Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتفوق السويد على أميركا في عدد أصحاب المليارات؟

كيف تمكن بلد اقتصاده ذي ضرائب مرتفعة من إنشاء بيئة حيث يزدهر أصحاب الثروات الضخمة ويسعدهم البقاء؟ يلقي كريس بلاكهرست نظرة فاحصة على موطن بعض أكبر الشركات في العالم من "سبوتيفاي" إلى "أيكيا" و"أتش أند أم" لاستخلاص الدروس

إنه عالم الرجل الغني: تبين أن فرقة "أبا" كانت على حق في شأن المال والسعادة ("موفي ستور"، "أبا")

ملخص

السويد تغرد خارج سرب الدول وتنجح في الجمع بين معدلات ضريبية مرتفعة واستقطاب أصحاب الثروات

نهاية الأسبوع الماضي، بدأت "سبوتيفاي" عملاً جاداً. كان وقت "يوروفيغن" قد حان، وكان من المقرر أن تكون مسابقة الأغنية السنوية أكبر من أي وقت مضى، فتحطم أرقام المشاهدة والبث القياسية كلها. شاهدت الجولة النهائية الكبيرة التي استضافتها ليفربول العام الماضي 162 مليون شخص. اليوم التالي، بثت المشاركة الفائزة، "تاتو"، للمغنية السويدية لورين، 4.2 مليون مرة، متقدمة بهامش كبير على أعلى حصيلة سابقة عام 2021.

أصبحت لورين أول امرأة تفوز بالمسابقة مرتين. من المناسب إذا أن يعيد انتصارها المنافسة إلى السويد – البلد الذي تأسست فيه أيضاً "سبوتيفاي" على أيدي دانيال إيك ومارتن لورنتزون عام 2006. اليوم، لدى الشركة نحو 250 مليون مشترك، ما يجعل مبدعيها هذين من أصحاب المليارات.

يعد إيك ولورنتزون مكرسين وراسخين في صفوف أصحاب الثروات الضخمة في السويد. وهما من بين 43 "مليارديراً ثروتهما مقيمة بالدولار"، وفق "فوربس"، يتحدرون من بلاد يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة فحسب. على خلاف ذلك، تضم الولايات المتحدة عدداً أكبر كثيراً من أصحاب المليارات – 813 مليارديراً – لكن نظراً إلى كونها موطناً لـ342 مليون شخص، تضم السويد عدداً أكبر من أصحاب المليارات في مقابل كل فرد: أربعة أصحاب مليارات لكل مليون نسمة، في مقابل اثنين في الولايات المتحدة لكل مليون.

ويوجد في بريطانيا 55 مليارديراً من أصل 67 مليون شخص، مما يعطي معدلاً يساوي نحو ملياردير لكل مليون نسمة في مقابل أربعة لكل مليون في السويد.

إذا غيرنا المعيار، يعد أصحاب المليارات المقيمة ثرواتهم بالكرونة مئات عديدة. في آخر إحصاء، عام 2021، كانوا يمتلكون ما يعادل 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسويد. وفي الواقع، تتمتع السويد بتركيز للثروة تفوح منه رائحة الملاذ الضريبي، على غرار موناكو أو قبرص، أكثر من كونها بلاداً متنوعة وشاملة تماماً وليبرالية بصرامة.

لكن المظاهر خادعة. تحتضن السويد أصحاب المليارات (الذكور البيض إلى حد كبير) بقدر ما تحتضن الأشجار. هي تحبهم وتفخر بإنجازاتهم وبوضعهم السويد على الخريطة العالمية من خلال إنشاء شركات عالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هم، في الغالب، يعملون في التكنولوجيا. كثيراً ما كانت السويد متقدمة في مجال الكمبيوترات، إذ تقدم حوافز مالية إلى الأشخاص الذين يشترون كمبيوترات منزلية ما ضمن معرفة واتصالاً في هذا الصدد يفوقان بكثير إياهما في عديد من البلدان الأوروبية المجاورة لها. ليس من قبيل المصادفة أن السويديين الذين انضموا إلى أصحاب الثروات الضخمة على مدى العقدين الماضيين، يعمل جميعهم تقريباً في مجالات على علاقة بالإنترنت ("سبوتيفاي" و"سكايب" و"كلارنا" و"تينك"). لكن ثمة بلدان أخرى بارعة في التكنولوجيا – في الواقع، تحب المملكة المتحدة أن تعد نفسها قوة تكنولوجية – ولا تضم كثيراً من أصحاب المليارات.

من المؤكد أن هناك شريحة من قائمة الأثرياء السويديين لا يدين أعضاؤها بثرواتهم إلى الإنترنت – أشخاص مثل ستيفان بيرسون مالك "أتش أند أم"، وآل راستينغ مالكي "تيترا - لافال"، وبيرتيل هالت مالك "التعليم أولاً"، وآل كامبراد أصحاب "أيكيا". وتتخصص هذه الشركات في الموضة السريعة، وعلب المشروبات، والتدريب اللغوي، والأثاث القابل للتجميع – لا تلوح أي شركة تكنولوجيا في أفقها.

الأمر البالغ الدلالة حقاً هو أعمارهم. لا أحد منهم شاب. يتميز الأغنياء السويديون بطول العمر، وبرئاسة شركات عائلية، وبعدم الانجذاب إلى أسواق الأسهم الأجنبية ومشتري الشركات المقيمين في الخارج. هذا عكس التجربة البريطانية تماماً، إذ كثيراً ما اختار مؤسسو الشركات ذات المكانة والوعد المماثلين الإدراج في [الأسواق الخارجية] الخارج أو باعوا شركاتهم إلى أصحاب مليارات أجانب يبحثون عن فرص.

حتى في عالم التكنولوجيا، رعت السويد العشرات من "الشركات الأحادية القرن" – أي الشركات التي تنمو لتصبح قيمتها أكثر من مليار دولار. ومع ذلك، اختارت هذه الشركات في كثير من الأحيان الصمود – لم تعرف الاستسلام ولا الاستغلال.

يقدر السويديون بلدهم. وأي شيء فيه لا يثير الإعجاب؟ هو جميل، وغير مزدحم، ونظيف، وأخضر. هناك مجال للتنفس والتوسع والاسترخاء.

وفيه أكثر من ذلك. قد يكون معزولاً نسبياً في شمال أوروبا، لكن السويديين كثيراً ما يتحدثون الإنجليزية بإتقان على غرار البريطانيين، وتتمتع السويد بأسرع شبكة واي فاي واتصالات. لا يحتاج السويديون إلى الانتقال [إلى الخارج].

ثقافتهم ثقافة أكثر تبادلاً وتعاوناً أيضاً. قد يملك إيك ولورنتزون مليارات عديدة، وقد يكونان ناجحين جداً، لكنهما لا يزالان يتمتعان بروح الزمالة ويواصلان التحدث بروح الصداقة، عن "سبوتيفاي" وأي شيء آخر، كل يوم.

تشهد هذه البيئة التعاونية مساعدة رواد الأعمال البارعين أولئك الذين هم في طريقهم إلى الأعلى، وتقديمهم المشورة إليهم، واستثمارهم في أفكارهم. إنها بيئة أكثر ليونة وأقل عدوانية. قلما يحبذ السويديون الأثرياء مبدأ استيلاء الفائز على كل شيء، ويميلون إلى قيادة سيارة "فولفو" قديمة بدلاً من سيارة فاخرة أو الإبحار في يخت فاخر، ويقدرون أن يكونوا طبيعيين ومجهولي الهوية، وأن يقضوا عطلة هادئة في جزيرة في بحر البلطيق.

بالطبع، يختار البعض السير في الطريق السريعة، لكن كثيرين منهم لا يفعلون ذلك. ذلك أن السويد تمنحهم كل ما يحتاجون إليه.

السوق المحلية صغيرة، لكن هذا مفيد – تتعلم الشركات السويدية ذات الحيوية المبكرة كيفية التصدير والاتجار دولياً. البلد صغير بما فيه الكفاية أيضاً، ليؤدي دور سوق صغيرة، دور أرض اختبار لمنتجات جديدة. فشل اختبار كهذا في السويد لا يهم، فلن يلاحظ أحد، فشله في مكان آخر، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، سيؤدي إلى كارثة.

لكن السويد ليست معروفة بحكوماتها المحبة للأثرياء، ليس علناً. يدفع السويديون ذوو الدخل المرتفع بعضاً من أعلى ضرائب الدخل الشخصي في أوروبا، تفوق 50 في المئة بكثير. ويكون ذلك عادة كافياً لانتقال عديد إلى نظام يفرض نسباً منخفضة من الضرائب، لكن الحكومات السويدية تستميل الأثرياء بهدوء بطرق أخرى، فألغت الضرائب على الميراث والثروة وفرضت رسوماً منخفضة على الأرباح من مبيعات الأسهم وأرباح الأسهم. يتبنى السويديون وجهة نظر براغماتية مفادها بأن الضرائب الثقيلة لن ينتهي بها المطاف إلا إلى تجنبها والتهرب منها.

والنتيجة هي أن أصحاب المليارات يشعرون بأنهم موضع ترحيب، فلا يحرجون فيخرجون. في الواقع، الجو دافئ للغاية إلى درجة أن أصحاب مليارات أجانب اختاروا أيضاً الاستقرار في السويد.

هذا، وجعلت أسعار الفائدة المنخفضة على مدى العقد الماضي كلفة اقتراض الأموال متدنية. مرة أخرى، يستخدم السويديون النقود بحكمة واعتدال، ويستثمرون في أعمال أخرى متنامية.

كذلك يؤمن السويديون بإعادة شيء من المكاسب إلى المجتمع. هم مستثمرون رئيسون في الشركات الناشئة ذات الأثر – الشركات التي تهدف إلى إفادة المجتمع. يصب نحو ثلاثة أرباع استثمارات الشركات السويدية الناشئة في شركات ذات أثر [مؤثرة وتخلف بصمة اجتماعية أو بيئية] – على العكس تماماً من تجربة المملكة المتحدة، كما يتضح من المسلسل التلفزيوني الناجح، "وكر التنانين"، إذ التركيز على العوائد المربحة واستراتيجيات التخارج المربحة [مراكمة الأرباح].

إذ اجتمعت الحشود في مالمو نهاية الأسبوع الماضي، ربما كررت أغنية لفرقة سويدية فازت سابقاً في "يوروفيغن". ألم تغن فرقة "أبا"؟ "المال، المال، المال/ مشرق دائماً/ في عالم الرجل الغني". في سياق السويد الحديثة، كانت الفرقة على حق.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير