ملخص
من المتوقع أن تمهد المراجعة التي يرجح الانتهاء منها منتصف يونيو الطريق أمام البلاد للحصول على شريحة ثالثة بـ820 مليون دولار
يجري صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي المراجعة الثالثة لبرنامج القرض المقدم لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار، وقالت مصادر مطلعة إن المحادثات التي تشهدها القاهرة حالياً تركز على استخدامات حصيلة صفقة "رأس الحكمة"، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وبرنامج الطروحات الحكومية.
ومن المتوقع أن تمهد المراجعة التي يرجح الانتهاء منها منتصف يونيو (حزيران) المقبل الطريق أمام البلاد للحصول على الشريحة الثالثة البالغة قيمتها 820 مليون دولار من قرض صندوق النقد. وتلقت مصر الشريحة الثانية في أبريل (نيسان) الماضي أي بعد شهر تقريباً من موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المراجعتين الأولى والثانية المؤجلتين، وتمويل إضافي بقيمة خمسة مليارات دولار في إطار التسهيل الممدد مع القاهرة ومنحها الشريحة الأولى على الفور.
وفي الوقت الحالي تشهد مصر تحسناً كبيراً على صعيد السيولة الدولارية، مما عزز من احتياط النقد الأجنبي ليتجاوز 41 مليار دولار، مما دفع وكالات التصنيف الائتماني العالمية إلى تعديل توقعاتها سواء على صعيد فجوة التمويل أو مستقبل الاقتصاد المصري. ونهاية الأسبوع الماضي وعلى خلفية استقرار الأوضاع واتجاه التضخم إلى التراجع أبقت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على أسعار الفائدة من دون تغيير.
كيف تستخدم مصر حصيلة "رأس الحكمة"؟
بالنسبة إلى عائدات "رأس الحكمة" طلبت بعثة صندوق النقد الدولي الاطلاع على استخدامات حصيلة الصفقة ومدى توافقها مع أولويات الإنفاق الحكومي والأهداف المالية، بما في ذلك خفض الدين العام والتزام وضع سقف للاستثمارات العامة وخفض عجز الموازنة، وفي الوقت نفسه من المقرر شطب 11 مليار دولار من الدين الخارجي لمصر باستخدام جزء من عائدات "رأس الحكمة".
وطلبت بعثة الصندوق أيضاً مراجعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتقييم العروض المقدمة والتقدم المحرز في بيع أصول مملوكة للدولة. وتستعرض البعثة كذلك تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار.
وتتطرق المحادثات إلى مستجدات برنامج الطروحات، إذ يتحقق الصندوق حالياً من الإجراءات الخاصة بالصفقات المرتقب تنفيذها، ومنها صفقة بيع حصة من الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) المملوكة للدولة، وصفقة الاستحواذ على مزرعة رياح جبل الزيت، وطرح محطات تحلية المياه.
وأكدت المصادر أن الأمور تمضي نحو الأفضل، إذ ترى بعثة الصندوق تحسن المؤشرات الاقتصادية وتعزيز التدفقات النقدية وخطوات إيجابية من الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات العامة. وتناقش البعثة أيضاً خطط مصر من أجل الحصول على تمويل طويل الأجل لمشروعات المناخ بقيمة 1.2 مليار دولار بكلفة منخفضة من صندوق "المرونة والاستدامة" التابع لصندوق النقد الدولي.
وبالتوازي مع تحسن السيولة الدولارية تراجعت كلفة التأمين على الديون السيادية لمصر أجل خمس سنوات خلال تداولات الجمعة الماضي لتسجل 5.45 في المئة وهو أدنى مستوى منذ مارس (آذار) الماضي. وانخفضت كلفة التأمين لديون مصر من ذروة مستوياتها عقب إعلان مصر عن صفقة "رأس الحكمة"، ثم واصلت الانخفاض بعد التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد وتحرير سعر الصرف، لكنها ارتفعت أخيراً مع التصعيد في التوترات الجيوسياسية في المنطقة وتحديداً بين إيران وإسرائيل. وانخفضت كلفة التأمين على الديون السيادية أجل عام إلى 2.42 في المئة بعد أن وصلت إلى 6.8 في المئة في الـ19 من أبريل الماضي.
وتحسنت مستويات السيولة بالعملة الأجنبية في مصر عقب تحرير سعر الصرف بدعم من تدفق 24 مليار دولار من الصفقة واستثمارات في محافظ الأوراق المالية بلغ صافيها نحو 16 مليار دولار، بخلاف التمويلات التي أمنت مصر الحصول عليها وتمديد الودائع الخليجية، وتسببت هذه الصفقات في أن يواصل احتياط مصر من النقد الأجنبي ارتفاعه ليتجاوز 41 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي.
عودة قوية للمستثمرين الأجانب إلى أدوات الدين الحكومي
وقبل أيام قدرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني التدفقات التي تلقتها مصر من الأجانب بنحو 20 مليار دولار منذ التعويم الأخير في السادس من مارس الماضي، بخلاف صفقة "رأس الحكمة". وبحسب بيانات البورصة المصرية بلغ صافي مشتريات الأجانب في أدوات الدين الحكومي منذ بداية مارس الماضي وحتى منتصف مايو (أيار) الجاري نحو 16 مليار دولار. وقالت "فيتش" إن مستويات السيولة بالعملة الأجنبية لدى البنوك تحسنت مع انخفاض عجز صافي الأصول الأجنبية إلى 2.8 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، بدعم من تدفقات الصفقة والتحويلات وعودة تدفقات الأجانب للسوق المحلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورجحت الوكالة عودة مركز صافي الأصول الأجنبية لتحقيق فائض في نهاية النصف الأول من العام الحالي بعد استكمال الحصول على الدفعة الثانية من "رأس الحكمة" وتعافي التحويلات وإيرادات السياحة. ورفعت "فيتش" رؤيتها المستقبلية لأربعة بنوك مصرية بعد رفعها الرؤية المستقبلية لمصر، كما تعكس تراجع الضغوط على القاعدة الرأسمالية الفترة المقبلة بعدما انخفض معدل كفايتها عقب التعويم، وذلك بدعم من توقعات استقرار سعر الصرف على نطاق واسع ومعدلات الربحية الأقوى، وباتت الرؤية المستقبلية لبنكي "التجاري الدولي" و"القاهرة" إيجابية من مستقرة ولبنكي "الأهلي" و"مصر" مستقرة من سلبية.
وأكدت تصنيف البنوك الأربعة في ظل حيازتها الكبيرة أوراق الدين الحكومي بصورة تجعل ملاءتها المالية مرتبطة بملاءة الحكومة، ونوهت بأن تعرض القطاع المصرفي ككل للأصول الحكومية والقطاع العام وصل إلى 53 في المئة من الأصول بنهاية 2023، وهو 8.3 ضعف حقوق الملكية للبنوك.
وذكرت الوكالة أن صفقة "رأس الحكمة" وزيادة دعم صندوق النقد ومرونة سعر الصرف ستدعم استقرار الاقتصاد الكلي بصورة أكبر العام المالي المقبل، وتوقعت أن يستفيد الائتمان أيضاً من انخفاض التضخم وتراجع كلفة مستلزمات الإنتاج، مع توافر السيولة بالعملة الأجنبية بصورة أكبر بما يدعم استقرار القروض غير المنتظمة حول ثلاثة في المئة من إجمال القروض حتى نهاية 2024.
وأشارت إلى أن أداء البنوك سيظل قوياً في المدى المتوسط بدعم من ارتفاع أسعار الفائدة والنمو الأكبر للأعمال وزيادة استقرار الاقتصاد الكلي، لكنها أشارت إلى أن ضعف الجنيه سيضع ضغوطاً على القاعدة الرأسمالية للبنوك في ظل حساسيتها لتحركات الصرف، لكنها ستظل أعلى من الحدود الدنيا الرقابية. ونوهت الوكالة بأن كفاية الشريحة الأولى من رأس المال ارتفعت إلى 13 في المئة بنهاية 2023 مقابل 11.1 في المئة خلال عام 2022 بدعم من الأرباح القوية.
وقالت إنه مع وصول الفوائد على ديون الحكومة إلى 68 في المئة من الإيرادات خلال العام المالي المقبل، فإن تصنيف البنوك لم يتضمن أي قدرة للحكومة المصرية على تقديم الدعم للبنوك حتى المملوكة لها.