالي والاستقرار والاستدامة المالية عبر التقارير ربع السنوية والسنوية التي تتزامن مع صدور الموازنة المالية للبلاد، إذ تتضمن توقعات متوسطة المدى سواء للنمو أو حتى على مستوى الإنفاق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"رؤية السعودية" أصبحت سردية
وقال بوحليقة إنه يجب ألا ينظر إلى "رؤية السعودية 2030" باعتبارها قضية اقتصادية وحسب، ولكنها نجحت أن تخلق سردية جديدة للسياق التام لما تسعى السعودية إلى تحقيقه، وهي سردية أصبحت أكثر اتساعاً وعمقاً"، موضحاً "في السابق كان الاقتصاد السعودي يعرف بأنه اقتصاد النفط وحسب"، مشيراً إلى أن "هذا ليس تقليلاً من شأن النفط بل له دوره مهم وفعال، وإدارة الحكومة السعودية لهذه الثروة النفطية وتوظيفها توظيفاً اقتصادياً واجتماعياً كان واضحاً جداً منذ نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، إذ بدأت الرياض باقتصاد بدائي إلى أن أصبح أحد اقتصادات مجموعة الـ 20، وهذا دليل واضح على النجاح الواضح لحسن إدارة ملف النفط قطعاً".
وتابع، "السردية اتسعت بعدما أصبح هناك شأن اجتماعي مهم يتعلق بالمرأة والانفتاح على العالم، فعلى سبيل المثال كان الحصول على تأشيرة لدخول السعودية للزيارة أو التجارة أو إنجاز عمل أو شراكة أمراً صعباً، أما الآن فالحصول عليها أمر يسير".
نهج مالي جديد
وأكد بوحليقة أن "الحكومة السعودية استبقت ’رؤية 2030‘ بنهج مالي جديد، إذ كان النسق السابق يعتمد على إيرادات النفط، فإذا زادت زاد الإنفاق وإن قلت تقلص الإنفاق، أما الآن ومنذ انطلاقة الرؤية فإننا نرى عملياً إنفاقاً حكومياً متسعاً بموازنات تريليونية عاماً بعد عام منذ عام 2018، مع تخصيص مزيد من الأموال للإنفاق الرأسمالي على رغم تحقيق عجز خلال بعض السنوات يمكن اعتباره اختيارياً، إذ إن الحكومة اختارت نهج الإنفاق وفق المتاح من الإيرادات ليكون هناك توازن تام بين المصروفات والإيرادات ولن تسجل الموازنة عجزاً، وأما النهج الآخر فهو الإنفاق بحسب الحاجات التمويلية للبرامج التنموية والحكومية بما يدعم "رؤية 2030"، وهذا النهج يطبق حالياً، إذ إن اتجاه الحكومة السعودية منذ عام 2018 نحو السياسة المالية التوسعية لتحقيق رؤية 2030 الطموحة بطبيعتها.
Listen to "السعودية نهج اقتصادي وفق رؤية بعيدة المدى" on Spreaker.