ملخص
تروج صفحات مغربية أدوية ومواد صيدلانية تكون في الغالب مُهربة تستعمل في عمليات "الإجهاض غير الطبي"، غير أن هويات أصحاب هذه الصفحات التي تنشط على موقع التواصل الاجتماعي الشهير تبقى مجهولة، خشية الوقوع في قبضة السلطات الأمنية.
نعيمة، شابة مغربية في العقد الثالث، لجأت قبل أسابيع قليلة إلى صفحات مغربية في موقع "فيسبوك" بحثاً عن أدوية خاصة لإجهاض جنينها الناتج من علاقة جنسية خارج إطار الزواج، نتج منها حمل "غير مرغوب فيه".
وتروج صفحات مغربية أدوية ومواد صيدلانية تكون في الغالب مُهربة تستعمل في عمليات "الإجهاض غير الطبي"، غير أن هويات أصحاب هذه الصفحات التي تنشط على موقع التواصل الاجتماعي الشهير تبقى مجهولة، خشية الوقوع في قبضة السلطات الأمنية.
ولا تتردد صفحات مغربية على مواقع التواصل الاجتماعي، في الترويج لأدوية محظورة في السوق المغربية، تُستخدم في تسهيل إجهاض الحوامل. وتعرّف إحداها عن نفسها بكونها "صفحة معنية بإجهاض حمل خارج إطار زواج، أو حمل لجنين فيه تشوه، أو توقف نبض" وفق تعبيرها.
تفادي الحمل غير المرغوب
تروي نعيمة قصتها مع "صفحات الإجهاض" على "فيسبوك"، قائلةً إن الذي دفعها إلى تجربة هذه الطريقة هو فشلها في إسقاط جنينها، كونها تخشى رد فعل أسرتها حيال الحمل الذي نجم عن علاقة جنسية غير شرعية مع صديق لها تخلّف عن وعده بالزواج منها.
وأوضحت الشابة الثلاثينية أن "صديقة لها أرشدتها إلى إحدى الصفحات التي تروج أقراصاً طبية مخصصة لإجهاض الحمل"، متابعةً أنها تحت وطأة الضغط النفسي تواصلت مع صاحبة الصفحة الفيسبوكية، التي وفرت لها الأقراص المطلوبة لدواء لا يباع في صيدليات المغرب يدعى "سايتوتيك" بسعر باهظ جداً على حد تعبيرها.
وأكملت المتحدثة ذاتها أنه لم يكن يهمها في ذلك الوقت ثمن الأقراص المروجة بطريقة سرية، بقدر ما كان يهمها التخلص من بطنها المنتفخة بأي شكل من الأشكال، وتفادي "الفضيحة الاجتماعية" على حد وصفها.
من جهته، كشف فؤاد (اسم مستعار) أنه لجأ بدوره إلى هذه الصفحات لجلب دواء يساعد على الإجهاض من أجل زوجته، بسبب "حمل مفاجئ جاء في وقت غير مناسب لهما مادياً ونفسياً" وفق تعبيره.
واستطرد أنه ولج إلى إحدى الصفحات المروجة لأدوية تساعد على الإجهاض، وبصعوبة بالغة استطاع إقناع صاحب الحساب بأنه جاد في طلبه، قبل أن يحصل على أقراص منحها لزوجته لتضعها تحت اللسان، بحسب إرشادات الدواء نفسه.
رخيصة وخطيرة
ويبدو أن هذه الحسابات الفيسبوكية مجهولة الهوية التي انتشرت في المغرب للترويج لأدوية معينة معروفة باحتوائها على مواد تساعد على إجهاض الحمل غير المرغوب فيه، تستغل نفور أو تخوف بعض النساء من إجراء عمليات إجهاض سواء كان إجهاضاً قانونياً وطبياً أو كان سرياً وغير شرعي.
ويقول في هذا الصدد طبيب نسائي، فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، إن "سبب تفضيل العديد من الفتيات والنساء لهذه الصفحات المنتشرة في فيسبوك هو السعر المنخفض مقارنةً مع تكاليف العمليات، وأخطار الخلطات العشبية". ويشرح الطبيب ذاته أن "سعر الأقراص التي تُباع على الإنترنت للمساعدة على الإجهاض مرتفع إذا ما قورن بثمن علبة الدواء نفسه، فمثلاً أربعة أقراص من أحد الأدوية المشهورة في هذا المجال يصل سعرها إلى خمسة آلاف درهم (503 دولارات تقريباً)، بينما ثمن العلبة الحقيقي هو 150 درهماً (15 دولاراً تقريباً).
وسجل المتحدث ذاته أن هذا الدواء لا يباع نهائياً في الصيدليات، ولا يوجد سوى في المستشفيات العمومية بالمغرب، حيث يتم استعماله عادةً بهدف المساعدة على إطلاق المخاض، أو لوقف النزيف ما بعد الولادة.
وزاد أن هذا السعر على رغم أنه مرتفع، لكنه يظل بسيطاً إذا ما قورن مع أسعار عمليات الإجهاض المكلفة مادياً التي يقوم بها البعض في "العيادات السرية"، أو لدى أطباء توليد لا يحترمون مهنتهم.
ونبّه إلى "محاذير تناول هذه الأدوية على الإنترنت، بسبب الأخطار الصحية التي قد تتسبب فيها، حيث قد يحصل نزيف للمرأة بسبب خطأ في الجرعة، أو تداخل عوامل صحية أخرى، من دون أن تجد بجانبها طبيباً متخصصاً ينقذ حياتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحذير برلماني
التحذير من الترويج لأدوية تساعد على الإجهاض، لم يقتصر فقط على جسم الأطباء، بل وصل الأمر أيضاً إلى النواب في البرلمان الذين فتحوا في أكثر من مناسبة ملف ترويج أدوية الإجهاض على الشبكة العنكبوتية.
آخر هذه التحذيرات كانت الرسالة التي وجهها النائب عن "حزب العدالة والتنمية"، عبدالله بوانو، إلى وزير الصحة خالد آيت الطالب، ورد فيها أن "إعلانات الإنترنت المنتشرة تعد خطراً محدقاً بصحة النساء".
وطالب بوانو وزير الصحة والسلطات المعنية "التدخل بشكل صارم للحفاظ على الصحة العامة، وترتيب الجزاءات بحق المتورطين في هذه الممارسات المنافية للقوانين والأنظمة المعمول بها في البلاد".
تربص أمني
وتعمل الأجهزة الأمنية على التربص بمروجي أدوية الإجهاض على الإنترنت، فاعتقلت قبل أسابيع قليلة بمدينة أغادير، شقيقتين لتورطهما في "حيازة وترويج أدوية مهربة من شأنها الإضرار بصحة المواطنين"، وفق بلاغ لمديرية الأمن الوطني.
وتبعاً للمصدر الأمني ذاته، رُصدت إعلانات منشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض للبيع مواد صيدلية مهربة بدعوى استعمالها في تسهيل عمليات الإجهاض، حيث أسفرت الأبحاث التقنية والتحريات الميدانية عن تحديد هوية صاحبة الحساب الإلكتروني، وتوقيفها متلبسة بحيازة وترويج كمية من هذه الأقراص المهربة.
وفي مدينة مراكش، اعتقلت الشرطة شاباً في عقده الثالث بذات التهمة، حيث أسفرت عملية التفتيش المنجزة عن العثور بحوزته على 60 قرصاً طبياً مهرباً من هذه الأدوية المضرة بالصحة العمومية.
نقاش التقنين
ويدور في المجتمع المغربي نقاشاً بخصوص تقنين الإجهاض بصفة عامة، حيث يطالب ناشطون من الحكومة تعديل القانون الجنائي في ما يتعلق بتجريم الإجهاض، خصوصاً الفصل 449.
ويورد هذا النص القانوني أن "مَن أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو من دونه، سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقَب بالحبس من سنة واحدة إلى 5 سنوات وغرامة من مئتين إلى خمسمئة درهم. وإذا نتج من ذلك موتها فعقوبته السجن من 10 إلى 20 سنة".
وفي المغرب يرخَّص للإجهاض في حالات ثلاث محددة، وهي حالة الحمل الخطير على الأم والجنين، وحالة الحمل الناجم عن اعتداءات جنسية مثل الاغتصاب أو زنا المحارم، ثم حالة التشوهات الخلقية التي قد يعاني منها الجنين.