Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما تصبح الأسطورة عاملاً لترويج المواقع السياحية

عجائب "ستون هنج" البريطاني وبابل القديمة وقداسة "الأكروبوليس" اليوناني مع غموض الأهرام وألغاز "ماتشو بيتشو" في البيرو

"ستون هنج" أعجوبة بريطانية ينجرف فيها العلم إلى الميثولوجيا (بيكسلز) 

ملخص

الأسطورة قد تكون عامل جذب رئيساً لأهم المواقع السياحية في العالم، خصوصاً أن هناك اهتماماً سياحياً كبيراً بالأماكن المرتبطة بقصص الماضي، فهي وسيلة قوية وجذابة في استراتيجيات الترويج السياحي.

يقول الباحث السوري فراس السواح إن "الأسطورة حكاية مقدسة"، ولعل عنصر القداسة هو ما حفظ تداولها والبحث عنها من قبل البشر، فالأساطير هي النواة الأساس لكل حضارة وأساس وعي كل فرد، والأسطورة بما هي قائمة عليه طبقات متعددة من المعاني، ودائماً ما تقدم نموذجاً يحتذى في رحلة الفرد عبر مناحي الحياة، وذلك بحسب الميثولوجي الأميركي جوزيف كامبل.

لذلك هناك اهتمام سياحي كبير بالأماكن المرتبطة بالأسطورة والقصص من الماضي، فهي وسيلة قوية وجذابة في استراتيجيات الترويج السياحي وربط السياح المعاصرين بالماضي المتخيل، إذ تقدم جولات وتجارب تسمح للسائحين بالانغماس في هذه القصص، وهذا لا يجلب فوائد اقتصادية فحسب، بل يحافظ أيضاً على التراث الثقافي غير المادي للوجهة ويعززه.

"ستونهنغ"

ويقال عن "ستون هنج" أنها أعجوبة ما قبل التاريخ، فترتفع الدوائر الحجرية من سهل سالزبوري في بريطانيا العظمى، إذ تعد أحجارها الوعرة مركز جذب للزوار ليستكشفوا بناءها المذهل.

و"ستونهنغ" ليست مجرد نصب تذكاري عمره 4000 عام، ولكنه في نظر بعض الإنجليز عبارة عن دوامة من الأساطير القديمة والجدل الحديث، وهو رمز لإنجلترا منذ فترة طويلة قبل وجودها وواحد من أعظم ألغاز العالم.

وتعد هذه الحلقات الحجرية هيكلاً مركباً تم بناؤه خلال ثلاث فترات متميزة، فقد افترض علم الآثار في منتصف القرن الـ20 بصورة عامة أن الحلقات الحجرية كانت تستخدم في أنشطة الطقوس، واكتشف علماء الفلك الآثار السماوية المهمة التي تشير إلى أن الحلقات الحجرية استخدمت كمراصد فلكية، وكشفت هذه الدراسات عن التطور الرياضي الاستثنائي والقدرات الهندسية التي بنيت عليها الحلقات الحجرية.

ووفقاً لكتاب عالم الأرض براين جون الجديد (The Stonehenge Bluestones) فإنه "على مدى الأعوام الـ50 الماضية، كان هناك انجراف من العلم إلى الميثولوجيا (علم الأساطير) في دراسة (ستون هنج)، وكان الدافع وراء ذلك بصورة جزئية هو التوجه الإعلامي المستمر في شأن البحث عن قصص جديدة ومثيرة حول النصب الأثري"، فالتساؤلات المتكررة حول من الذي أوقف هذه الحجارة؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومن أين أتت؟ تبقى لغزاً يحاول العلماء الإجابة عنه، وكذلك دافعاً للسياح حول العالم لمعاينة هذا الموقع عن قرب.

 

 

وارتفع عدد زوار "ستون هنج" بـ36 في المئة عام 2023 وفقاً لتقرير جديد أصدرته رابطة مناطق الجذب السياحي الرائدة، والتي قالت إن أكثر من 1.3 مليون شخص زاروا الدائرة الحجرية في "ستون هنج"، مما جعل موقع ويلتشير يحتل المرتبة 23 في قائمة المعالم السياحية الأكثر زيارة في المملكة المتحدة.

بابل القديمة

ومن أرض بريطانيا العظمى إلى أول حضارة مدنية في التاريخ، حيث تنتصب مدينة بابل الأثرية بكل مكتشفاتها ومقتنياتها التي زودت العالم بأهم المعارف والتقنيات محاولة الإجابة عن كمية هائلة من التساؤلات حول عظمة حضارتها التي ذكرت في معظم الأديان السماوية والتي تركت إرثاً ثقافياً ما زال حتى اللحظة غير مكتشف بالكامل.

وتأتي شهرة المدينة من حدائقها الأسطورية المعلقة، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع، والتي أمر نبوخذ نصر الثاني ببنائها كهدية لزوجته الملكة أميتيس تذكيراً لها ببلادها الأصلية في فارس، وتشتهر المدينة ببرج بابل وهو برج أسطوري يلامس السماء، إلا أن بوابة عشتار هي الميزة الأساس لبابل وهي عبارة عن مدخل ضخم بناه نبوخذ نصر الثاني نحو عام 575 قبل الميلاد، كجزء من طريق موكب ضخم يؤدي إلى المدينة.

وتقع مدينة بابل الأثرية على مسافة 90 كيلومتراً جنوب بغداد و10 كيلومترات شمال مدينة الحلة، ويمكن الوصول إليها بالطريق الرئيس (بغداد- الحلة) وبطريق سكة الحديد (بغداد- البصرة) الذي يمر بجوار مدينة بابل.

ويستقطب العراق عدداً متزايداً من السياح مع تحسن الوضع الأمني تدريجاً، إذ تجذب مناطقه المتنوعة من الصحارى والأهوار الشاسعة إلى أطلال المدن والإمبراطوريات الأقدم في العالم هواة المغامرة من دول غربية، ويتوافد كثر من دول مجاورة إضافة إلى عدد متزايد من أوروبا والولايات المتحدة على رغم التحذيرات من السفر، وكشفت إحصاءات الدولة العراقية عن أن "ما يزيد قليلاً على 2.5 مليون أجنبي زاروا العراق في ستة أشهر، بين 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 و15 مايو (أيار) 2023، بينهم 312 ألف عربي".

الأكروبوليس

ومن حاضرة بابل الأقدم إلى حاضرة اليونان القديمة، حيث ينتصب "الأكروبوليس" على مرتفع يطل على مدينة أثينا التاريخية وهو معبد يوناني قديم يقع على قمة صخرة ضخمة مسطحة ترتفع عن سطح البحر بنحو 150 متراً، وتمتد على مساحة 30 ألف متر مربع في أثينا.

واعتاد اليونانيون القدماء بناء "أكروبوليس" لكل مدينة ذات أهمية، وكان "أكروبوليس أثينا" له الشأن الأعظم بينها جميعاً، وفي حالة الغزو الخارجي كان اليونانيون يتخذون منه قاعدة حصينة لمقاومة القوات الغازية، ويحتوي "الأكروبوليس" على أربعة مبان رئيسة وهي معبد البارثينون وبوابة بروبيليون ومعبد أثينا ومعبد أريخثيون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذه المدينة عاشت المعرفة والثقافة والفلسفة أسمى مراحل حياتها، ففي أرجائها صدح صوت سقراط عندما كان يضع أسئلته التي تفتح للفكر آفاقاً مما دفع أهل عصره لإعدامه، وإلى هناك يحج السياح بكثافة كل عام علهم يستعيدون أسطورة المجد الذي تحدثت عنه كتب التاريخ.

وليس من المستغرب أن يستقبل "الأكروبوليس" عدداً كبيراً من الزوار على مدار العام ويصبح مزدحماً بصورة شبه مستحيلة خلال الموسم السياحي، مما دفع الحكومة اليونانية إلى وضع ضوابط جديدة ضرورية لمنع الاختناقات والاكتظاظ ولحماية هذا المعلم، إذ شهد مجمع النصب التذكاري بحسب تقرير نشرته صحيفة "أرت نيوز" الأميركية زيارة أكثر من ثلاثة ملايين شخص عام 2022 بمعدل 23 ألف زائر يومياً، في حين يتوقع أن يصل عدد زوار الموقع إلى 20 ألفاً يومياً هذا الصيف.

الأهرام

وكيفما كان الحديث عن السياحة فلن تستثنى أهرام مصر منها، فكيف إذا كان الموضوع يتناول ربط الأسطورة بالوجهة السياحية، فالأساطير ستظل تتردد حول الأهرام لأن تاريخ أربعة آلاف عام أرخى بكثير من الجدل حولها، إضافة إلى أن العلم ما زال يقف عاجزاً أمام تفسير بعض أعمال المصريين القدماء حتى الآن.

 

 

ومن أحد أشهر الأساطير التي تتحدث حول الأهرام في عصرنا الحديث أنها من صنع الفضائيين وكان آخر داعمي هذه الفكرة إيلون ماسك، والسبب في ذلك عدم تصديق الكثيرين لقدرة البشر على بناء مثل هذه الأهرام في الحضارات القديمة، فما تم بناؤه قبل 4500 عام ما زال علماء الآثار يناقشون فيه إلى اليوم كيف بني؟ ولماذا؟ وماذا يوجد حقاً في داخله؟ وهل الأهرام فقط عبارة عن قبور أم أنها مفاتيح لعالم آخر غامض؟ كل هذا منح الأهرام ثوباً من العظمة والغموض والهيبة يجذب عدداً كبيراً من السياح حول العالم للقدوم إليها ومعايشة ما سمعوه عنها عن قرب.

وعليه تستقبل الأهرام ما لا يقل عن 14 مليون سائح كل عام، ومن أهم الأماكن التي يزورها السياح هرم خوفو وهرم خفرع وهرم منقرع، وتزداد أعداد السياح كل عام للأهرام من الأجانب والعرب والمصريين.

وتؤثر الأهرام بصورة مباشرة في أنماط الحياة في مصر، فهي تؤثر في اقتصاد البلاد وتزيده وتوفر عديداً من الوظائف للسكان المحليين، وتشغل كثيراً من القطاعات مثل النقل والزراعة وتفيد السياحة في تفعيل التبادل الثقافي.

ماتشو بيتشو

يمكن لأي شخص زار مدينة ماتشو بيتشو أو قام برحلة إليها في البيرو في أميركا الجنوبية أن يشهد على فهم "الإنكا" المذهل للكون، حيث توجد في جميع أنحاء الموقع أحجار كبيرة منحوتة بصورة مثالية ومتوافقة تماماً مع المواقع الفلكية للكواكب والنجوم.

وأدى إلى ظهور أسطورة "ماتشو بيتشو" أن الموقع كان مركزاً فلكياً لـ"الإنكا"، وبناء هذا الموقع يعد لغزاً كبيراً يحيط بالقلعة وكيف استطاع "الإنكا" تحريك مثل هذه الصخور الكبيرة قبل اختراع العجلة؟ إضافة إلى اعتبار هذه المنطقة منطقة زلازل، وعلى رغم ذلك بنيت "ماتشو بيتشو" نفسها فوق خطي صدع، وعندما يحدث زلزال يقال إن الحجارة في مبنى "الإنكا" ترقص، أي إنها ترتد خلال الهزات ثم تعود إلى مكانها.

 

 

ويقول علماء الآثار إنه لولا طريقة البناء هذه لكان عديد من المباني المعروفة في "ماتشو بيتشو" انهار منذ فترة طويلة.

وبسبب الألغاز التي لا تزال تكتنف "ماتشو بيتشو"، تتجه أسراب من الزوار من جميع أنحاء العالم إلى هذا المكان بأعجوبته المعمارية على ارتفاعه 1640 قدماً (500 متر) عن سطح البحر، ويستقبل سنوياً ما يزيد قليلاً على 1.5 مليون زائر من كل أنحاء العالم.

ويندهش السائحون الذين يرون المدينة للمرة الأولى من المناظر الطبيعية الجميلة التي تحيط بالموقع الأثري، وتشمل الجبال والسماء المليئة بالغيوم وغيرها كثير، ويقول عديد من السياح إنهم يشعرون بطاقة خاصة أثناء زيارتهم "ماتشو بيتشو" والتي تعد واحدة من مناطق الجذب الشهيرة لإشعاع الطاقة هي (Intihuatana) الساعة الشمسية، وللقيام بذلك كل ما على السائح فعله هو تقريب يده من البناء.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير