Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبعاد وأهداف زيارة الرئيس التونسي للصين

هذه الخطوة قد تمهد بالفعل لاتجاه البلاد شرقاً على رغم أن المسألة لا تعدو أن تكون في إطار تنويع الشراكات

حرصت تونس على بناء علاقات متوازنة في الساحة الدولية (أ ف ب)

ملخص

يثير إعلان تونس والصين المشترك إقامة شراكة إستراتيجية تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يُمهد لاتجاه تونس شرقاً أم أن ذلك "استفزاز للغرب"

تعكس الحفاوة التي حظي بها الرئيس التونسي قيس سعيد خلال زيارته الصين للمشاركة في المنتدى العربي - الصيني حال الزخم التي تمر بها العلاقات بين بكين وتونس التي تواجه ضغوطاً غربية في ملفات عدة، أهمها صد المهاجرين غير النظاميين وواقع الحريات في البلاد الواقعة شمال أفريقيا.

ويثير إعلان تونس والصين المشترك إقامة شراكة إستراتيجية تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يُمهد لاتجاه تونس بالفعل شرقاً، كما لوحت كثير من أوساط سياسية موالية للسلطة في البلاد، أم أن ذلك "استفزاز للغرب" الذي ما انفك يضغط عليها بسبب الملفات الآنف ذكرها.

وخلال لقائه سعيد قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إنه "منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 60 عاماً ظلت بكين وتونس تحترمان وتدعمان بعضهما بعضاً دائماً، وتعامل كل منهما الأخرى على قدم المساواة على رغم التقلبات الدولية، مما كتب فصلاً حياً ومشرقاً من وقوف الدول النامية معاً في السراء والضراء".

وأوضح بينغ أن "ترسيخ وتنمية العلاقات الصينية - التونسية يتوافق مع المصالح الأساس والتطلعات المشتركة للشعبين".

بدوره قال الرئيس سعيد إن "تونس تدعم وحدة الصين ودفاعها عن مصالحها الجوهرية"، في وقت يشهد توتر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بسبب تايوان.

تنويع الشراكات

ويرى مراقبون للشأن السياسي في تونس أن الزيارة التي أداها الرئيس قيس سعيد إلى بكين وتوجت بتوقيع كثير من الاتفاقات التي تستهدف تنويع الشراكات الخارجية للبلاد، خصوصاً في ظل شح الموارد المالية والأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها تونس منذ أعوام.

وفي وقت كان يستعد الرئيس سعيد للطيران نحو الصين، كشف وزير الخارجية نبيل عمار في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الحكومية، أن بلاده لا تصطف خلف أحد مهما كان نفوذه وإمكاناته، في تصريحات بدت وكأنها رد على ما تداولته تقارير غربية حول تواجد روسي في تونس وتحذيرات من توطيد العلاقات بين تونس وبكين وموسكو.

واعتبر الباحث السياسي الجمعي القاسمي أن "هذا الاحتفاء والزيارة تندرج في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين والتي فاقت 60 عاماً، وصحيح أن توقيت الزيارة أعطاها دلالات إضافية خصوصاً أنها تزامنت مع الدورة الـ 10 للمنتدى العربي - الصيني، لكن التوقيع على الشراكة الإستراتيجية بين البلدين يجعلنا قادرين على استشراف بعض الرسائل التي حملها ذلك".

وتابع القاسمي أن "هذه الخطوة قد تمهد بالفعل لاتجاه تونس شرقاً على رغم أن المسألة لا تعدو أن تكون في إطار تنويع الشراكات وليس القطع مع الشراكات القائمة، فتونس لديها شريك تقليدي هو الغرب وتحديداً الاتحاد الأوروبي، وهذا لا يمنع من إقامة شراكات أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد على أن "هذه الشراكات يمكن أن تسهم في إيجاد الاستثمارات المطلوبة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، وإذا أخذنا هذه الرسائل بعين الاعتبار فيمكن القول إنها ستكون لها تداعيات في المستقبل القريب لتتضح معالم هذه الشراكة، بخاصة أن بنودها وعناوينها لا تزال غامضة".

من جهة أخرى أفاد القاسمي أن "الغرب لن يفرط في تونس بالنظر إلى موقعها الإستراتيجي، وأيضاً لوجود مصالح لديه فيها، والدليل تطور العلاقات بين تونس وإيطاليا".

مجازفة

وأثار رفض تونس شروط صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار في وقت سابق وتوتر علاقتها معه مخاوف في إدارات صنع القرار الغربية من أن يؤدي ذلك إلى تقارب بين البلد الذي يتدفق منه آلاف المهاجرين نحو أوروبا وروسيا والصين، وهذه المخاوف عبر عنها صراحة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الذي لم يتردد في القول إن "روما لن تترك تونس في أيدي روسيا والصين، فهناك حاجة إلى وجود سياسي ومالي لأوروبا والولايات المتحدة في تونس لأن من الخطأ تركها لروسيا والصين".

وقال الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي إن "الحديث عن شراكة إستراتيجية فيه مجازفة كبيرة من تونس التي دأبت على أن تكون شريكة وحليفة موثوق بها لدى الغرب، وتحديداً الاتحاد الأوروبي".

وأوضح العبيدي في تصريح خاص أنه "إذا كان ما يتداوله بعضهم صحيحاً عن توجه للشرق بدلاً من تحالفاتنا التقليدية، فإن ذلك يوجب ترتيبات داخلية لأن تونس تاريخياً كانت قريبة من الغرب، وحتى جالياتنا معظمها في أوروبا وغيرها وليس الصين وروسيا".

ورأى أن "على تونس استغلال المساعي، سواء من بكين أو غيرها، لتحقيق تقارب معها بشكل يخدم مصالحها بعيداً من الاصطفافات خلف هذا الطرف أو ذاك، لأن ذلك لا يمكن أن يخدم مصالحنا".

ومنذ بزوغ فجر استقلالها عام 1956، حرصت تونس على بناء علاقات متوازنة في ساحة دولية عادة ما تكون على رمال متحركة، في ظل استقطاب مستمر بين المعسكر الغربي من جهة وروسيا والصين وحلفائهما من جهة أخرى.

ومع احتدام التنافس على القارة الأفريقية التي تتقدم فيها روسيا بشكل يثير مخاوف جدية ومتنامية لدى الغرب، فإن موقف تونس، بحسب ناشطين في مجال حقوق الإنسان، قد يكون من العوامل الحاسمة على الأرجح، خصوصاً بسبب موقعها الجغرافي الذي جعلها قبلة للمهاجرين غير النظاميين الذين يشكلون قلقاً للقادة الأوروبيين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات