ملخص
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس الأحد حل "الجمعية الوطنية" وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة بعد فوز "اليمين المتطرف" الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.
احتفظت مجموعات الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) مع الاشتراكيين والديمقراطيين و"تجديد أوروبا" (وسطيون وليبراليون) مجتمعة بالغالبية في البرلمان الأوروبي، على رغم تقدم كبير لقوى اليمين المتطرف، على ما أظهرت تقديرات نشرها البرلمان أمس الأحد.
ومع 181 مقعداً متوقعاً للحزب الشعبي الأوروبي و135 للاشتراكيين والديمقراطيين و82 لـ "تجديد أوروبا" (رينيو يوروب)، تشكل هذه الأحزاب "الائتلاف الكبير" الذي ستحصل في إطاره التسويات في البرلمان الأوروبي مع جمعها 398 مقعداً من أصل 720.
وصوت عشرات ملايين الناخبين أمس الأحد لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي، فيما حقق اليمين المتطرف مكاسب في فرنسا وألمانيا والنمسا، مما قد يؤثر في المسار السياسي للاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بينما يجري انتخاب الأعضاء الـ720 في البرلمان الأوروبي على خلفية مخاوف مرتبطة بالحرب الروسية في أوكرانيا والتحديات الكبرى في مواجهة الصين والولايات المتحدة.
وأدلى مواطنو 21 من إجمال 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، بينها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، بأصواتهم في اليوم الأخير من الماراثون الانتخابي الذي بدأ الخميس الماضي في هولندا، وفي المجموع استدعي أكثر من 360 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع.
رئيسة المفوضية الأوروبية: سنبني حصناً ضد المتطرفين
من جانبها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية وعضو حزب الشعب الأوروبي أورسولا فون دير لاين أمس الأحد إن الحزب الذي ينتمي إلى "يمين الوسط" سيبني حصناً ضد المتطرفين من تياري اليسار واليمين.
وأدلت فون دير لاين بهذه التصريحات في رد فعل على النتائج الأولية لانتخابات الاتحاد الأوروبي التي أظهرت أن حزب الشعب الأوروبي هو أكبر حزب، ولكن من المتوقع أن تحقق الأحزاب القومية اليمينية المتطرفة والمشككة في الاتحاد الأوروبي أكبر المكاسب.
وقالت "لا يمكن تشكيل غالبية من دون حزب الشعب الأوروبي، ومعاً سنبني حصناً ضد المتطرفين من اليسار واليمين".
اليمين الفرنسي
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس الأحد حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية، وقال ماكرون في كلمة متلفزة "سأوقع بعد قليل مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى في الـ 30 من يونيو (حزيران) الجاري، والدورة الثانية في السابع من يوليو (تموز) المقبل".
وفاز "اليمين المتطرف" بزعامة جوردان بارديلا في الانتخابات بنسبة تزيد على 30 في المئة من الأصوات، ملحقاً هزيمة ساحقة بالمعسكر الرئاسي الذي حصل على نحو 15 في المئة من الأصوات، بحسب التقديرات، يليه بنتيجة متقاربة "الديمقراطيون الاجتماعيون".
واعتبر الرئيس الفرنسي أن نتيجة الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا"، مشيراً إلى أن اليمين المتطرف حصد "ما يقارب 40 في المئة من الأصوات" في فرنسا (إذا أضفنا إلى قائمة بارديلا قائمة حزب "الاسترداد" بقيادة إريك زمور).
وتابع إيمانويل ماكرون أن "صعود القوميين والديماغوجيين يشكل خطراً على أمتنا وأيضاً على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا وفي العالم"، وكان جوردان بارديلا قد أعلن بالفعل أنه سيطالب بحل الجمعية الوطنية بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه قبل الانتخابات، وطالب بذلك مجدداً مساء أمس الأحد، واصفا ماكرون بـ"الرئيس الضعيف".
وفي رد فعل فوري أعلنت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن "نحن على استعداد لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم"، إذ خسرت لوبن في مواجهتها مع ماكرون مرتين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، وتهدف إلى الوصول للرئاسة في الاستحقاق المقرر عام 2027.
"البديل من أجل ألمانيا"
وفي ألمانيا، القوة الرائدة في الاتحاد الأوروبي، جاء حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في المركز الثاني بنسبة تناهز 16.5 في المئة من الأصوات خلف "المحافظين"، وعلى رغم الفضائح الأخيرة التي طاولت رئيس قائمته فإن حزب "البديل من أجل" ألمانيا تقدم على الاشتراكيين الديمقراطيين (14 في المئة) الذين يتزعمون الائتلاف الحاكم، وهي انتكاسة مريرة للمستشار أولاف شولتز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في النمسا فحصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف على 27 في المئة من الأصوات ليصبح أكبر قوة سياسية في البلاد، وفق استطلاعات رأي نشرت في وقت متأخر من بعد الظهر، واعتبرت الناخبة الألمانية تانيا ريث (52 سنة) أن "الاتحاد الأوروبي لن ينجح إلا إذا شكل تكتلاً وبقي متحداً، وأعتقد أنه من المهم الوقوف إلى جانب السلام والديمقراطية خصوصاً في هذا العالم حيث يبحث الجميع عن عزل أنفسهم عن الآخرين"، أما في تولوز، جنوب غربي فرنسا، رأت مارتين دوريان (76 سنة) أن التصويت ضروري، مضيفة "إذا لم تعد هناك أوروبا غداً، فلن تكون هناك فرنسا".
"الأخطار كبيرة"
وشددت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن، بعد يومين من تعرضها لاعتداء في كوبنهاغن، على أن "الأخطار كبيرة"، مشيرة إلى "السلامة والأمن في ظل الحرب في أوروبا والضغط على حدود أوروبا والتغير المناخي وتأثير عمالقة التكنولوجيا".
وإذ تتوقع استطلاعات الرأي صعود "اليمين المتطرف" في عدد من البلدان، فإنه من المرتقب أن تظل غالبية المقاعد من حصة "الائتلاف الكبير" من "اليمين" و"الاشتراكيين" و"الليبراليين" الذي شكل الغالبية في البرلمان السابق، لكن النتائج قد تقلص مجال المناورة المتاح للقوى التقليدية، مما يضطرها إلى البحث عن شركاء جدد وينذر بمفاوضات مكثفة خلال الأسابيع المقبلة.
وأدلى الناخبون بأصواتهم الخميس الماضي في هولندا، حيث برز حزب "خيرت فيلدرز اليميني" المتطرف، حتى وإن اكتفى بالمركز الثاني خلف ائتلاف "الديمقراطيين الاشتراكيين" و"الخضر"، وفق تقديرات، وصوتت رئيسة المفوضية الأوروبية الألمانية أورسولا فون دير لايين التي تسعى إلى ولاية ثانية مدتها خمسة أعوام، صباحاً في مدينة بورغدورف بولاية ساكسونيا السفلى رفقة زوجها.
غالبية مؤيدة للسلام
من جهته قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بعد الإدلاء بصوته في بودابست، "آمل أن تفرز هذه الانتخابات غالبية مؤيدة للسلام"، بينما ينتقد الزعيم القومي بروكسل بشدة دائماً ويكثف هجماته على حلف شمال الأطلسي، متهماً إياه بجر دول الحلف إلى "مواجهة عالمية".
وفي البلدان المجاورة لروسيا التي تخوض حرباً مع أوكرانيا، يشكل الأمن مصدر قلق لبعض الناخبين، وتشكل تعبئتهم أحد الرهانات الكبرى في هذا الاستحقاق.
وفي إسبانيا انخفضت المشاركة حتى الساعة السادسة مساء (16:00 بتوقيت غرينتش) إلى 38.35 في المئة، بتراجع قدره 11 نقطة مئوية عن الانتخابات الأخيرة عام 2019، وفي المقابل بلغت في فرنسا 45.26 في المئة عند الساعة الخامسة مساء (15:00 بتوقيت غرينتش) مقارنة بـ43.29 في المئة عام 2019.
حاجز في وجه اليمين المتطرف
وفي فرنسا حيث دعي 49 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم لاختيار 81 نائباً أوروبياً، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تشكيل حاجز في وجه اليمين المتطرف، محذراً من أن صعوده يهدد بعرقلة أوروبا.
وكذلك يتصدر "اليمين المتطرف" التوقعات في ألمانيا حيث يبقى حزب "البديل من أجل ألمانيا" في موقع قوي على رغم الفضائح التي طاولت رئيس قائمته ماكسيميليان كراه.
أما في إيطاليا حيث بدأت عمليات التصويت أول من أمس السبت وتواصلت أمس الأحد، فتشير التوقعات إلى تصدر حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني مع ترقب فوزه بـ22 مقعداً في البرلمان الأوروبي في مقابل ستة حالياً.
الدفاع عن الحدود
وأكدت ميلوني التي ترشحت على رأس القائمة في هذه الانتخابات، رغبتها في "الدفاع عن الحدود بوجه الهجرة غير النظامية وحماية الاقتصاد الفعلي ومكافحة المنافسة غير النزيهة".
من جهته حث رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع، وقال إن "التصويت هو الذي يقرر ما إذا كان المستقبل الذي نبنيه معاً لأوروبا وإسبانيا مستقبل تقدم أو تقهقر".
وستكون المهمة الأولى لأعضاء البرلمان الأوروبي هي تأييد أو إبطال اختيارات زعماء الدول الأعضاء لرئاسة المفوضية، وستجتمع الدول الـ27 في قمة في بروكسل نهاية يونيو الجاري، وفي حال أعادت تسمية أورسولا فون دير لايين فإن تصويت البرلمان الذي يتوقع أن ينتهي خلال جلسة عامة في ستراسبورغ منتصف يوليو المقبل، سيكون حاسماً.
يذكر أنه في عام 2019 وعندما سميت فون دير لايين في هذا المنصب بشكل مفاجئ، منحها البرلمان ثقته بغالبية ضئيلة جداً بلغت تسعة أصوات.