Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسعيرة القمح تثير استياء عارماً في الجزيرة السورية

المزارعون يواصلون احتجاجاتهم مع توقعات بوفرة المحاصيل

أحد حقول القمح في سوريا (اندبندنت عربية)

ملخص

يعد القمح من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسة في سوريا، وكان متوسط إنتاجها قبل الحرب 4 ملايين طن، ووصلت في بعض الأعوام إلى ما يقرب 5 ملايين طن، كان يستهلك منها 2.5 مليون طن محلياً، فيما يصدر الفائض.

احتجت أوساط شعبية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على قرار الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، الذي يحدد السعر الجديد لشراء القمح فيما عمليات الحصاد ما زالت متواصلة في هذا الوقت من العام. وأثار القرار استياء عارماً لدى المزارعين بعدما تناهى إلى مسامعهم السعر الجديد الذي لا يكاد يغطي تكاليف إنتاجه وبالتالي يعد خسارة جسيمة في ظل تكبد مشقة كبيرة رغم كل الظروف الاقتصادية والزراعية الصعبة.

صدمة السعر الجديد

وشهدت مدينة الرقة والحسكة احتجاجات، وخروج عاملين في القطاع الزراعي بتظاهرات امتدت إلى دير الزور ومنبج، احتجاجاً على تحديد سعر كيلو القمح بـ31 سنتاً، وعلمت "اندبندنت عربية" بتطورات شهدها الاحتجاج منذ الإثنين، وآخرها إشعال الإطارات المطاطية في الشوارع الرئيسة القريبة من مراكز استلام الحبوب احتجاجاً على القرار الصادر وسط مطالبات بالعدول عنه وإصدار تسعيرة جديدة تنصفهم ومقاطعة المزارعين لتسليم المحصول، وإعادة المركبات المحملة به من أمام صوامع تجمعت في ريف دير الزور الشمالي.

ويروي أحد المزارعين بعد التواصل معه، مفضلاً عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، عن حالة غضب عارمة يعيشها أصحاب الأراضي الزراعية إضافة إلى المزارعين "لقد خاب أملنا بعد عناء وجهد وتعب. يعتزم المزارعون إيصال المحصول إلى مناطق السيطرة الحكومية، ليس لنا سوى هذا الخيار، وفي حال تعذر ذلك ليس أمامنا إلا أن نجعله علفاً للحيوانات ولن نبيعه بهذا السعر المتدني جداً".

الخيار الأصعب 

وفي حين أفاد مصدر من الإدارة الذاتية أن قرار التسعير من قبل هيئة الزراعة والري جاء بناء على اجتماع بين الهيئة وممثلين عن الفلاحين، واجهت عناصر تابعة للأجهزة الأمنية الاحتجاجات الشعبية من الفلاحين الغاضبين بالقمع واعتقلت مزارعين وناشطين وصحافيين خلال تغطيتهم للاحتجاجات وأفرجت عنهم في وقت لاحق. ولم يصدر أي تعليق من "قسد"، التي تعد الإدارة الذاتية الكردية المكون الأساسي في إدارتها والمتحكم بقراراتها، حول التطورات الأخيرة أو تفسير يشرح الآلية التي اعتمدت عليها في التسعير.

 

يأتي ذلك بعد يوم من انتهاء ملتقى للعشائر العربية نظمته قوات سوريا الديمقراطية، ويعتبر مراقبون أن المؤتمر يمثل دوراً مهماً في استمالة العشائر لا سيما بعد انتفاضة أبناء القبائل العربية قبل عام في وجه قوات الحماية الكردية التي تسيطر على قوات "قسد" وتديرها في مناطق ذات غالبية من أبناء العشائر العربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه الأثناء علّق متابعون للشأن الزراعي والاقتصادي بأن الصادم في السعر الجديد هو تراجعه مقارنة بأسعار العام الماضي بينما توقع أصحاب الأراضي من المزارعين ارتفاع التسعيرة بسعر يصل إلى ما يناهز 500 دولار للطن الواحد، ليأتي السعر الجديد "مستفزاً" مع ارتفاع تكاليف الإنتاج من محروقات وسماد وأجور عاملين وغيرها.

ويلفت الناشط الحقوقي أحمد الشيخ النظر إلى غاية الإدارة الذاتية وإصرارها بخفض السعر وسط السباق المحموم للحصول على القمح، وهذا ما يجعل السعر الحكومي بالتالي مناسباً أكثر، ويمكن تحول المركبات المحملة بالمحصول إلى صوامعها.

ويضيف "وصل سعر كيلو القمح في الجزيرة عام 2022 إلى 55 سنتاً وفي عام 2023 بلغ 43 سنتاً، أما في عام 2024 فانخفض السعر إلى 31 سنتاً، وهذا الانخفاض المتوالي عاماً بعد عام يثير الشك حول الهدف من وراء انخفاض الأسعار في وقت يرتفع سعر القمح عالمياً وبات مطلباً أساسياً، وسلاحاً في معركة الأمن الغذائي لشعوب العالم لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وارتفاع أسعار رغيف الخبز في مناطق قسد".

غزارة الإنتاج

ويبدو التنافس على أشده لكسب موسم القمح في كل عام، ولعل العامل الأكثر جذباً هو السعر الأعلى، وتشي معلومات من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن توقعات وصول الإنتاج إلى ما يزيد على مليوني طن من القمح، ويأتي ذلك مع تربع الجزيرة السورية على النسبة الأكبر من حيز إنتاجه، إذ تنتج الحسكة بين 40 في المئة من الإنتاج المحلي بحسب الخارطة الاستثمارية لعام 2007 لدى وزارة الزراعة السورية.

ويعد القمح من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسة في سوريا، وكان متوسط إنتاجها قبل الحرب 4 ملايين طن، ووصلت في بعض الأعوام إلى ما يقرب 5 ملايين طن، كان يستهلك منها 2.5 مليون طن محلياً، فيما يصدر الفائض.

وعلى نحو مألوف تواصل العاصمة دمشق اتهامها للقوات الأميركية وقوات "قسد" بعرقلة وصول محصول القمح من الجزيرة إلى أراضيها وسط توقعات بغزارة إنتاج لهذا الموسم على عكس المواسم السابقة حيث شهدت الأراضي الزراعية شحاً بالأمطار. وإلى ذلك تسربت أنباء عن محادثات بين الحكومة في دمشق، وقوات "قسد" حول القمح إذ تشير التوقعات إلى وصول إنتاج الجزيرة السورية لمليون ونصف المليون طن.

في غضون ذلك كشف رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس عن الكميات المستوردة للبلاد بـ674 ألف طن، وذلك خلال جلسة علنية لمجلس الشعب، وفي وقت تخفض الإدارة الذاتية من سعر القمح كل عام رفعت الحكومة السورية من سعره حيث زاد 1300 ليرة سورية على سعره القديم في العام الماضي ليصل إلى 5500 ليرة للكيلوغرام الواحد ما يناهز 36 سنتاً.

ومع هذا التطور الجديد لم يعد أمام أصحاب السنابل الذهبية سوى الاتجاه للصوامع المتواضعة في مناطق السيطرة الحكومية لتسليم محصولهم الزراعي من القمح، بعدما كانت دمشق تستجر القمح بين الحين والآخر من مناطق خارج سيطرتها بل وتعتمد على القمح الروسي بشكل أساسي خلال السنوات الماضية لتأمين احتياجها السنوي منه البالغ 2.5 مليون طن.

وحيال هذا تفيد المعلومات عن إصرار الفلاحين على موقفهم، وعدم تسليم القمح إلا بموجب أسعار منطقية بحسب وصف مجموعة منهم نظمت تظاهرة احتجاجية أمام شركة التطوير الزراعي، والمجلس المحلي في شمال دير الزور الخاضعة للإدارة الذاتية من دون أي استجابة.

المزيد من متابعات