Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يوم تمدد عرفات ومدير الـ"سي آي أي" على الأرض

فجأة صرخ أبو عمار وبحضور مادلين أولبرايت ورئيس الأركان الإسرائيلي "كنت أكبر جنرال في الجيش المصري"

عرفات في مقره أثناء محاصرته من قبل الجيش الإسرائيلي في مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

ملخص

يتضح في عديد من مذكرات المسؤولين الأميركيين الذين تولوا ملفات المنطقة أنهم احتاروا في أمر "الختيار" (أحد ألقاب ياسر عرفات) وتعاملوا معه بصفته شخصية غريبة الأطوار

في الـ23 من فبراير (شباط) الماضي أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية أن إسرائيل دمرت منزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في قطاع غزة. عاش عرفات في هذا المنزل بين عامي 1995 و2001 قبل أن يستقر في رام الله، حيث دفن في ساحة مقر السلطة الفلسطينية عام 2004. هذا الرجل "ملأ الدنيا وشغل الناس" طوال عهده في السياسة، وبقي نقطة الارتكاز في القضية الفلسطينية على رغم كل التحديات التي واجهها داخل منظمة التحرير أو في علاقاته العربية والدولية.

ويتضح في عديد من مذكرات المسؤولين الأميركيين الذين تولوا ملفات المنطقة أنهم احتاروا في أمر "الختيار" (أحد ألقابه)، وتعاملوا معه بصفته شخصية غريبة الأطوار. وعلى رغم التوصيفات الدقيقة لمواقفه المعقدة ومعرفتهم المسبقة بأساليبه في المناورة، لم يستطع الأميركيون إيجاد مفاوض فلسطيني بديل، فكل قنوات التفاوض كانت تفضي بهم إلى القابع في مقر الرئاسة الفلسطينية المعروف باسم "المقاطعة".

يقول السفير الأميركي لدى إسرائيل مارتن إنديك إن الهم الوحيد الذي عقد العزم عليه الرئيس الأميركي بيل كلينتون قبل مغادرته البيت الأبيض كان الانتقام من ياسر عرفات، لأنه قدم "وعداً جازماً" لكلينتون بإبرام اتفاق نهائي في مفاوضات "كامب ديفيد" عام 2000 التي جمعته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك. ويظهر مدى حنق كلينتون أنه أوصى خلفه جورج بوش الابن بالحذر من "غدر عرفات".

بدوره، جورج تينيت مدير الـ"سي آي أي" كان من المسؤولين الأميركيين الذين "عوقبوا" بضرورة التفاوض مع عرفات، وفي كتابه "في قلب العاصفة" يورد حادثة وقعت في مقر إقامة السفير الأميركي لدى باريس عام 2000، إذ توجه موشيه يعالون رئيس الأركان الإسرائيلي إلى عرفات قائلاً وبالعربية، "الرئيس عرفات"، فاستشاط "أبو عمار" غضباً، وبحضور وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت صرخ، "نادني الجنرال عرفات، كنت أكبر جنرال في الجيش المصري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في يونيو (حزيران) عام 2001، وبعد ساعات مضنية من التفاوض في مقر عرفات في رام الله على ما دعي "خطة العمل"، التي تضمنت خطوات محددة تفضي إلى استئناف التعاون الأمني وتقوية وقف إطلاق النار وإعادة نشر القوات الإسرائيلية، كانت مسودات الخطة تخضع لجولات لا تنتهي من التعديلات، وكان عرفات يتنقل بين غرفة وجود جورج تينيت وغرفة نحو 30 مستشاراً فلسطينياً، حيث يعلو الصراخ والآراء المتضاربة. لم يعد تينيت قادراً على الجلوس بسبب الإنهاك ووجع الظهر فتمدد على الأرض، وفجأة دخل عرفات وتمدد إلى جانبه وقال، "أنا أفعل أيضاً ذلك عندما يؤلمني ظهري". مدير الـ"سي آي أي" يصف المشهد السوريالي "كان يتحدث وأنفه يبعد نحو سنتيمترين عن أنفي، وكان بوسعي أن أتكهن بما يفكر فيه مساعداي. عظيم، انهض عن الأرض قبل أن تظهر الكاميرات". كان جورج تينيت آخر مسؤول كبير يقابل عرفات قبل موته، وزاره لحثه على إصلاح الأجهزة الأمنية ووضعها تحت تسلسل قيادة واحد. وعلى رغم أن عرفات خيب مراراً الأميركيين، لكن تينيت يعترف بالقوة المعنوية لهذا الرجل، ففي مقطع من كتابه يقول "لقد كان عرفات بطل الثورة، وقائد الشعب. الحقيقة الوحيدة الصلبة التي لا يمكن اجتنابها أن عملية السلام لن تنجح من دونه، ولم يكن يريد لها أن تنجح في أي طريقة مقبولة لدى إسرائيل أو الولايات المتحدة. فكم من مرة تمنينا جميعاً أن يختفي. مع ذلك ما إن يخرج من الباب حتى يصبح الحديث عنه وحده".

غيب الموت عرفات وتدمر منزله في غزة أسوة بآلاف المنازل والمؤسسات، ولم تعثر القضية الفلسطينية بعد على رجل قادر وبالحد الأدنى على ترميم البيت الفلسطيني.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل