Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كرة السلة التي تهزم "حزب الله"

يشعر المسيحيون والسنة بأنهم مغلوبون على أمرهم ويستعيضون عن فائض قوة الحزب القاهرة بفائض الفرح في الانتصارات الرياضية

يتبادل جمهورا "الحكمة" و"الرياضي" هتافات غير رياضية (الاتحاد اللبناني لكرة السلة)

ملخص

إنه لبنان حيث يتراقص الموت والحياة على أرض واحدة، وحيث الأغاني وكرة السلة فعل مقاومة سلمية وحالة اعتراضية لا يملك "حزب الله" قدرة على منعها، حتى الآن

تحظى لعبة كرة السلة بشعبية كبيرة في لبنان، ويحظى ناديا "الحكمة" و"الرياضي" بالقسط الوافر من هذه الشعبية. المواجهة بين الناديين البيروتيين تمثل "الديربي" المنتظر لعشاق كرة السلة. وقبل كل مباراة حاسمة يتوجه اتحاد اللعبة والقائمون على الناديين إلى وسائل الإعلام مطالبين الجماهير المتحمسة بإبعاد السياسة عن الرياضة. 

فـ"الحكمة" جمهوره في الغالب مسيحي ومتعاطف تحديداً مع حزب "القوات اللبنانية"، أما "الرياضي" فيستأثر بجمهور السنة بصورة عامة، وكثيراً ما صدحت على ملاعبه هتافات "أبو بهاء أبو بهاء"، وهي كنية رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. اللافت أن اللاعبين في الناديين من طوائف متنوعة وغير متحزبين، وغالبهم لا شأن لهم بالسياسة اللبنانية وتعقيداتها، فمن أين يأتي هذا التسييس؟ إنه القهر. 

يشعر المسيحيون والسنة بأنهم مغلوبون على أمرهم من الحزب الذي يرفع شعار "فإن حزب الله هم الغالبون"، ويستعيضون عن فائض "حزب الله" في القوة القاهرة بفائض الفرح في الانتصارات الرياضية. 

في آونة كثيرة يتبادل جمهورا "الحكمة" و"الرياضي" هتافات غير رياضية، ويشنعان ببعضهما، وعلى طريقة "الحكي للجارة لتسمع الكنة"، فالخصم المكتوم ذكره أيضاً هو "حزب الله". وينفرد لبنان بظاهرة لا يمكن أن توجد في أية دولة، إذ يشعر جمهور فريق كرة السلة الفائز بأنه فاز على فريقين، الفريق الخصم على الملعب و... "حزب الله". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعندما يفوز أحد الناديين ببطولة عربية أو آسيوية يكاد نجوم الفريقين يدمعون وهم يهدون فوزهم "للشعب اللبناني الذي تلاحقه الويلات، والذي لا يزال صامداً ويحب الحياة". هي رسائل عفوية من شباب رياضيين يشعرون بمسؤولية وطنية تجاه أهلهم على تنوع طوائفهم ومناطقهم وأحزابهم، ويفرحون لأنهم يبثون الأمل ويضيئون شموعاً في هذا الليل اللبناني الطويل. 

وبقدر ما تظهر المقابلات الصحافية أن هؤلاء الأبطال بعيدون من السياسة وتغلب العبارات الإنجليزية على كلامهم، وتكثر على أجسامهم الوشوم، يرى فيهم أنصار الناديين ما هو أبعد، ولربما أهم من الرياضة. فالتشنيع الذي يحصل أحياناً لا يحجب أن رياضة كرة السلة تساعد الشعب على الصمود النفسي، وعلى تبني "مقاومة رياضية" ضد الفساد وضد "المقاومة الإسلامية في لبنان" التي بسببها انهارت الدولة وانسلخ لبنان عن محيطه العربي، وألقي في محاور تعاكس دوره التاريخي كوطن حريات وثقافة. 

في هذا المجال مغفورة خطايا العنف اللفظي في الملاعب في مواجهة العنف الممنهج الذي يقتل المعارضين الأحرار، والذي أودى بلبنان إلى مهالك الدول الفاشلة في العالم. من يرصد الشاشات اللبنانية لا يصدق أن الجنوب ساحة معارك حربية تدمر القرى وتقتل المئات، فالوطن المتهالك على موعد مع عشرات الحفلات الغنائية لنجوم لبنانيين وعرب وأجانب، وبعض الحفلات نفدت تذاكرها منذ مدة، ويتساءل كثر كيف يجرؤ متعهدو تلك الحفلات على المخاطرة وبركان الجنوب ينذر بمزيد من الكوارث؟ إنه لبنان، حيث يتراقص الموت والحياة على أرض واحدة، وحيث الأغاني وكرة السلة فعل مقاومة سلمية وحالة اعتراضية لا يملك "حزب الله" قدرة على منعها، حتى الآن. إنه لبنان الجميل، في كل مباراة يخوضها "الحكمة" أو"الرياضي" يعيش أحلى 40 دقيقة، ثم ينزوي إلى حين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل