Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفاة طالبة بسبب "فجوة تحت الحافلة" تفتح ملف السلامة المرورية في لبنان

دراسة تكشف عن رقم صادم "من نحو 700 قتيل سنوياً 85 طفلاً يتوفون أثناء تنقلهم من المدرسة وإليها"

الطفلة نسرين عز الدين وحفرة الباص التي سقطت منها (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

توفيت الطالبة نسرين عز الدين ذات السنوات الـ13 إثر سقوطها في فجوة تحت مقعدها في الباص الذي كان يقلها في طريق العودة من المدرسة للمنزل.

غادرت الطالبة نسرين عز الدين مدرستها أمس الأربعاء في طرابلس شمال لبنان، متلهفة لتناول وجبة غداء ساخنة في المنزل. هذه الطفلة ذات السنوات الـ13، لم تكن تعرف أن رحلتها على الأرض ستنتهي بعد دقائق معدودة بسبب حفرة داخل الباص الذي كان يفترض أن ينقلها بأمان إلى ذويها، فوسط "الاهتراء الإداري" وغياب المحاسبة وعدم تطبيق القوانين، باتت حوادث الإهمال شبه يومية في لبنان.

أمس هز خبر وفاة نسرين لبنان بأسره، بعدما توفيت إثر سقوطها في فجوة تحت مقعدها في الباص الذي كان يقلها في طريق العودة من المدرسة للمنزل، ثم تعرضت للدهس عن طريق الخطأ من الباص نفسه. نقلت إلى "مستشفى المظلوم" في المنطقة، إلا أنها ما لبثت أن فارقت الحياة متأثرة بجراحها، وفق ما أفادت به "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية في لبنان.

وانتشرت على مواقع الاجتماعي صور تظهر الفجوة التي سقطت منها نسرين والناجمة عن الاهتراء الشديد في أرضية الباص.

وبحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية، فإن مدرسة الضحية نفت أية علاقة لها بالباص، وأكدت أنه غير تابع لها ولا تتحمل مسؤولية ما جرى.

في الأثناء سرت معلومات أن سائق الباص كان استأجره أو استعاره من مالكه الأصلي بسبب تعطل باصه الخاص، وحصلت معه الحادثة في اليوم نفسه.

وحضرت القوى الأمنية إلى مكان الحادثة، وأوقفت كلاً من السائق وصاحب الباص وأحالتهما إلى التحقيق.

الإهمال والاستهتار

وفي اتصال مع "اندبندنت عربية" أسفت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان لما الطويل، لوفاة الطالبة نسرين عز الدين الناتجة من "الإهمال والاستهتار" على حد قولها، مشيرة إلى توالي الحوادث المماثلة في السنوات الأخيرة "نتيجة تعدد الفجوات في الدولة اللبنانية".

وفيما ألقت الطويل اللوم الأكبر على صاحب الباص وسائقه، حملت المسؤولية لكل من وزارة الداخلية والبلديات، متسائلة "كيف يسمح لباصات غير مستوفية لشروط السلامة بنقل الطلاب والسير على الطرقات؟"، ووزارة التربية بسبب التقصير في التفتيش والرقابة وغياب المحاسبة.

وأضافت الطويل أن المدرسة تتحمل المسؤولية إذا كانت تملك الباصات، والأهل يتحملون أيضاً جزءاً من المسؤولية، إذ "يجب عليهم التأكد من صحة وسيلة النقل التي يرسلون عبرها أطفالهم إلى المدارس".

أما بالنسبة إلى دور لجان الأهل، فأوضحت الطويل أن مسؤوليتها "مقيدة ضمن الشؤون المتعلقة بما هو داخل حرم المدرسة وممتلكات المدرس، ولكن لا سلطة رقابية لها على الباصات الخاصة التابعة لأشخاص خارج المدرسة"، مشيرة إلى أنه "بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأهالي يضطرون إلى استعمال وسائل غير مراقبة نظراً إلى المبالغ المهولة التي تفرضها إدارات المدارس على باصاتها الخاصة بهدف تحقيق الأرباح".

اقرأ المزيد

قانون غير مطبق

أما رئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية لدى مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية ميشال مطران، فاعتبر أن ما حصل هو "نتيجة ’طبيعية‘ للاهتراء الإداري والفلتان المروري الواقع في السنوات الـ10 الأخيرة وتحديداً بعد الأزمة الاقتصادية عام 2019"، لاسيما في الجهات المسؤولة تحديداً عن السلامة المرورية "بدءاً بوزارة الداخلية والبلديات وصولاً إلى وزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة التربية".

وأضاف أن المسألة الأبرز في هذا الملف هي مخالفة القانون 551 الصادر عام 1996 الذي يعنى بسلامة النقل المدرسي، ويعتبر أن السائق مسؤول مثله مثل المالك، موضحاً أنه "غير مطبق إطلاقاً لا لجهة الباصات ولا تدريب السائقين ولا لجهة وجود مراقب في داخل كل باص".

وأشار مطران إلى تفشي مشكلة في المدارس بمعرفة وزارة التربية التي تتغاضى عنها بحسب قوله، قائلاً إن "عدداً من المدارس تسجل باسمها باصات لا تعود ملكيتها الحقيقة لها، فتساعد من جهة السائقين للاستفادة من الإعفاءات الضريبية والرسوم، فيما تؤمن من جهة أخرى نقل طلابها، فينشأ في هذه الحالة ربح متبادل بين المدرسة والسائق، إذ تتهرب المدرسة من الاستثمار في باصات نقل الطلاب فيما يستفيد السائق من الإعفاءات ويعمل في وقت فراغه كسائق نقل عام".

الضحايا السوريين

وفي رقم صادم كشف مطران عن أن دراسة أجراها المرصد اللبناني للسلامة المرورية لدى "جوستيسيا"، أظهرت أنه من نحو 700 قتيل سنوياً على الطرقات في لبنان، بينهم 85 طفلاً يتوفون أثناء تنقلهم من وإلى المدرسة، سواء في الباصات أم سيراً على الأقدام أم بواسطة الدراجات الهوائية أو بصحبة ذويهم، أي بمعدل نحو سبعة أطفال شهرياً.

وأوضح رئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية أن أرقام الدراسة قائمة على تقديرات بسبب غيات الإحصاءات الرسمية في لبنان، مضيفاً أن النزوح السوري يسهم في ارتفاع النسبة بسبب وسائل التنقل التي يستخدمها الأطفال السوريون في التوجه إلى المدارس. وقال "الأطفال السوريون يتنقلون في الغالب إما على دراجات نارية غير آمنة وبأعداد كبيرة، فنرى مثلاً خمسة طلاب على الدراجة نفسها، أو عبر شاحنات ’بيك آب‘، أو سيراً على الأقدام، وهذه الوسائل الثلاث خطرة جداً".

وأضاف "لا شك كلما اتجهنا إلى مناطق الأطراف والمدارس الأكثر فقراً، تزيد نسبة هذه الحوادث بسبب انخفاض صيانة المركبات والاهتمام بسلامة الأطفال".

المزيد من تقارير