ملخص
يعد رضوان تاغي، ذو الأصول المغربية، رئيساً لإحدى كبرى عصابات تهريب الكوكايين في هولندا، وحتى اعتقاله في دبي عام 2019 كان أكثر المجرمين المطلوبين وواصل إدارة عصابته من داخل السجن.
في قلب أوروبا تنشط عناصر مغربية تشتهر بنفوذها المتنامي في عالم الجريمة المنظمة، وتتورط هذه الشبكات في تهريب المخدرات وغسل الأموال والاغتيالات، ومن بين الأسماء التي تتردد كثيراً في القارة العجوز أخيراً رضوان تاغي.
ووصفت محاكمة تاغي بأنها من أكثر المحاكمات جدلاً في هولندا منذ الحرب العالمية الثانية، لدرجة إخفاء هوية القضاة والمحامين المشاركين في المحاكمة لحمايتهم من الاغتيال.
"موكرو مافيا"
ومنذ اعتقال رضوان تاغي يجرى تداول مصطلح "موكرو مافيا" على نطاق واسع، إذ يضم كلمتين هما المغرب والمافيا، فـ"موكرو" مصطلح قدحي يربط المغاربة بعالم الجريمة، و"المافيا" مصطلح جماعي يشير إلى الجريمة المنظمة.
وبمرور الوقت بات "موكرو مافيا" مرتبطاً بالجريمة المنظمة التي يرتكبها بصورة رئيسة أشخاص من الجنسية أو من أصول مغربية في أوروبا، وظهر هذا المصطلح للمرة الأولى في وسائل الإعلام الهولندية عام 2010.
وتناولت وسائل الإعلام الألمانية الجيل الجديد من المجرمين الذين ركزوا على تجارة المخدرات، وبخاصة الكوكايين.
وأثارت المحاكمة الضخمة ضد "مافيا موكرو" الهولندية جدلاً واسعاً، وحكمت المحكمة على المتهمين الرئيسين الثلاثة بالسجن مدى الحياة، كما أصدر القضاة أيضاً أقصى عقوبة في جرائم قتل عدة على زعيم العصابة رضوان تاغي، فيما حكم على المتهمين الـ14 الباقين بالسجن فترات طويلة.
زعيم داخل السجن
ويعتبر تاغي (46 سنة)، وهو من أصول مغربية، رئيساً لإحدى كبرى عصابات تهريب الكوكايين في هولندا، وحتى اعتقاله في دبي عام 2019 كان أكثر المجرمين المطلوبين في هذا البلد الأوروبي، كما واصل إدارة عصابته من داخل السجن.
وأدلى "نبيل ب"، وهو شريك سابق لتاغي، بشهادة ضده مقابل تخفيف الحكم عنه، وبالفعل حكم عليه الآن بالسجن 10 سنوات، ومع ذلك أدت شهادته هذه إلى قتل شقيقه ومحاميه وصديقه المقرب، وأيضاً الصحافي الهولندي البارز المتخصص في الجرائم بيتر آر دي فريس.
"ملاك الموت"
ويعد الحكم على تاغي نهاية لأكبر محاكمة في تاريخ هولندا في ما بعد الحرب وبعد ما يقارب ستة أعوام و142 يوماً من الجلسات، وأطلقت العصابة الدولية لمهربي الكوكايين التي يترأسها تاغي على نفسها اسم "ملاك الموت"، وغالبية أعضائها من أصل مغربي.
وقال رئيس المحكمة إن المتهم الرئيس تاغي "زعيم بلا منازع لمنظمة قتل ولا قيمة لحياة الإنسان بالنسبة إليه"، مشيراً إلى أن مثل هذا "الإرهاب له آثار مدمرة على المجتمع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبررت المحكمة الهولندية أيضاً إصدارها العقوبة القصوى بقولها إنه إذا تم إطلاق سراحه "فمن المفترض أن يقتل تاغي مرة أخرى".
ووفقاً لرئيس المحكمة فإن "المجتمع يجب أن يتمتع بأقصى قدر من الحماية منه"، كما طلب القضاة والمدعون عدم الكشف عن هويتهم.
وتعد إينيز ويسكي أبرز محامية دفاع جنائي في هولندا، وكان أحد موكليها هو زعيم المخدرات المسجون رضوان تاغي، وهي الآن متهمة بتسريب تعليمات تاغي إلى الخارج والانضمام إلى شبكته.
مخطط اختطاف الأميرة أماليا
وبعد تفتيش منزل المحامية ويسكي في روتردام أمر قاضي التحقيق ببقائها خلف القضبان أسبوعين في الأقل، وفي سبتمبر (أيلول) 2021 أفادت إدارات أمنية بأن "مافيا موكرو" كانت تستهدف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وبعد مرور عام كان هناك حديث عن مخطط لاختطاف ولية العهد الأميرة أماليا.
وبدا واضحاً أن موجة التصفية الجديدة التي ترتكبها المافيا ويحمل بعض عناصرها الجنسية المغربية تعد انتهاك ما يمكن تسميته بـ "قانون الشرف" داخل المافيا، والذي ينص على إبعاد أفراد الأسرة الذين ليس لهم أية علاقة بالجريمة حتى الآن عن القتال.
وتغيرت قواعد اللعبة عندما قتل شقيق الشاهد الرئيس ومحاميه في محاكمة تاغي، ففي الثامن من مارس (آذار) 2016 وضع رأس نبيل أمزيب المقطوع على الرصيف أمام مقهى للشيشة، بينما عثر على جثته عارية في سيارة مراقبة الشرطة المسروقة، وهو من ضحايا المافيا.
تعليم ضعيف
وقتلت ضحية أخرى تدعى لوانا لوز كزافييه بالرصاص وسط الشارع وأمام أطفالها، وجرت عمليات تصفية أخرى في وضح النهار وفي الأحياء التي يتوجه فيها الأطفال أيضاً إلى المدارس.
وتحدث ضابط شرطة سابق إلى صحيفة "فولكس كرانت" الهولندية عن أعضاء العصابة المغربية، "ووصفهم بجيل جديد من المجرمين، معظمهم من الشباب ذوي التعليم الضعيف، وفي بعض الحالات رجال متخلفون عقلياً".
ويضيف أنه "في السابق جرى تعيين قتلة محترفين باهظي الثمن، لكن الآن تتم الاستعانة بأشخاص غير مدربين وهواة يطلقون النار من أسلحة ثقيلة ويرتكبون أخطاء".
وبحسب الصحافي المتخصص في الجرائم، ميك فان ويلي، فإن "الحقيقة هي أن المغاربة في هولندا والهولنديين من أصل مغربي كانوا أكثر تمثيلاً في الجريمة نسبياً من الهولنديين، وبخاصة خلال العقد الماضي."
"العِرق"
ويقول الصحافي الهولندي إن "’مافيا موكرو‘ أصبحت حاضرة في الوقت الحالي بسبب الحرب الدائرة بين عائلات المافيا المغربية في هولندا بعد سرقة كمية من المخدرات من أحد أعضائها، وتطورت الصراعات من خلال إطلاق النار والتهديدات"، مضيفاً أنه "من السخيف بعض الشيء أن يتم ربط المجرمين وأساليبهم بالعرق، فالمجرم إنسان وليس آلة جريمة معدلة وراثياً، فما الفرق بين أن يكون المجرم مغربياً أو مواطناً هولندياً".
ويعتبر المتخصص في عالم الجريمة أن عالم المافيا ككرة القدم، "يوجد الإيطاليون بقوة لفترة ثم تبدأ فترة الألمانيين، وربما في غضون خمسة أعوام سيكون الشباب النيجيريون في هولندا هم المهيمنون على عالم المافيا".