Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حوالات المغتربين شريان حياة يكاد يكون الوحيد لشريحة من السوريين

أدت دوراً مهماً للغاية في زيادة مداخيل الأسر المعيشية طوال فترة النزاع

تحجم الدوائر الاقتصادية في سوريا بالتصريح عن حجم الحوالات الخارجية (اندبندنت عربية)

ملخص

تشكل الحوالات مصدراً مهماً لدعم الأسر المعيشية إذ تكفل الحاجات الأساسية مثل المأوى والتعليم والصحة وتساعد الناس على مواجهة الفقر

في حين تحجم الدوائر الاقتصادية في سوريا بالتصريح عن حجم الحوالات الخارجية، وعدم تبني أي رقم رسمي للأموال التي تتدفق لا سيما من المغتربين إلى أسرهم، أظهر تقرير البنك الدولي حجم هذه الأموال الواصلة إلى البلاد، التي ما زالت ترزح تحت نيران الحرب والحصار والجوع لأكثر من عقد من الزمن.

وقدر البنك الدولي في تقرير له إجمالي الحوالات بنحو 1.5 مليار دولار في عام 2022، مبيناً أن أعداداً كبيرة من السوريين يعتمدون على الحوالات الخارجية في معيشتهم، بل باتت شريان حياة يكاد يكون الوحيد لشريحة واسعة من المواطنين ممن فقدوا أعمالهم ووظائفهم بسبب الحرب والضائقة الاقتصادية، في حين تحدثت تقديرات أن الناتج الإجمالي المحلي لعام 2023 نحو 6.2 مليار دولار.

يأتي ذلك وسط توقعات البنك الدولي بمواصلة انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.5 في المئة عام 2024 مع التراجع الذي بلغ 1.2 في المئة خلال العام الماضي 2023 وبقاء التضخم المرتفع بعام 2024، بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة والعجز في أرصدة العملات الأجنبية بالتوازي مع احتمال خفض الدعم الحكومي على مواد ظلت مدعومة حتى سنوات الحرب، منها الغذاء كالخبز والمحروقات والمواد المشغلة للإنتاج ورفع الدعم عنها بصورة تدريجية.

الحوالات ليست للرفاهية

في غضون ذلك ومع الاطلاع على تقرير البنك الدولي الجديد عن سوريا تبين أن ربع عدد السوريين في الداخل أي 27 في المئة من السوريين (ما يعادل 5.7 مليون نسمة) يعيشون في "فقر مدقع" بعد 13 عاماً من الحرب، مما أدى إلى تدهور كبير في رفاهية الأسر السورية وجعل السكان غير قادرين على تأمين حاجاتهم الأساسية والمعيشية.

واعتبر المتخصص الأكاديمي في الشؤون الاقتصادية رضوان المبيض في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن هذا الرقم يأتي في وقت ظلت الحوالات المالية منفذ الأمل الوحيد للطبقة الهشة، وتقي أصحابها الجوع والفقر مع ارتفاع مستويات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية.

وأضاف "ما زاد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تدهوراً تراجع الخدمات الأساسية ورفع الدعم وارتفاع أسعار السلع وزيادة معدلات البطالة، في وقت قطعت المنظمات الدولية دعمها الإغاثي عن المدنيين بسبب نقص التمويل الدولي، وانشغال العالم بقضايا إنسانية وكوارث طبيعية وبشرية وحروب أخرى في بلدان عدة".

وفي هذا السياق يرى الباحث الاقتصادي أن التقرير يأتي وسط غياب الأرقام وغياب سياسة الكشوفات والمصارحة، إذ تدور حول ما يصل من حوالات رسمية وبالسعر الذي يحدده البنك المركزي للتحويلات الخارجية، الذي يقدر بحدود 13 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد بينما الرقم يرتفع في أسعار السوق الموازية 15 ألفاً للدولار، ويتابع "لذلك تنشط شركات ومكاتب صيرفة غير مرخصة ويلجأ إليها عامة الناس ورجال أعمال لأسباب كثيرة منها أمنية تخص المستفيدين، ولكن كل من يتعامل معها معرض لاتخاذ إجراءات قانونية في حقه وعقوبات منها السجن، ولهذا هناك تقديرات مضاعفة لحجم هذه التحويلات التي يصعب إحصاء أرقام عنها لعملها الخفي".

مستوى الفقر

وينطبق المثل الشعبي القائل "بحصة تسند جرة" على التحويلات التي تتدفق من السوريين في دول الاغتراب لأسرهم وعائلاتهم بالداخل الذي اقترب بعضهم من خط الفقر، في وقت أعلنت منظمات أممية عن تخطي 90 في المئة من السوريين حاجز الفقر، وأمنهم الغذائي في خطر، بينما ظلت الأموال التي ترسل تحمل كثيراً عن كاهل الشارع السوري المثقل بجراحه، وأزالت بعضاً من همومه الاقتصادية والمعيشية وسط تضخم متزايد في الأسواق وصل إلى أرقام قياسية غير مسبوقة.

وكشف تقرير للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "منظمة الإسكوا" عن دعائم الانتعاش التي تحملها حوالات المغتربين والتي أدت دوراً مهماً للغاية في زيادة مداخيل الأسر المعيشية طوال فترة النزاع. وقدر تقرير للمنظمة عام 2020 التحويلات التي وصلت عام 2016 بنحو 1.62 مليار دولار أي بمعدل يومي يصل 4 ملايين دولار تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاء في التقرير "تشكل الحوالات مصدراً مهماً لدعم الأسر المعيشية، إذ تكفل الحاجات الأساسية مثل المأوى والتعليم والصحة، وتساعد الناس على مواجهة الفقر العابر بصورة عامة".

ويضيف التقرير الاقتصادي لمنظمة "الإسكوا"، "التحويلات المالية قد تصحح العجز في ميزان المدفوعات على مستوى الاقتصاد الكلي، وقد تتيح مصدراً مستقراً لأمن الدخل على مستوى الاقتصاد الجزئي، لأن تدفقها لا يتضاءل أثناء فترات الركود الاقتصادي بل يتزايد خلال أوقات النزاع ويحركه التواصل مع الأقارب".

أثناء ذلك وصلت نسبة التضخم في سوريا على أساس سنوي إلى 122 في المئة، وعزت المعاونة لحاكم مصرف سوريا المركزي، مها عبدالرحمن، وهو البنك المسؤول عن رسم السياسة النقدية للبلاد، ذلك إلى أسباب تتعلق بالعقوبات الغربية والدولية على الحكومة، وانتشار التهريب على الحدود بصورة غير منضبطة بين دول الجوار، علاوة على ضعف الإنتاج وعجز الميزان التجاري وحالة التمويل بالعجز التي لجأت إليها دمشق منذ أعوام.

وتأثرت البلاد بالصراع والأزمات وانهيار قيمة الليرة مقارنة عما كانت عليه قبل عام 2023، إذ انخفضت بنسبة 141 في المئة مقابل الدولار الأميركي، وتضخم أسعار المستهلكين الذي يرتفع بنسبة 93 في المئة وسط تباطؤ في نمو الاقتصاد، وانخفاض الإنتاج الصناعي والزراعي بحكم هجرة رؤوس الأموال خارج البلاد، وخروج الأراضي الزراعية التي تؤمن المنتجات الغذائية عن الخدمة بسبب الحرب وغلاء كلف الإنتاج وهجرة المزارعين، وهذا ما ترك تأثيره في السوريين ومستوى المعيشة المتدني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير