ملخص
وصفت القاهرة ما نشره موقع "سي أن أن" بأنه ادعاءات لا معلومات بها ومصادرها مجهلة، وتحدت الشبكة الأميركية بأن تنسب الادعاءات التي نشرتها إلى مصادر أميركية أو إسرائيلية رسمية محددة
هددت مصر بالانسحاب من الوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة، على خلفية تقرير نشرته شبكة "سي أن أن" الأميركية زعم أن الوسيط المصري في مفاوضات التهدئة بغزة غيّر نسخة الاتفاق التي قدمت إلى حركة "حماس" من دون التشاور مع الوسيطين الآخرين، الولايات المتحدة وقطر، وكذلك من دون موافقة الطرف الثاني للاتفاق، المتمثل في إسرائيل.
ووصف رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، ما نشره موقع "سي أن أن" بأنه "محض ادعاءات خالية من أي معلومات أو حقائق"، مؤكداً أنه "لا يرتكز على أي مصادر صحافية يعتد بها وفق القواعد المهنية المتعارف عليها عالمياً"، وتحدى الشبكة الأميركية أن تنسب الادعاءات التي نشرتها إلى مصادر أميركية أو إسرائيلية رسمية محددة، كما طالب كل وسائل الإعلام الدولية أن تتحرى الدقة في ما تنشره عن مثل هذه القضايا شديدة الحساسية، وألا تستند في نشر بعض الادعاءات على مصادر مجهلة تطلق عليها "مصادر مطلعة"، وفق بيان صادر عن الهيئة.
وأوضح رشوان أن "مصر لاحظت خلال الفترات الأخيرة قيام أطراف بعينها بممارسة لعبة توالي توجيه الاتهامات للوسطاء، القطري تارة والمصري أخرى، واتهامهم بالانحياز لأحد الأطراف وإلقاء اللوم عليهم للتسويف والتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة في شأن صفقة وقف إطلاق النار، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين بقطاع غزة مقابل الأسرى الفلسطينيين".
وأرجع ذلك إلى رغبة تلك الأطراف في الحفاظ على مصالح سياسية شخصية لها، ومحاولاتها مواجهة الأزمات السياسية الداخلية الكبيرة التي تمر بها، في ما بدا أنه إشارة إلى إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
إلحاح إسرائيلي
وأكد رشوان أن ممارسة مصر لدور الوساطة تم بناء على مطالبات وإلحاح متكررين من إسرائيل والولايات المتحدة للقيام بهذا الدور، و"هو ما جاء نتيجة لإدراكهم مدى الخبرة والحرفية المصرية في إدارة مثل هذه المفاوضات، بخاصة أن لمصر تجارب سابقة ناجحة متعددة، بين إسرائيل و(حماس)"، وفق البيان.
وقال المسؤول المصري، إنه لا يمكن قراءة ما يجري من نشر زائف وما يتم ترويجه من أكاذيب في شأن الدور المصري، سوى أنه محاولة لعقاب مصر على مواقفها المبدئية الثابتة تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في ظل قيامها بدور الوساطة، مشيراً إلى تمسك مصر المعلن بضرورة وجود عناصر فلسطينية بالجانب الفلسطيني من معبر رفح للموافقة على قيام مصر بتشغيله من جانبها، وعدم اعترافها بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر، فضلاً عن موقف مصر بالانضمام إلى جنوب أفريقيا في الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية، ضد ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة.
وشدد رشوان على أن مواصلة محاولات التشكيك والإساءة لجهود وأدوار الوساطة المصري، بادعاءات مفارقة للواقع لن يؤدي إلا لمزيد من تعقيد الأوضاع في غزة والمنطقة كلها، وقد يدفع الجانب المصري لاتخاذ قرار بالانسحاب الكامل من الوساطة التي يقوم بها في الصراع الحالي.
وحمل رشوان الأطراف المعنية، بخاصة تلك التي تروج الأكاذيب حول الموقف المصري، المسؤولية الكاملة عن الكوارث الإنسانية غير المسبوقة وحرب الإبادة بقطاع غزة وقتل وإصابة آلاف من الأبرياء الفلسطينيين وتشريدهم وتجويعهم وتدمير كل شيء بالقطاع، فضلاً عن فقد المحتجزين الإسرائيليين حياتهم نتيجة العملية العسكرية الإسرائيلية العدوانية على القطاع.
وفي وقت سابق أمس الأربعاء، قال مصدر مصري رفيع المستوى، إن "بعض الأطراف تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة"، معرباً عن "استغرابه" من تلك المحاولات.
وفي تصريحات نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية"، قال المصدر الذي لم تسمهِ، إن "بعض الأطراف تمارس لعبة توالي الاتهامات للوسطاء واتهامهم بالانحياز وإلقاء اللوم عليهم للتهرب من اتخاذ القرارات المطلوبة.
تغييرات مصرية
كانت شبكة "سي أن أن" الأميركية نقلت عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" أن مصر غيَّرت شروط مقترح اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة والمقدم إلى حركة "حماس"، التي كانت إسرائيل قد وافقت عليها بالفعل. وأشارت في تقرير نشرته، أول من أمس الثلاثاء، إلى أن الصفقة التي وافقت عليها الحركة الفلسطينية في السادس من مايو (أيار) الجاري "لم تكن هي النسخة التي اعتقد القطريون أو الأميركيون أنه تم تقديمها إلى (حماس)، لمراجعة نهائية".
ونقلت الشبكة، عن مصدر لم تسمه، أنه تم إدخال مزيد من طلبات "حماس" إلى الصيغة الأصلية التي وافقت إسرائيل عليها لضمان موافقة "حماس" من دون إبلاغ بقية الوسطاء أو إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن تلك التغييرات التي أجراها الوسطاء من جهاز المخابرات العامة المصرية أغضبت المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والقطريين، وأدت إلى انسداد الأفق أمام المفاوضات، بعدما خدع المصريون الجميع، وفق تعبير أحد المصادر التي لم تسمها الشبكة الأميركية.
وذهبت "سي أن أن" إلى حد التأكيد أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية غضب من تغيير مصر شروط الاتفاق وأصيب بالإحراج، فيما ذكرت الشبكة أن المتحدث باسم الوكالة رفض التعليق على الأمر.
من جانبه، أعلن رئيس هيئة الاستعلامات المصرية أنه تم توجيه خطاب رسمي للموقع الأميركي يؤكد رفض ما جاء في التقرير ويطالب بنشر رد مصري فوراً، وأضاف أن الموقع قد استجاب ونشر أجزاء من الرد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نفي قطري
تقرير الشبكة الإخبارية الأميركية زعم أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أبلغ المخابرات الإسرائيلية "الموساد" أن "مصر تصرفت وحدها"، بحسب مصدرين نقلت عنهما "سي أن أن".
لكن الدوحة نفت تلك الأنباء ضمنياً، حيث دعا المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الأربعاء، إلى "عدم الالتفات إلى التقارير الإعلامية التي تحاول التشكيك وكيل الاتهامات لجهود الوساطة الجارية لوقف العدوان على غزة".
وأكد الأنصاري في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن جهود وساطة قطر المشتركة مع مصر والولايات المتحدة مستمرة، مشدداً على أن الدول الثلاث "تعمل بتنسيق تام من أجل التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بما يقود إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة".
مخططات إسرائيل
في السياق، جدد مصدر مصري رفيع المستوى، رفض مصر بشكل قاطع المخططات الإسرائيلية بتهجير سكان غزة إلى سيناء، مؤكداً في تصريحات لـ"القاهرة الإخبارية" أن "مصر لن تسمح بتحقيق المطامع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية على حسابها".
وأضاف المصدر أن "تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين بأن المشكلة عدم سماح مصر لسكان غزة بالدخول لأراضيها يؤكد نوايا ومخططات إسرائيل بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع"، مشدداً على أن "النوايا والمخططات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء مرفوضة مصرياً ودولياً".
ودعا المصدر إسرائيل إلى مراجعة موقف المساعدات المصرية المتراكمة بمعبر كرم أبوسالم و"التي تتجاوز 500 شاحنة قبل أن تدعي وتتهم مصر بأنها تمنع إدخال المساعدات للقطاع".
وشنت إسرائيل هجوماً على مدينة رفح في السابع من مايو بعد يوم من موافقة "حماس" على اتفاق الهدنة، واستولت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهي الخطوة التي دانتها مصر، حيث دعت الخارجية المصرية تل أبيب، في بيان حينها، إلى "الابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، التي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة".
وبعد أيام من تلك الخطوة، أعلنت القاهرة عزمها التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، التي تتهمها بممارسة الإبادة الجماعية.