ملخص
يرى مراقبون كويتيون أنه من المفترض أن يحصل "انسجام بين المواطن والحكومة الجديدة إذا تحركت المشاريع المعطلة التي كانت الحكومة تقول إن البرلمان يعطلها، والآن البرلمان غير موجود".
أعلن أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر خريطة طريق المرحلة المقبلة الداخلية والخارجية، وذلك خلال كلمة وجهها للحكومة الجديدة التي يترأسها الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، عقب أداء اليمين الدستورية أمامه اليوم الأربعاء.
وطالب الشيخ مشعل الحكومة الجديدة بتحديد أولوياتها ووضعها وفق خطة عمل وجدول زمني محددين، مع توحيد الجهود وتسخير الطاقات، وكذلك التركيز على "متابعة الميدان بجولات تفقدية مستمرة".
ووجه أمير الكويت الوزراء بالإسراع في تنفيذ مشاريع استراتيجية تنموية ومعالجة ملفات البنية التحتية، وتطوير الرعاية الصحية والسكنية والتعليم، مع مراعاة "الشفافية والمحافظة على المال العام"، كما طالبهم بتطوير القطاعات الاقتصادية والاستثمارية كافة، وصولاً إلى اقتصاد مستدام واستثمار الثروة البشرية، وكذلك تعزيز الابتكار والبحث العلمي، وتحسين بيئة الأعمال والخدمات الحكومية، والتحول الرقمي في الخدمات المقدمة منها.
وعلى المستوى الخارجي شدد أمير الكويت على أهمية العمل على الملفات التي من شأنها "تعزيز أواصر العلاقات الدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، وترسيخ الدور الإنساني للبلاد".
إنهاء المشهد المضرب
ويرى أمير الكويت أن حل مجلس الأمة المنتخب قبل أقل من شهرين خطوة على طريق إسدال الستار على المشهد السياسي المضطرب في البلاد الذي تناوب عليه النواب والحكومات المتتالية.
وبموجب المرسوم الأميري رقم 16 لعام 2024، جرى حلّ مجلس الأمة الكويتي وتعليق سبع مواد دستورية، من بينها المادة (107) التي تنص على أن "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبيَّن فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حُل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجرَ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكُن، ويستمر في أعماله إلى أن يُنتخب المجلس الجديد"، إضافة إلى تعليق المادة (181) التي تنص على أنه "لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون، ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الأمة في أثناء ذلك أو المساس بحصانة أعضائه".
وبموجب تعليق هاتين المادتين حصر أمير الكويت إدارة البلاد تحت قيادته وصلاحياته مجتمعة وصلاحيات الحكومة الجديدة الـ46 التي تشكلت برئاسة الشيخ أحمد العبدالله الجابر الصباح وفقاً للمرسوم الأميري رقم (73) والتي تضم 11 وزيراً ووزيرتين.
وكان مجلس الأمة الكويتي المنتخب تدخّل في الـ22 من أبريل (نيسان) 2024 في صلاحيات أمير البلاد لدى تعيينه الشيخ أحمد العبدالله رئيساً للحكومة، مما شكل سبباً مباشراً لحلّه وتعليق الدستور، خدمة لرؤية الأمير الجديد بمكافحة الفساد وإطلاق عجلة التنمية المستدامة في البلاد، وأبرز عناصرها التنمية الاقتصادية والسياسية وحفظ الأمن القومي وهيبة القضاء والهوية الوطنية للشعب الكويتي، وتواجه الحكومة الجديدة مزيداً من التحديات الداخلية الشعبية الوطنية والخارجية الاقتصادية والأمنية.
مستقبل المشاريع
من جهته، رأى المحلل الاقتصادي الكويتي عواد العاصي لـ"اندبندنت عربية" أنه "سيكون هناك انسجام بين المواطن والحكومة الجديدة إذا تحركت المشاريع المعطلة التي كانت الحكومة تقول إن البرلمان يعطلها، والآن البرلمان غير موجود، وما يهم المواطن هو صرف بدل غلاء المعيشة، وأن تُحل قضية إسقاط القروض، وعلى الحكومة حل هذه القضية بوضع وديعة مليارية من مليار إلى أربعة مليارات في المصارف وأرباح هذه الوديعة تُسدد لقروض المواطنين، من دون أن ينقص شيء من رأس المال المودع". وأقر بأن "هناك ملفات عطلها البرلمان بتفاوتها وعدم التنسيق مع الحكومة وظلّت معطلة، منها تحسين غلاء المعيشة وإصلاح الطرق والاهتمام في البنية التحتية والصحة والتعليم"، مشيراً إلى أن "لا تراجع اقتصادياً بعد حل مجلس الأمة الكويتي، ومن المفترض أن تتحسن موازنة الدولة، وإن كانت الحكومة جادة ومخلصة سنشهد نمواً للخطة الخمسية، وتشمل تطوير الجزر والإسراع في إنجاز ميناء مبارك ليكون له مردود قوي في المال العام، وبناء مستودعات شمالية في البلاد،وتنشيط السياحة وفرض الضرائب على الشركات وضرائب على تحويلات الوافدين، وإنجاز المطار الجديد بخطة مستقبلية لاستيعاب 40 مليون سائح خلال خمسة إلى 10 أعوام".
لحظة إعلان #أمير_الكويت حل #مجلس_الأمة لـ 4 سنوات ووقف العمل ببعض مواد الدستور #الكويت#نكمن_في_التفاصيل pic.twitter.com/k0ohsttQm0
— Independent عربية (@IndyArabia) May 10, 2024
وأكد العاصي أن "خطة الأمير هي أن تكون الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً، وتحقق هذا في بورصة الكويت التي جلبت أموالاً مليارية من الخارج من الصناديق الأجنبية، وصلت إلى 100 مليون دولار. وهذا تنشيط لجانب التداول النقدي في البلاد، وفي ظل تعليق مجلس الأمة لن تكون هناك بيروقراطية وتعطيل للمشاريع التنموية في الكويت".
لا أعذار
في سياق متصل، قال الباحث السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع لـ"اندبندنت عربية" إن "البرلمان حُل وعُطلت الحياة النيابية لأربعة أعوام مقبلة، وأوقِفت بعض مواد الدستور، وأصبحت الحكومة وجهاً لوجه مع التشريعات النيابية التي يختص بها البرلمان ولم يعُد هناك ما تتعلل به الحكومة أو تعتذر، وبذلك هي مسؤولة أمام الأمير والشعب الكويتي في ما يتعلق بالأوضاع الداخلية والخارجية والتشريعية والتنفيذية، ومن ثم عليها أن تتحمل هذه المسؤولية منفردة فليس هناك من يساندها إلا خبراء الاختصاص أو ما شابه ذلك".
القضايا الحدودية
وفي حديثه عن حقل الدرة النفطي، وهو ملكية مشتركة بين الكويت والسعودية، رأى المناع أن "لا إيران ولا غير إيران لها في هذا الحقل، وعلى الحكومة التصدي للادعاءات الإيرانية من ناحية استعراض القوة أو اللجوء إلى المنظمات الدولية في هذا الاختصاص"، مستطرداً أنه "للأسف بعد 10 أعوام ألغت المحكمة الاتحادية في العراق الاتفاقية الدولية البحرية بين الكويت والعراق، خور عبدالله، وعطل الجانب العراقي العمل، وأتمنى أن تجد الحكومة الكويتية منافذ لإلزام الحكومة العراقية بما وقعت عليه من اتفاقيات بين البلدين، والتراجع عن قرار المحكمة الاتحادية العليا بإلغاء هذا الاتفاق بحجة عدم حصوله على غالبية الثلثين في تصويت البرلمان، وسبق للمحكمة نفسها رفض الادعاء بعدم شرعية الاتفاق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح المناع أن "الحكومة الجديدة تحت نظر الأمير، وهو الرقيب الأول على أعمال الحكومة ومتابعتها بصورة مباشرة والشعب يواكب من خلال الإنجازات"، مضيفاً أن "على الحكومة الجديدة أن تبذل جهدها لتسعد الناس، وتحل مشكلاتهم حتى لا يتذمروا ويطالبوا بعودة الحياة النيابية، مثلما حدث في أعوام 1976-1981 و1986-1990، وعلى الحكومة أن تستعد لمواجهة المستقبل منفردة من دون إسناد من البرلمان ولا عذر بالرجوع إلى البرلمان عن بعض المتطلبات التي قد تأتي إلى الحكومة".
وينص الدستور الكويتي على ألا يزيد عدد الوزراء عن ثلث عدد النواب (أي ألا يزيد على 16 وزيراً)، ويُحسب رئيس مجلس الوزراء ضمن العدد المذكور للوزراء، فيعدّ رئيس الحكومة بذلك عضواً في مجلس الأمة بحكم منصبه.