ملخص
أثار وضع قادة منتخبين ديمقراطياً رأساً برأس في موازاة قيادات حركة محظورة وتصنفها دول غربية كثيرة بأنها منظمة إرهابية غضباً شديداً في إسرائيل وجعل نتنياهو ينعم في الأقل موقتاً بدرجة ما من التضامن الداخلي
اعتبر بنيامين نتنياهو واحداً من أكثر الزعماء إثارة للاستقطاب في تاريخ إسرائيل قبل فترة طويلة من إعلان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أمس الإثنين طلب إصدار مذكرة اعتقال في حقه في شأن جرائم حرب محتملة بغزة، لكن في عالم السياسة الإسرائيلية المضطرب أثار هذا الإعلان موجة من التضامن مع رئيس الوزراء الذي يكتنف الغموض مستقبله السياسي مع دخول الحرب في غزة شهرها الثامن.
ونتنياهو لاعب سياسي لا مثيل له، سواء في حلبة السياسة الإسرائيلية التي يتصارع فيها المتنافسون بخشونة أو في ساحة الدبلوماسية الدولية التي ظلت لكنته الأميركية في نطق اللغة الإنجليزية علامة بارزة فيها على مدى عقود، لكن الرجل الذي كان يطلق عليه أنصاره ذات يوم لقب "الملك بيبي" أصبح يعيش في أجواء عدائية بصورة متزايدة.
وتضررت بشدة صورة نتنياهو باعتباره من الصقور بسبب هجوم مسلحي حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وحمله معظم الإسرائيليين مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سمحت بوقوع أعنف هجوم في يوم واحد منذ إعلان قيام الدولة قبل أكثر من 75 عاماً.
وظهر إلى العلن انقسام حول إدارة الحرب بينه وبين مجموعة من الجنرالات السابقين، بما في ذلك وزير الدفاع، الذين طالبوه بشرح أهدافه الاستراتيجية للحرب. ويجد نتنياهو صعوبة في الحفاظ على تماسك ائتلافه في زمن الحرب، ويبدو أن عزلته تتزايد.
وأصيب المجتمع الإسرائيلي بصدمة بسبب نطاق عمليات القتل التي وقعت في السابع من أكتوبر وقصص الوحشية وصور العنف في المجتمعات المحلية بجنوب إسرائيل، إذ قتل نحو 1200 وتم احتجاز نحو 250 كرهائن، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
ووضعت غزة، التي أصبحت أرضاً خراباً، إسرائيل تحت ضغوط دولية أشد وطأة مما واجهته على مدى عقود، بما في ذلك من الولايات المتحدة، الحليفة الأوثق ارتباطاً بإسرائيل.
وينظر مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية في اتهامات بالمسؤولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في هجوم "حماس" على إسرائيل وفي الرد العسكري الإسرائيلي المتواصل الذي أسفر عن مقتل أكثر من 35 ألف شخص في غزة.
وحالياً، هناك ما يكفي في إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليجعل الإسرائيليين، بما في ذلك منافسه الرئيسي المحتمل وحتى المعارضة، يتكاتفون للدفاع عن رئيس الوزراء ضد ما وصفه الرئيس إسحاق هرتسوغ بأنه "تحرك من جانب واحد" اتخذ بسوء نية.
ووصف نتنياهو نفسه الإعلان بأنه "عبثي" وقال إنه موجه ضد إسرائيل بأكملها، وإنه هو مثال على "معاداة جديدة للسامية"، قال إنها انتقلت من الحرم الجامعي إلى النظام القضائي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إضافة إلى نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، ينظر المدعي العام في اتخاذ إجراءات ضد ثلاثة من قادة "حماس"، بمن فيهم يحيى السنوار، زعيم "حماس" في غزة وأحد العقول المدبرة الرئيسة لهجوم السابع من أكتوبر.
وأثار وضع قادة منتخبين ديمقراطياً رأساً برأس في موازاة قيادات حركة محظورة وتصنفها دول غربية كثيرة بأنها منظمة إرهابية غضباً شديداً في إسرائيل وجعل نتنياهو ينعم على الأقل موقتاً بدرجة ما من التضامن الداخلي.
أطول فترة خدمة لرئيس وزراء
سيطر نتنياهو، وهو عضو سابق في قوات النخبة الخاصة التي نفذت بعضاً من العمليات الأكثر جرأة في إنقاذ الرهائن، على السياسة الإسرائيلية عقوداً، وأصبح رئيس الوزراء الأطول بقاء في المنصب حين فاز بولاية سادسة لم يسبقه أحد في بلاده إليها في 2022.
وكان تحالفه مع الأحزاب الدينية القومية اليمينية المتشددة عاملاً أساساً في فوزه، وواجه بعضاً من أكبر الاحتجاجات في تاريخ إسرائيل العام الماضي بسبب حزمة من الإجراءات استهدفت تقليص صلاحيات المحكمة العليا، مما أثار اتهامات بأنه يقوض الأسس الديمقراطية للبلاد، لكن على رغم ضراوة معارك التعديل القضائي، سيطغى على سجله على الأرجح هجوم السابع من أكتوبر والحملة الإسرائيلية اللاحقة في غزة التي سببت دافعاً للخطوة التي اتخذها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وتضررت شعبية نتنياهو (74 سنة) بصورة أكبر بسبب محاكمته باتهامات فساد ينفيها. ويرفض تحمل المسؤولية الشخصية عن أحداث السابع من أكتوبر. واكتفى بالقول إنه سيتعين على الجميع الإجابة عن أسئلة صعبة حين تنتهي الحرب مع "حماس" ورفض الدعوات للاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة.
وعلى رغم وصف الرئيس الأميركي جو بايدن لإعلان المحكمة الجنائية الدولية بأنه "مشين"، فإنه يضيف عقبة دولية أخرى أمام إسرائيل للتفاوض.
وجددت الحرب في غزة التركيز على توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وعززت الدعوات لإحياء عملية السلام مع الفلسطينيين التي طالما عارضها نتنياهو، والتي يعدها حلفاؤه اليمينيون المتشددون "لعنة".