Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غليان في الشارع الإسرائيلي وألغام سياسية تحت أقدام نتنياهو

غرفة عمليات لتشكيل جبهة معارضة واسعة و"حزب العمل" يعود للخريطة ورئيسه يبعثر أوراق التحالفات

إسرائيليون يتظاهرون في القدس للمطالبة بحل حكومة نتنياهو (أ ف ب)

ملخص

وسط هذا العراك والأجواء المحتدمة في الساحة السياسية الحزبية، عاد للواجهة "حزب العمل اليساري" الذي تعرض لفشل كبير على مدى جولات انتخابية عدة، لكنه وبعد أن انتخب النائب السابق لرئيس أركان الجيش اللواء متقاعد يائير غولان رئيساً له، ارتفعت شعبيته بشكل ملاحظ.

بالتزامن مع حال الغليان بين الجمهور الإسرائيلي التي باتت تظهر علانية محلياً ودولياً، مع فقدان الأمل بصفقة قريبة تعيد من تبقى من الأسرى الأحياء في غزة، وتمسك بنيامين نتنياهو بحكومته اليمينية المتطرفة، تشهد الحلبة السياسية حراكاً أظهر الانقسام الداخلي بشكل أوضح بين اليمين المتطرف واليسار – المركز، وبينهما أيضاً أحزاب من اليمين الرافضة لسياسة نتنياهو ووزيريه المتطرفين، إيتمار بن غفير في الأمن القومي، وبتسلئيل سموطرتش في المالية.

رئيس المعسكر الوطني بيني غانتس الذي منح نتنياهو مهلة حتى الثامن من يونيو (حزيران) المقبل للتقدم نحو خطة إستراتيجية لحرب "طوفان الأقصى"، ضمن جدول زمني لإنهائها وإعادة الأسرى، كان المؤشر الأول لاحتمال انسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي، لكن ثقة الإسرائيليين بغانتس الذي طالما هدد وحذر ولم يتخذ قراراً حاسماً، لم تعكس جدية تهديداته حتى وقف شريكه في الحزب، عضو الـ "كابينت" الحربي غادي إيزنكوت ليخرج عن الصمت الذي التزم به منذ أشهر، خصوصاً بعد مقتل ابنه في أرض غزة، وأدخل في تصريحاته الساحة الحزبية – السياسية إلى نقطة انطلاق فاعلة ونشطة للإطاحة بنتنياهو وتقريب موعد الانتخابات.

وما كادت تتفاعل تهديدات وتصريحات إيزنكوت حتى أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان عن إقامة غرفة عمليات هدفها توسيع المعارضة واتخاذ خطوات سياسية وبرلمانية لإسقاط الحكومة.

إيزنكوت قال صراحة إن "نتنياهو فشل وكل شعاراته حول النصر المطلق عبثية يبيعها للجمهور والحرب ولا تزال بعيدة من النهاية".

حديث إيزنكوت أحدث تفاعلاً واسعاً داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً لدى تطرقه إلى معادلة نتنياهو بأن الضغط العسكري يوصل إلى صفقة، إذ قال "الحجة بأن الضغط العسكري القوي على ’حماس‘ ومحاربة الكتائب في رفح لإعادة المخطوفين مجرد أوهام عابثة يزرعها بين الإسرائيليين".

مناورة الألغام السياسية

وفي أعقاب حديث إيزنكوت بات واضحاً لنتنياهو أن غانتس وإيزنكوت خارج الائتلاف بعد السادس من يونيو (حزيران) المقبل، وتوقعات الليكود أن يبحث الاثنان عن معايير لإنهاء الحرب من دون تحقيق أهدافها، ومن ثم الانسحاب من الحكومة في ذروة الحرب، وهذا بحسب الليكود يشير إلى أن "الاثنين يهتمان بسياسة صغيرة من الدعم لتحقيق إنجازات في الحرب".

هذا الرد بعد تصريحات إيزنكوت أسهم في احتدام الخلاف السياسي والحزبي فجاءت التفاعلات من بقية الأحزاب، إذ واصل ليبرمان تجنيد الأحزاب داخل غرفة العمليات لضمان أوسع قاعدة لأحزاب المعارضة، قائلاً إن "نتنياهو يناور بين الألغام السياسية ويمتنع من اتخاذ القرارات من أجل إسرائيل ومستقبلها، ولا ينتصر الناس في الحروب بالشعارات"، وهكذا واجه المعسكر الوطني تحريض حزب الـ "ليكود" ومعسكر نتنياهو على غانتس وإيزنكوت.

لكن رد الـ "ليكود" والتمسك بمواقف القيادة في الحكومة في كل ما يتعلق بالحرب والأسرى أسهم في تفعيل الشارع الإسرائيلي وقادة الأحزاب، وفور إعلان ليبرمان إقامة غرفة عمليات دعا زعيم المعارضة يائير لبيد وجدعون ساعر إلى اللقاء والتشاور في سبل إسقاط الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الهدف لدى ليبرمان ولبيد وساعر هو ضم غانتس أيضاً إلى غرفة العمليات لتحديد خطوط واضحة بين نتنياهو وحكومة اليمين، وبين المعارضة ومعارضي نتنياهو، واتفق على "خطة عمل" لتغيير الحكومة من أجل مستقبل دولة إسرائيل، ودعوا بيني غانتس إلى الانسحاب من الحكومة والانضمام إليهم.

وعلى رغم عدم الانسجام بين ثلاثي المعارضة إلا أنهم وبعد انتهاء سبعة أشهر من حرب "طوفان الأقصى" وما خلفته من انهيار داخلي في إسرائيل على مختلف الصعد إلى جانب عدم النجاح في إعادة الأسرى، كثف هؤلاء جهودهم في خندق واحد ويسعون أيضاً إلى اختراق حزب الـ "ليكود" لكسره من خلال جلب أربعة أو خمسة نواب منه للانضمام إليهم، والتوقعات أن ينجحوا في ذلك، إذ يواجه نتنياهو معارضة من داخل حزبه، ليس فقط لرفضهم سياسة الحكومة تجاه حرب غزة، إنما أيضاً لدعم الائتلاف الحكومي قانون التجنيد الذي يعفي المتشددين دينياً (حريديم) من الخدمة.

والهدف الكبير لقاعدة حزب المعارضة هو تقديم موعد الانتخابات أو في احتمال أدنى تغيير الحكومة من دون انتخابات في الكنيست الحالية.

حزب العمل يقلب المعادلات

ووسط هذا العراك والأجواء المحتدمة في الساحة السياسية الحزبية، عاد للواجهة حزب العمل اليساري الذي تعرض لفشل كبير على مدى جولات انتخابية عدة، لكنه بعد أن انتخب النائب السابق لرئيس أركان الجيش اللواء متقاعد يائير غولان رئيساً له، ارتفعت شعبيته بشكل ملاحظ.

وغولان دخل السياسة بعد خلعه الزي العسكري من خلال انضمامه إلى حزب ميرتس والدخول إلى الكنيست، وفي أعقاب حرب غزة اختار هذه المرة حزب العمل، فمواقفه الواضحة أدخلت روح الحياة إلى هذا الحزب وجعلته يتفوق في استطلاعات الرأي المختلفة على أحزاب في الوسط واليمين، إذ منحه استطلاع أخير أجرته "القناة 12" الإسرائيلية 10 مقاعد، وأظهر الاستطلاع في ملخصه أن معسكر المعارضة يتفاعل بين الجمهور بشكل واسع، وفي حال إجراء انتخابات فبإمكانه الحصول على أكثرية 68 مقعداً، فيما يخسر معسكر نتنياهو 12 مقعداً ويتراجع من 64 مقعداً إلى 52 من أصل 120 مقعداً، إذ إن بقية الأعضاء هم النواب من الأحزاب العربية.

ووفق محللي الاستطلاع فإن حزب العمل برئاسة يائير غولان يسحب الأصوات من بيني غانتس، وهذه الأصوات هي لأولئك اليساريين الذين غضبوا على غانتس لأنه لا يزال في حكومة نتنياهو، وهم إضافة نوعية للقوى التي تؤيد السلام.

وإذا كان حزب العمل ورئيسه لم يؤثرا في نتنياهو، فإن  تصريحات يائير غولان نجحت في تحريك سياسي مدني عسكري في ذروة الحرب، عندما دعا الاحتياط إلى عدم الخدمة والمشاركة في حرب غزة.

ودعوته هذه انعكست في إحصاء أجرته شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، إذ تبين أن 42 في المئة فقط من الضباط في الخدمة العسكرية الدائمة يوافقون على استمرار القتال في غزة، فيما أشارت في تقرير المعطيات إلى أنه بسبب إطالة حرب غزة فهناك ارتفاع ملاحظ في عدد توجهات الضباط للتسريح من الجيش خلال الشهرين الأخيرين، وهذا بحسب ما نقل عن مسؤول في الجيش يعكس تراجعاً واضحاً في محفزات الضباط للبقاء في الخدمة العسكرية الدائمة.

ونقل عن ضابط كبير أن هناك سبباً آخر لم يتطرق إليه الجيش في الاستطلاع، "وهو أن الضباط في الخدمة الدائمة يشعرون بتحمل المسؤولية عن النتائج الصعبة وعدم تحقيق النجاح في حرب غزة، وبأن الشعور بالفشل يلاحق الضباط وهم لا يريدون الخدمة في جهاز فاشل"، وفق الضابط الإسرائيلي.

نشر هذه المعطيات بالتزامن مع دعوة يائير غولان وما سرّب من نقاش خلال لقاء عائلات الأسرى مساء الخميس رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، باستمرار إسرائيل في الحرب حتى تحقيق أهدافها وعدم الالتزام بإعادة الأسرى حتى النصر المطلق، صوّب الأنظار نحو تفاعلات المجتمع الإسرائيلي في أعقاب هذه المعطيات، وقد جعلت الصراعات الداخلية مطلب تفكيك حكومة نتنياهو والتوجه إلى انتخابات باكرة أو تغييرها داخل الكنيست، يتصدر أجندة الإسرائيليين نحو حملة واسعة داخل الكنيست للإطاحة بنتنياهو، وكانت البداية بتقديم بيني غانتس اقتراح حجب ثقة عن حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات برلمانية قريبة، وهو اقتراح اعتبره نتنياهو وحكومته وحزبه إلى جانب انسحاب غانتس وإيزنكوت من حكومة الوحدة "هدية ليحيى السنوار".

المزيد من تقارير