ملخص
قبل أسبوعين من "نكسة 67" وصف وزير الإعلام السوري إسرائيل بأنها دولة عصابات ونمر من ورق، وحالة إسرائيل الورقية أصبحت مع حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) "أوهن من خيوط العنكبوت".
في يونيو (حزيران) من كل عام، لا بد من العودة لـ"يونيو 67"، فما جرى قبل 57 سنة يأبى أن يدخل طيات الكتب، فكلما نظرنا في واقعنا وجدنا فيه كثيراً من معطيات تلك الحرب، كأننا في "نكسة مستمرة". والسؤال المرير كيف أن فترة تزيد على نصف قرن لا تكفي لاستخلاص العبر وتغيير المسارات والذهنيات؟
في الساعات الأولى على "حرب 67" استبدت فضيلة الكرم العربي برئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك أحمد الشقيري، فدعا وعبر أثير الإذاعة كل العرب إلى "وليمة في فلسطين". وربما من حسنات الهزيمة أنها وفرت على الشقيري نقمة الجماهير العربية، التي كانت ستنهال عليه باللوم لأنه لم يحسن تنظيم المأدبة المليونية.
ما يحصل اليوم في غزة وجنوب لبنان "حالة الشقيرية" مع فارق أنها تدعو كل محتفل بنصر "حماس" و"حزب الله" إلى أن يأكل في بيته، هذا الولع بالانتصار الذي يتناوب عليه الفكر القومي العربي والفكر الديني المتشدد، ينتهك إنسانية المواطن العربي، فالمحن والأخطاء والأزمات إذا ما اعترف بها تتحول محركات تدفع بالإنسان إلى حال أفضل في مناحي الحياة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التأليه السياسي الذي انتهجه الفكر القومي العربي كان يعني أن المواطن كامل الأوصاف ويحمل رسالة خالدة، لكن توالي الأحداث حصر التأليه بالقائد المفدى الذي يحمل على كتفيه أعباء القضية بعدما تبين أن الشعب ناقص في عقله وشجاعته. ثم جاء دور الحركات الدينية المتطرفة، وهنا الطامة أكبر فالنهج إلهي بامتياز، وأي تساؤل أو نقد يخرج صاحبه من جادة الإيمان إلى مهالك الكفر. وهكذا يتناوب الفكران على الإنسان العربي العادي الذي عليه أن يثبت كل يوم أنه وطني وملتزم بأهداب الدين، أما قضايا التنمية والثقافة والرخاء فتأتي في أدنى الدرجات. وكرامة 36 ألفاً من أهل غزة تكون موفورة إذا قتلوا، ويجب ألا تقارن بكرامتهم الإنسانية وحقهم بالحياة الرغيدة والسعيدة. هذا الجوع إلى التفوق عند القوميين والإسلام المسيس، يخفي عقدة نقص مؤداها الرسوب الدائم في امتحانات الحضارة الإنسانية، ولا سبيل لإخفاء عقدة النقص هذه إلا بالانغماس بكل أنواع الموت العاجل. فالموت العاجل يضمر قومياً شجاعة أدبية، ودينياً وصولاً سريعاً إلى جنات الآخرة.
قبل أسبوعين من "نكسة 67" وصف وزير الإعلام السوري إسرائيل بأنها دولة عصابات ونمر من ورق، وحالة إسرائيل الورقية أصبحت مع حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) "أوهن من خيوط العنكبوت". وفي مقابل القرى اللبنانية الحدودية التي أصبحت أثراً بعد عين، تنظر عين "حزب الله" بالرضا عما تنقله الصحافة الإسرائيلية من انقسامات داخلية وتدهور المعنويات، فكل مقالة في صحافة إسرائيل تعوض زوال قرية وتشريد سكانها. ثمة مثل لبناني يقول "نكاية بجاري أحرق شروالي".