Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رفح" تضع علاقة إسرائيل بالقاهرة وواشنطن على المحك

الإدارة الأميركية غير راضية عن دخول الجيش المدينة ومصر ترفض سيطرة تل أبيب على المعبر ومراقبون يحذرون من "فخ" غزة

مركبات عسكرية إسرائيلية تعمل في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (رويترز)

ملخص

على رغم سيطرة إسرائيل على معبر رفح وغضب الولايات المتحدة ومصر من هذه الخطوة فإن جهات عدة تتوقع أن تعود تل أبيب وتجد مخرجاً لها من رفح قبل الوصول إلى نقطة اللارجعة في العلاقة مع واشنطن والقاهرة.

المشهد الذي حرص الجيش الإسرائيلي على ترويجه ليل سيطرته على معبر رفح وهو يحطم بمدرعته اللافتة الغزية، لم يسجل نقطة تفوق أو نجاح للجيش، بل لن يساعده على الحصول على صورة نصر لحرب تجاوزت الأشهر السبعة.

وتقف اليوم إسرائيل في ذروة أزمة تعوقها من تحقيق أهداف الحرب وتضعها أمام معضلات أولها الأزمة تجاه واشنطن، التي ساندت ودعمت إسرائيل من أول يوم في حرب "طوفان الأقصى" ووصلت الذروة في التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة ليلة الهجوم الإيراني على إسرائيل، ثم المعضلة الداخلية في تعميق الشرخ في المجتمع الإسرائيلي وتهديد الحكومة بالتفكيك مع عرقلة مفاوضات صفقة الأسرى، في وقت لم تضع فيه الحكومة بعد خطة لإنهاء الحرب ولا لليوم الذي يلي الحرب، تحديداً الاتفاق حول البديل لحركة "حماس".

ما تكشف بعد السيطرة على معبر رفح من حيث وضعية الجيش وقتاله أمام "حماس" والإنجازات التي يمكن تحقيقها من هذه السيطرة والأهم تداعياتها على العلاقة بين والولايات المتحدة وإسرائيل، والتي وصلت ذروتها في قرار واشنطن بوقف شحنة 3800 قنبلة للجيش الإسرائيلي، تضع تل أبيب في أزمة عميقة، إذ تؤكد التقارير العسكرية والأمنية أن الجيش لا يستطيع الاستمرار في قتاله جنوباً تجاه غزة وشمالاً تجاه لبنان من دون هذه الذخيرة الأميركية.

وتتوقع جهات عدة أن تعود تل أبيب وتجد مخرجاً لها من رفح قبل الوصول إلى نقطة اللارجعة في العلاقة مع واشنطن.

حالياً، بنيامين نتنياهو يواصل تحدي الرئيس الأميركي جون بايدن وبدلاً من البحث عن وسيلة لإعادة مسار العلاقة مع واشنطن والتفاهم والتنسيق وتليين موقفه ولو في واحدة من القضايا المختلف عليها من بين صفقة الأسرى أو رفح المدينة أو معبر رفح، اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية أن يدير ظهره للرئيس الأميركي وإدارته في واشنطن، وخلافاً للتقارير العسكرية والأمنية رد على موقف بايدن بأن "إسرائيل قادرة وحدها على دحر العدو حتى لو قاتلت بأظافرها".

وبحسب نتنياهو "في حرب الاستقلال قبل 76 عاماً، كنا قليلين ضد الكثيرين، ولم تكن لدينا أسلحة، وكان هناك حظر على الأسلحة على إسرائيل، ولكن بقوة أرواحنا وبطولتنا ووحدتنا في داخلنا، انتصرنا، واليوم نحن أقوى بكثير ومصممون ومتحدون لهزيمة أعدائنا وأولئك الذين يسعون إلى القضاء علينا، وإذا كان علينا أن نقف وحدنا، فسنقف، لقد قلت وأقول إذا لزم الأمر سنقاتل بأظافرنا".

بهذه الرسالة الاستعراضية لقدرات جيشه راح نتنياهو يتحدى واشنطن، مؤكداً أن السيطرة على معبر رفح والدخول إلى المدينة سيحققان أهداف الحرب بالقضاء على "حماس" ومنع تهريب الأسلحة إلى إسرائيل، بالتالي جراء هذا الضغط ستنكسر الحركة وتتنازل عن شروطها في صفقة الأسرى.

لكن نتنياهو لم ينجح حتى الساعة في إقناع الإسرائيليين بمواقفه وبقدرة الجيش على تحقيق أهداف حرب "طوفان الأقصى"، وأيضاً بادعاءاته لضرورة استمرار سيطرة الجيش على معبر رفح، تماماً كما لم يقنع الأكثرية بأنه لم ولن يقف عائقا أمام تنفيذ صفقة الأسرى. 

وانعكس هذا في استطلاعات للراي نشرت اليوم الجمعة، إذ عبر70 في المئة من الإسرائيليين عن عدم ثقتهم في حكومة نتنياهو، كما دلت الاستطلاعات أن قوته تراجعت أمام منافسه بيني غانتس المتوقع أن ينسحب حزبه من الحكومة الأسبوع المقبل، وحصل نتنياهو على 34 في المئة فقط مقابل 47 في المئة لغانتس. 

أما في حال الاستطلاع فإنه في حال أجريت انتخابات اليوم سيحصل معسكر ائتلاف حزب نتنياهو على 47 مقعداً، بينما ارتفع معسكر غانتس وأحزاب المعارضة إلى 68 مقعداً، وذلك من دون النواب العرب من "الجبهة الديمقراطية" برئاسة أيمن عودة و"العربية" للتغيير برئاسة أحمد طيبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سيطرة رمزية والأسلحة ستستمر في الوصول

إزاء ما يتكشف عن حقيقة سياسة نتنياهو وائتلافه الحكومي تجاه سير الحرب في غزة وصفقة الأسرى والخطوة التي وصفها البعض بـ"الانتحارية" بعد سيطرة الجيش على معبر رفح، وضع نتنياهو إسرائيل في مفترق إذا لم يعتدل بمواقفه ويتجه نحو مسار يضمن عودة الأسرى أحياء وفي أقرب وقت، وكذلك تعزيز العلاقة من جديد مع واشنطن، فستخرج تل أبيب من هذه الحرب خاسرة في الساحات العسكرية والسياسية الداخلية والدبلوماسية الخارجية، وتحديداً مع الولايات المتحدة ومصر.

الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي غيورا إيلاند قال "ما هي إلا سيطرة رمزية فلا يوجد ما يحققه الجيش من انتصار وإنجازات في سيطرته على معبر رفح وما صدر من صور ومشاهد خلال وبعد انتشار الجيش في المعبر لا تعكس إنجازاً قد يحسم في مصير هذه الحرب ولا حتى في تحقيق هدف تقويض القدرات العسكرية لحركة (حماس) بمنع تهريب الأسلحة".

وأوضح إيلاند أن ما يتم تداوله في إسرائيل والخارج يحدث حالة من البلبلة بين دخول رفح كمدينة والسيطرة على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، ويتابع "السيطرة على المعبر غير فعالة، وجميع الأبحاث والمناقشات والقرارات تؤكد أن إسرائيل لم ولن تدخل إلى المدينة رفح"، لافتاً إلى أن ما جرى الحديث حوله من خطة تبدأ بإخلاء 1.4 مليون فلسطيني ولو تدريجاً ثم السيطرة عليها للقضاء على الكتائب الأربع لـ"حماس"، وأن الضغط الأميركي سيمنع ذلك حتى وإن لم ينجح حتى الآن في منع الجيش من استمرار السيطرة على المعبر. 

ويرى الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وهو المطلع على سير الأبحاث وعلى وضعية معبر رفح، أن تلاعب واشنطن بمسالة شاحنات الأسلحة كوسيلة ضغط على إسرائيل قد تأتي بالنتيجة، ولكنه يؤكد أنه "على إسرائيل الانسحاب الفوري من معبر رفح لأن هذه الخطوة التي أدخلتنا في أزمة مع واشنطن لن تساعدنا في القضاء على (حماس) ومنع تزويد الحركة بالأسلحة".

وأضاف إيلاند، "تكمن أهمية السيطرة على المعبر بمنع دخول الشاحنات عبره إلى غزة، ولكن إذا أحكم الجيش سيطرته على المعبر أو حتى وصلت جهات أخرى لإدارته، فلن يتمكن أحد من منع تهريب الأسلحة، فلا مكان في المعبر لتفريغ الشاحنات وتفتيشها، بالتالي لن يكون أمام الجيش إمكانية لضبط الأسلحة، ولذلك السيطرة على رفح ليست إلا مسألة رمزية".

بدوره يحذر الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية عاموس جلعاد، من تداعيات استمرار السيطرة على معبر رفح، باعتبار أنها تؤدي فقط إلى تدهور العلاقة بين واشنطن ومصر، ويؤكد أنه "طالما لا توجد خطة سياسية واضحة تضع أفقاً قريباً لهذه الحرب سنبقى في وضع سيئ جداً، مضيفاً "على كل واحد منا أن يفهم أن غزة منطقة كارثية وخطرة بالمطلق، والجيش لا يمكنه تحمل مسؤولية السيطرة لا على القطاع ولا حتى معبر رفح أو محور (فيلادلفيا)، ولن نخرج بنتيجة، بل هذه العمليات ستسهم في تورطنا أكثر في وحل غزة".

ويجمع أمنيون أنه مهما كانت النتيجة التي يمكن تحقيقها من السيطرة على محور رفح تجاه "حماس" فإنه "لا شيء يساوي الحفاظ على الحلف مع أميركا". 

فقدان الضغط المصري على "حماس"

منذ أكثر من أسبوع من سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، أجريت محادثات بين أمنيين ومهنيين أميركيين ومصريين وإسرائيليين حول الجهة التي ستدير معبر رفح إلى حين وصول جهة بديلة لإدارة الحكم في غزة بعد "حماس"، ورفض الإسرائيليون اقتراحاً مصرياً بأن تديره السلطة الفلسطينية وبقي على طاولة البحث مقترحاً مقبولاً على الأطراف، وبموجبه تنتقل المسؤولية عن المعبر إلى شركة أمنية أميركية خاصة، أعضاؤها عناصر سابقون في وحدات النخبة بالجيش الأميركي.

ولكن إلى حين تنفيذ هذا القرار يبقى إغلاق المعبر ومنع دخول شاحنات المساعدات إلى غزة، من دون موعد لانسحاب الجيش الإسرائيلي منه، يضاعف الأزمة حتى مع مصر.
وفي تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اعتبر سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني في معبر رفح تحيد بصورة كبيرة أداة الضغط الأساس التي كانت لمصر على "حماس"، وبحسب هذا التقرير فإن معبر رفح قبل الحرب كان يستخدم كممر مفتوح للبضائع والأشخاص، ومنح "حماس" وسيلة سيطرة قوية على حياة السكان في غزة، إلى جانب أنه "مصدر دخل بفضل الرسوم التي كانت تجبيها الحركة مقابل كل تصريح خروج ودخول، وتهديد مصر بإغلاق المعبر وليس السيطرة الإسرائيلية كان له وزن ثقيل حتى على سلوك (حماس) أمام إسرائيل، لكن بعد سيطرة الجيش عليه الوضع اختلف".

من جهته يرى الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، تامير هايمان، أن السيطرة على المعبر واحتلال رفح لا يضمن النصر الكامل ونصح متخذي القرار بالسلوك نحو خطوات تحقق الأهداف لأن "خلق توقعات مفرطة حول هذا الموضوع ليس مفيداً".

وقال هايمان إن "حدود قطاع غزة ومعبر رفح إنجازان في غاية الأهمية، في حين أن تفكيك الكتائب المستمر له أهمية ثانوية، وذلك لأنه حتى بعد تفكيكها وبعد تدمير (حماس) في رفح، إذا لم نقرر السلطة الحاكمة التي ستحل محل الجيش الإسرائيلي هناك، فيجب أن نتوقع أن نشعر بخيبة أمل مرة أخرى بعد انسحابنا وبعد استعادة الحركة السيطرة هناك".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير