تصوّر جماعات اليمين المتطرف في بريطانيا وستتبادر إلى ذهنك صورةٌ لرجال في منتصف العمر وهم يشاركون في مظاهرة، ربما لمجموعة كرابطة الدفاع الإنكليزية أو الحزب الوطني البريطاني.
غير أن وجه التطرف اليميني في المملكة المتحدة - كما حذرت شرطة مكافحة الإرهاب الآن – بات يتغير وقد أصبح أكثر صغرا وخبرة في العالم الرقمي.
لقد كشف ضباط الشرطة أنهم أجروا تحقيقات مع يافعين لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا بسبب علاقتهم مع حركات النازيين الجدد، التي يتعمد قادتها اصطياد أصحاب العقول الضعيفة المعرضة لخطابهم السام.
يقول أحد الضباط الذين حققوا مع مجموعة العمل الوطني المحظورة "إننا نرى على نحو متزايد تواجد أشخاص على أطراف هذه المجموعات أو من هم معرضين للخطر من قبلها ممن لديهم نقاط ضعف واحتياجات أخرى معقدة، سواء تعلق ذلك بالعمر أو الصحة العقلية أو أي شيء آخر."
وفي أعقاب ظهور ما سمي بـ"التجنيد في غرف النوم" على مستوى العالم من قبل داعش، تعمل الجماعات اليمينية المتطرفة الآن على التواصل مع شباب لم يسبق أن تواصلوا في العالم الحقيقي بالأيديولوجية التي يناصرونها.
من بين هذه التنظيمات هناك مجموعة العمل الوطني التي أطلقها هي نفسها عدد من الطلاب، وكانت تستهدف الجامعات بالحملات الدعاية، قبل أن تحظرها الحكومة كمنظمة إرهابية.
كان اثنان من مؤيديها السابقين لا يبلغان من العمر سوى 18 و19 عاما، وقد ألقي بهم في السجن في وقت سابق من هذا العام بسبب التحريض على هجمات إرهابية كجزء من جماعة منشقة من النازيين.
وهناك أيضا مجموعة جيل الهوية للقوميين البيض في أوروبا التي ألهمت مطلق النار في مسجد كرايست تشيرتش بنيوزيلندا. تقدم هذه المجموعة نفسها كحركة للشباب، تسخر جهودها ببراعة على الانترنت لتجنيد من هم في سن المراهقة وفي أواخر العشرينيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما يستمر اليمين المتطرف في تنظيم احتجاجاته التقليدية في الشوارع بانتظام، لا سيما حول قضية البريكست، تقول الشرطة إن الخطاب الأكثر تطرفاً يتم التعبير عنه بشكل متزايد على الإنترنت في المنتديات ومجموعات الدردشة الآمنة.
يقول المفوض المساعد نيل باسو، رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة، إن المجموعات التي تنتمي إلى مختلف ألوان طيف القومية الثقافية وعقيدة تفوق البيض والنازية أصبحت الآن تنتمي إلى "القرن الواحد والعشرين وتتمتع بخبرة رقمية."
وفي إشارة إلى تنامي الشعارات في دعاية التطرف، قال باسو إنه يتم تصميم المواد على نحو يجذب الجيل الأصغر من المتابعين. وأضاف أن "هذا يبعث على القلق، لأنهم بارعون للغاية في الدعاية، وقد طوروا الكثير منها بعد ملاحظة مدى نجاح داعش" في الأساليب نفسها.
وتحتوي العديد من المنصات الأساسية المستخدمة في الدعاية اليمينية المتطرفة على قاعدة شابة من المستخدمين، وقد لا تبدو مثيرة للقلق في النظرة الأولى بالنسبة للآباء.
في هذا الإطار، تُعرف مواقع "شان" سيئة السمعة، التي استخدمها مهاجمو كرايستشيرش وإلباسو وبوواي لنشر بياناتهم الهجومية، بنشر الشعارات والنكات المفهومة على نطاق ضيق للتشكيك في صدقية العنصرية والعنف الذي يتم اعتناقه.
في غضون ذلك، دفعت حملات التضييق الصارمة من قبل فيسبوك وتويتر ويوتيوب على خطاب الكراهية العديد من المتطرفين إلى الانتقال إلى منصات ملائمة مثل غاب وتلغرام، التي من غير المرجح أن يشاهدها أشخاص خارج المجموعة.
من داخل هذه المجموعات تتزايد الروابط الدولية، حيث كشفت الشرطة وجود اتصالات بين المتطرفين البريطانيين والموجودين في كندا والولايات المتحدة وأستراليا والدول الاسكندنافية وأوروبا الشرقية وألمانيا وأميركا الجنوبية وأماكن أخرى.
لكن باسو يقول إن التهديد الإرهابي الأكبر يأتي من "الفاعلين المنفردين" من أي فئة عمرية، الذين يمكن إغواؤهم على الإنترنت في غضون أسابيع. وعن الحلول الممكنة، أشار إلى أنه "من المستحيل أن نخرج من المشكلة فقط عن طريق الاعتقال، وأنه لا يمكننا النجاح بدون دعم الجمهور".
ودعا المزيد من الناس إلى الإبلاغ عن الأقارب والأحباء لدى برنامج "بريفنت" لمكافحة التطرف إذا رأوا أنهم ينجرفون إلى التطرف.
"ليس من الصواب أننا نقوم باعتقال نازيين في 16 من العمر في هذا البلد، لذا أود لو أننا تدخلنا قبل ذلك بوقت طويل دون الاضطرار لإشراك أجهزة إنفاذ القانون والأمن."
© The Independent