Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إصلاح "الفونوغراف" مهنة ترمم أصوات الزمن

عام 1877 اخترع توماس إديسون هذا الجهاز الذي عد ثورة في عالم الصوتيات

يرشد عزام زائريه إلى تاريخ الأجهزة الموجودة في المكان، ويفتخر بأنها ما زالت تعمل (اندبندنت عربية)

ملخص

لا تتجاوز أعداد تقنيي "الفونوغراف" أصابع اليد الواحدة في لبنان، وتشكل عملية إصلاحها مهمة مثيرة بسبب دقتها والجهد الكبير الذي تحتاج إليه

ثمانية عقود مضت على امتهان عائلة "زيني" في مدينة طرابلس (شمال لبنان) مهمة إصلاح أجهزة "الفونوغراف" التي شكلت ثورة في عالم الصوتيات خلال الربع الأخير من القرن الـ19. والتزمت الأجيال المتعاقبة مهمة الحفاظ على إرث توماس إديسون، وعلى استمرارية الأجهزة التي عدت في حقبة من الحقب إحدى صور الترف والبذخ في أوساط الطبقة المخملية قبل أن تصبح اليوم جزءاً من هوس محبي "الأنتيكات".

 

شغف بالتفاصيل

داخل ورشته في منطقة التل - طرابلس يجالس عزام زيني عدداً كبيراً من أجهزة "الفونوغراف" والراديوهات القديمة ويقضي ساعات طويلة لإصلاح الأجهزة القديمة، يفكر بصمت ويخطط وينفذ. يركب أجزاء صغيرة كان قد جمعها في وعاء قبل أن يعيش أحد انتصاراته المتجددة عندما يصدح صوت المذياع مجدداً.

تشكل مهمة إصلاح "الفونوغراف" أو "الغرامافون" مهمة صعبة لأنه يحتاج إلى قوة بدنية وتركيز، فهو يحوي قطعاً صغيرة ودقيقة، كما أن إعادة تشغيل الجهاز تتطلب في بعض الأحيان استيراد قطع من الخارج. ولا تقتصر عملية الإصلاح على الجانب الميكانيكي بوصفه جهازاً يعمل على المتوالية الميكانيكية وليس البطارية والطاقة الكهربائية، وإنما تتجاوزها إلى ترميم الصندوق والهيكل الخشبي الخارجي لإعادة "الفونوغراف" إلى سابق عهده قبل 100 عام.


يرشد عزام زائريه إلى تاريخ الأجهزة الموجودة في المكان، ويفتخر بأنها ما زالت تعمل، وفق صيغتها الأولى بعد أكثر من 100 عام على صناعتها. يفتش بين تشكيلته من الأسطوانات النادرة التي تشكل جزءاً من الذاكرة الصوتية للعالم العربي وحتى الموسيقى الغربية. يتناول أسطوانة للموسيقار محمد عبدالوهاب ويقوم بتشغيلها على مسامع الحاضرين، وهي تعد تجربة فريدة تختلف عن الأصوات والأغاني الحديثة التي تبثها الأجهزة الرقمية، ويعلق زيني قائلاً "أعادتني هذه الأسطوانة 50 سنة إلى الماضي".

يشكل تشغيل "الفونوغراف" عملية معقدة بالنسبة للإنسان المعاصر، يضع الأسطوانة، ويدير المقبض اليدوي، يضع الإبرة، فيصدح صوت يملأ المكان طرباً، والأمر نفسه ينسحب على الراديوهات القديمة ذات الصندوق الخشبي، والتي شكلت قفزة هائلة في عالم الصوتيات.

ويستقبل زيني في ورشته شرائح مختلفة من المجتمع، فيأتيه هاوٍ لجمع القطع القديمة والنادرة، ناهيك بمحبي الأسطوانات الأصلية القديمة، وأولئك الذين ورثوا قطعة قديمة عن أجدادهم، ويرغبون في إصلاحها للاستمتاع بتجربة فريدة.

 

تاريخ الصوتيات

يزدحم محل زيني بالأجهزة التي تختصر تاريخ الصوتيات التي تطورت من "الفونوغرافات" إلى أجهزة التسجيل والراديو المختلفة خلال قرن ونصف قرن من الزمن.

ويؤكد عزام أنه ورث هذا العمل الدقيق عن والده سالم الذي ورثها بدوره عن جده، وهو يقوم حالياً بتعليمها لأبنائه "أبهرت أجهزة الصوتيات الناس في حينه، قبل أن تأتي السيارات والعجلات لتحتل المشهد العام". ويضيف "لا يتجاوز أعداد الأشخاص الذين يحترفون إصلاح (الفونوغراف) عدد أصابع اليد الواحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هو يدرك أن هذه المهنة تحاول مقاومة تطور الزمن، إلا أنها تجربة شيقة للحفاظ على القطع النادرة متحدثاً عن "ضرورة تطوير الحرفي مهاراته ومواكبة العصر الإلكتروني، وقد استفاد كثيراً في هذا المجال من دراسة الهندسة الإلكترونية في فرنسا، والعمل التطبيقي"، كما يعمل على إصلاح بعض الراديوهات القديمة.

أجيال متعاقبة

يحاول عزام الحفاظ على إرث العائلة في إصلاح "الفونوغراف" من خلال تعليمها لابنه رشيد الذي يرافق والده في الورشة، ويعمل جاهداً للحفاظ على هذه المهنة مستذكراً حرفيين ماهرين، ولا سيما جورج كارتانيان ابن الأعوام الـ105 "والذي ما زال بكامل وعيه، بسبب عمله، فترة طويلة، في إصلاح (الفونوغرافات) التي تنشط الذاكرة".

ويؤكد رشيد أن "المهنة ممتعة، لكنها دقيقة للغاية"، كما أنها تفترض الحفاظ على سلامة الأغراض التي تمتلك قيمة معنوية كبيرة، سواء على مستوى تشكيلة الأسطوانات القديمة، أو حتى سلسلة الأجهزة الصوتية، التي يعد "الفونوغراف" أحد أهم عناصرها.

المزيد من منوعات