Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محفوظ في مغامرة الـ"كوميكس"... ثراء متعدد الأبعاد

مشروع مصري لتحويل روايات أديب "نوبل" إلى قصص مصورة للتواصل مع الأجيال الجديدة والبداية بـ"اللص والكلاب"

أم كلثوم ابنة نجيب محفوظ لم تعارض فكرة تحويل روايات والدها إلى "كوميكس" فقد كان والدها متحمساً لمثل هذا الشيء   (مواقع التواصل)

ملخص

منذ فترة قريبة كان هناك مشروع لتقديم أدب نجيب محفوظ بهوية جديدة وصورة بصرية مختلفة لأغلفة الروايات أحدث زخماً كبيراً في المجتمع المصري حينها، ولاحقاً تم إصدار أول "كوميكس" مستوحى من رواية لنجيب محفوظ، وكل هذا من أجل تقديم أعماله برؤية معاصرة، وبخاصة للأجيال الجديدة.

في تجربة جديدة من نوعها صدرت رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب" كقصة مصورة بطريقة الـ"كوميكس"، بالتعاون بين داري نشر "ديوان" و"المحروسة"، إذ أعلنتا في بيان صحافي أن المشروع يهدف إلى تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى الوسيط البصري المتمثل في الروايات المصورة، فمثلما دشن محفوظ مرحلة جديدة في تاريخ الرواية العربية فإن تحول أعماله إلى روايات مصورة يدشن مرحلة جديدة في تاريخ فن الـ"كوميكس" العربي.

نشرت الرواية عام 1961، وتعد من أشهر روايات الكاتب الكبير الراحل، ومثلت وقت صدورها للمرة الأولي مرحلة جديدة في عالم أدب نجيب محفوظ، بعد الطابع الفلسفي الذي كان يغلب على أعماله قبلها.

تجربة إصدار "كوميكس" لواحدة من روايات نجيب محفوظ يتوقع أن تضيف جيلاً جديداً لقرائه من الشباب وصغار السن المحبين لمثل هذا النوع من القصص، وفي الوقت ذاته قد تدفعهم للتعرف على عالم نجيب محفوظ بصورة أكبر، وقراءة رواياته الأصلية في وقت لم تعد القراءة ضمن اهتمامات كثير من الأجيال الجديدة.

 

 

يطلق على الـ"كوميكس" الفن التاسع، ويعتمد على الرسوم المتتابعة في صورة أقرب إلى السينما، ولكن بالطبع مع اختلاف الوسيط، ويستند إلى لغة بصرية، وله مفردات معينة مثل البالونات والإطارات والرموز والأيقونات، وفي السنوات الأخيرة حقق الـ"كوميكس" انتشاراً ملحوظاً في العالم العربي من حيث تعدد الإصدارات العربية وإقبال الجمهور عليها، وبخاصة من الأجيال الجديدة التي أصبح لديها شغف كبير بهذا الفن.

رؤية معاصرة

إطلاق القصة المصورة لنجيب محفوظ جاء مواكباً لاختياره شخصية العام في معرض أبو ظبي للكتاب خلال دورته الحالية، وهو باكورة الأعمال القادمة التي سيتم نشرها تباعاً، إذ إنه طبقاً لما تم إعلانه فإن هناك خطة لنشر أكثر من عمل من إنتاج أديب "نوبل" الراحل.

أم كلثوم نجيب محفوظ، ابنة الأديب الكبير تقول "عندما عرضت عليّ فكرة تحويل روايات محفوظ لـ’كوميكس‘ لم أعارض، استناداً إلى أن والدي أثناء حياته تلقى عرضاً من الناشر السابق لأعماله بعد حصوله على جائزة ’نوبل‘ لتبسيط بعض رواياته وتقديمها للأطفال، وتحمس أبي حينها، لذا شعرت أنه كان سيوافق أيضاً على هذا المشروع لو كان لا يزال حياً، لأنه كان دائماً ذا فكر متطور، وبالفعل بدأ التنفيذ وخرجت رواية ’اللص والكلاب‘ بطريقة الـ’كوميكس‘، وتباعاً ستصدر أعمال أخرى في الفترة المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف أم كلثوم "لم أكن أتخيل كيف سيدمج بين الرسوم والجوانب الفكرية والفلسفية التي دائماً ما تتضمنها أعمال نجيب محفوظ، لكن في النهاية الـ’كوميكس‘ فن مثل السينما والأعمال الدرامية التي قدمت النص المكتوب بصورة بصرية. ومن المتوقع أن يضيف ذلك فئة جديدة من قراء أدب نجيب محفوظ، وعموماً دار النشر الحالية تتبنى تقديم رؤية معاصرة لأعماله، سواء في الأغلفة الجديدة للكتب أو في مشروع الـ’كوميكس‘، وفي النهاية تبقي الرواية الأصلية هي الأساس، وما يجب الاستناد إليه عند التعرف على الكاتب، لأنه حتى الأفلام السينمائية أحياناً تكون لها معالجات تختلف عن النص الأصلي".

شخصيات محفوظ

سعيد مهران ورؤوف علوان ونور وعليش ونبوية شخصيات عرفها قراء نجيب محفوظ وتخيلوها كما وصفتها روايته، وشاهدوها مجسدة على شاشات السينما والتلفزيون بعد تحويل النص إلى فيلم سينمائي من بطولة شكري سرحان وشادية وكمال الشناوي، وأصبح حالياً من كلاسيكيات السينما المصرية.

دائماً ما كانت شخصيات نجيب محفوظ شديدة الثراء ومتعددة الأبعاد، وبالطبع يمثل هذا تحدياً كبيراً أمام أي فنان يعمل على تحويلها من النص المكتوب إلى الصورة البصرية. ومنذ فترة قريبة كان هناك مشروع لتقديم أدب نجيب محفوظ بهوية جديدة وصورة بصرية مختلفة لأغلفة الروايات أحدث زخماً كبيراً في المجتمع المصري حينها، ولاحقاً تم إصدار أول "كوميكس" مستوحى من رواية لنجيب محفوظ، وكل هذا من أجل تقديم أعماله برؤية معاصرة، وبخاصة للأجيال الجديدة.

 

 

ويقول رسام "كوميكس" نجيب محفوظ، ميجو لـ"اندبندنت عربية"، "إن الـ"كوميكس" بصورة عامة صناعة ضخمة جداً على المستوي العالمي، وهناك شركات كبيرة تعمل بهذا المجال، بعضها تحول للإنتاج السينمائي مثل ’مارفيل‘ على سبيل المثال، ولكن في العالم العربي لا يزال سوق الـ’كوميكس‘ محدوداً، وعلى رغم حدوث طفرة في السنوات الأخيرة فإنه لا يزال يخطو خطواته الأولى". ويتابع "نسعى من خلال هذه الإصدارات إلى خلق سوق جديدة لها في العالم العربي، وهو مشروع ضخم، فالمراحل الفنية للقصة المصورة تشبه الفيلم السينمائي، وكل مرحلة لها شخص قائم عليها، مثل السيناريو والرسوم وغيرهما، وهكذا فالقصة المصورة حتى تخرج في صورتها النهائية تأخذ كثيراً من الخطوات".

ويضيف "منذ نحو 10 أعوام كانت لديّ رغبة في تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى ’كوميكس‘، ولي محاولة سابقة مع رواية ’أولاد حارتنا‘ نشرت في واحدة من مجلات الـ’كوميكس‘، ولكن المشروع لم يستمر وظل مؤجلاً حتى إصدار ’اللص والكلاب‘ بعد حماسة داري النشر لهذا المشروع. وفي ما يتعلق برسم الشخصيات كان قرارنا، سواء في الرسم أو السيناريو، الاعتماد على الرواية وليس الرؤية السينمائية، وبالفعل اعتمدنا كل ما يتعلق بالحقبة الزمنية التي كانت تدور فيها الأحداث، مثل الملابس وقصات الشعر وصورة المنازل".

السيناريو والرواية

تقديم معالجة جديدة أو نص مستوحى من أدب نجيب محفوظ يمثل تحدياً كبيراً أمام كاتب السيناريو، سواء كان الهدف تحويل العمل إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني أو "كوميكس" كما في الحال الأخيرة، فالجمهور يكون مرتبطاً إما بالرواية الأصلية أو بالصورة والحوار المنطبع في ذهنه من مشاهدة الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ، والتي أصبحت حالياً من علامات السينما.

وفي ما يتعلق برواية "اللص والكلاب" بصورة خاصة، فإنها تدور في قالب بوليسي وتشويقي، وتضم أحداثها جانباً متعلقاً بالمطاردات، مما يخلق حالاً من الترقب لدي الجمهور ويجعلها مادة مثالية للقصص المصورة.

 

 

ويقول كاتب سيناريو الـ"كوميكس" محمد إسماعيل أمين "اعتمدت في كتابته على حوار نجيب محفوظ نفسه مع تغييرات طفيفة لتتلاءم مع طبيعة الـ’كوميكس‘، ويعتقد كثير من الناس أن الأمر سهل ولكنه يأخذ مجهود كتابة الفيلم السينمائي نفسه، فالـ’كوميكس‘ يتطلب كتابة السيناريو والحوار الذي سيأتي على لسان الشخصيات، وفي الوقت ذاته تقديم المعالجة البصرية التي سيعمل عليها الرسام. هذه التجربة ستفتح مجالاً وسوقاً جديدين للـ’كوميكس‘ في العالم العربي، الذي أصبح أكثر اهتماماً به في الأعوام الأخيرة. وفي الوقت ذاته فإن القصص المصورة بصورة عامة تجتذب كثيراً من المراهقين والشباب الذين من الممكن أن تكون دافعاً لهم للتعرف عن قرب على أدب نجيب محفوظ وقراءة رواياته الأصلية".

خريطة محفوظ المصورة

ودارت أحداث معظم روايات نجيب محفوظ في مناطق متفرقة من مصر، وغالبها في القاهرة بإحيائها المختلفة، سواء القاهرة التاريخية القديمة التي كانت مسقط رأسه، أو الأحياء الأكثر حداثة، وتضم هذه الأماكن كثيراً من المواقع التي مثلت علامات في التاريخ والتراث المصري. وفي إطار تحويل روايات نجيب محفوظ إلى صورة بصرية تبنى القائمون عليه مشروعاً لتصميم خريطة تحت اسم خريطة عالم نجيب محفوظ المصورة.

ويقول الرسام ميجو "هناك رابط جغرافي يجمع أحداث روايات نجيب محفوظ يمكن أن يربط في خريطة، والفكرة هنا تشبه عالم ’سبايدر مان‘ على سبيل المثال، وبالفعل صممنا خريطة بصرية تضم أبرز هذه الأماكن بالتعاون من متخصصين في الآثار والأدب، ولدينا مشروع لإطلاق ’أبليكيشن‘ يتيح للناس التعرف على كل موقع منها، ومعرفة معلومات عنها بصورة رقمية تتناسب مع توجهات الجيل الحالي. إن عالم نجيب محفوظ شديد الثراء، ويمكن أن يسوق عالمياً، وهذا ما نسعى إليه حالياً بترجمة الـ’كوميكس‘ للغة الإنجليزية حتى تكون خطوة للخروج بالـ’كوميكس‘ المصري إلى العالمية".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة