Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أدوية الاكتئاب تتسبب في أعراض شتى عند وقفها

دراسة تظهر أن أنواعها المتداولة في بريطانيا تتسبب في الحد الأدنى من المعاناة خلال مرحلة سحبها

تبين أن مضادات الاكتئاب من الأنواع الأكثر استعمالاً في المملكة المتحدة، لم تتسبب إلا بأدنى معدل من أعراض الانسحاب (أن بي أس.أورغ. آي يو)

ملخص

دراسة بريطانية تظهر أن الأدوية الأكثر تداولاً لعلاج الكآبة المرضية لا تتسبب إلا بالحد الأدنى من الأعراض حينما يتوقف المرضى عن تناولها

وفق الدراسة الأوسع من نوعها، يعاني واحد من كل ستة مرضى أعراضاً انسحابية في مرحلة التوقف عن تناول الأدوية المضادة للكآبة المرضية، كنتيجة مباشرة لذلك التوقف. ويقل ذلك المعدل عما أظهرته دراسات سابقة عن الموضوع نفسه.

وقد تضمنت تلك الدراسة التي نشرتها مجلة "لانسيت للطب النفسي" تحليلاً جديداً جرى وفق اختبارات عشوائية مضبوطة، وأظهر أن 15 في المئة من المرضى يعانون عارضاً انسحابياً أو أكثر، بأثر مباشر من إنهاء تناول مضادات الاكتئاب، فيما يكابد ما يراوح بين 2 في المئة و3 في المئة من المرضى أعراضاً انسحابية شديدة. (تعني الدراسة العشوائية المضبوطة أنها جرت وفق أساليب إحصائية تضمن عدم تدخل الانحيازات المسبقة للمرضى أو المعالجين، في مساراتها ونتائجها).

وفي بحوث سابقة أصاب ذلك النوع من الأعراض الانسحابية 56 في المئة ممن توقفوا عن تناول مضادات الاكتئاب، مع الإشارة إلى اعتراض خبراء على مدى موثوقية تلك النسبة.

وبين عامي 2022 و2023 أعطيت وصفات الأدوية المضادة للكآبة لنحو 8.6 مليون مريض في إنجلترا، بحسب أرقام هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، وتسميتها المختصرة هي "أن أتش أس".

وفي البحث الجديد تبين أن مضادات الاكتئاب من الأنواع الأكثر استعمالاً في المملكة المتحدة، لم تتسبب إلا بأدنى معدل من الأعراض الانسحابية خلال الفترة التي شملتها الدراسة.

وقد ينجم عن وقف تناول مضادات الاكتئاب إما أعراض انسحابية متنوعة، أو عدم حدوثها على الإطلاق.

وتتمثل الأعراض التي يبلغ عنها المرضى أكثر من سواها، بالدوخة والصداع والغثيان والأرق والتوفز مع الإحساس بعدم الاستقرار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبصورة نموذجية تظهر أعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب خلال أيام قليلة، وبينت الدراسة الجديدة أنها تستمر بين خمسة عشر يوماً و196 يوماً.

وفي ألمانيا دقق بحاثة في تأثيرات مروحة من مضادات الاكتئاب، خلال تلك الدراسة التي شملت بيانات من 21 ألف مريض، شاركوا في 79 جزءاً من ذلك البحث. وشكلت النساء النسبة الأكبر (72 في المئة) ممن شملتهم الدراسة، وبلغ معدل العمر لديهن 45 سنة.

ومن بين قائمة ضمت 11 دواء مضاداً للاكتئاب، تبين أن من تناولوا عقاقير "سيتالوبرام" citalopram و"سيرترالين" sertraline و"فلوأكزتين" fluoxetine، وهي الأنواع الأكثر استعمالاً في المملكة المتحدة، تدنت إمكانية معاناتهم أعراضاً انسحابية إلى الحد الأدنى.

(هذه النتائج المسجلة تمثل تحسناً أساساً عن أي شيء مماثل سبق نشره قبلها.           بروفيسور غلين لويس)

ووفق بحاثة، يخرج دواء "فلوأوكزتين" من الجسم بأبطأ من الأدوية الأخرى، وقد يتسبب في أعراض انسحابية أقل.

وفي المقابل حل دواء "فينلافاكزين" venlafaxine المتداول في المملكة المتحدة، في المرتبة الثانية بين الأدوية الأكثر تسبباً للأعراض التي يعانيها من يتوقفون عن تناوله.

وعلمت وكالة "برس أسوسيشن" للأنباء من بروفيسور الإحصاءات الوبائية للطب النفسي في "كلية جامعة لندن" غلين لويس، أن "الأدوية الأكثر استخداماً في المملكة المتحدة هي "سيرترالين" و"سيتالوبرام" و"فلوأوكزتين"، وهي كلها علاجات الاكتئاب التي تنخفض خطورة تسببها بأعراض انسحابية إلى الحدود الأدنى. وفي المقابل يشيع نسبياً استخدام دواء "فينلافاكزين" في بريطانيا، لكنه يستعمل كخط (خيار ثان) ثان بين مضادات الاكتئاب، ويعطى لمن لا يتجاوبون مع أدوية الجبهة الأولى".

وأضاف بروفيسور لويس "يبدو أن "فينلافاكزين" يوصل إلى أعراض انسحابية أكثر حين التوقف عن تناوله. بالتالي سيميل الأطباء إلى نصح مرضاهم بإطالة مدة التوقف التدريجي عن تناوله. كذلك يتوفر "فينلافاكزين" في السوق بتركيبة تطلقه في الجسم ببطء، مما يخفض إمكانية ظهور أعراض متعلقة بالتوقف عن تناوله".

وفي مقالة افتتاحية تتصل بالبحث نفسه، أورد البروفيسور لويس وزميلته الدكتورة غيما لويس أن عدداً من الدراسات التي استند إليها البحث في تحليله الواسع، كانت صغيرة (لم تشمل أعداداً كبيرة من المرضى)، "وكثير منها تناول مضادات لاكتئاب لم تعد مستعملة الآن، ودرس حالات مضى وقت طويل على توقفها عن تناول مضادات الاكتئاب. وعلى رغم تلك التحفظات المقيدة، فإن النتائج الواردة في البحث تشير إلى تحسن أساس بالمقارنة مع ما كل رصدته الدراسات السابقة المنشورة".

من المهم ملاحظة أن أعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لا تعود إلى أي تأثير إدماني في تلك الأدوية.  د. جوناثان هنسلر

وأورد د. جوناثان هنسلر الذي يعمل في الجمعية الخيرية "يونيفرسيتاتسمدزين برلين"، وقد شارك في كتابة الدراسة، "ثمة أدلة قوية على فاعلية مضادات الاكتئاب، بالنسبة إلى كثيرين ممن يعانون اضطرابات اكتئابية، إما منفردة أو بالتشارك مع علاجات أخرى كالعلاج النفسي. في المقابل، لا يستفيد المرضى كلهم بالطريقة نفسها، بالتالي يعاني بعض المرضى أعراضاً جانبية غير مريحة. في الحالات التي شفيت بمساعدة مضادات الاكتئاب، يبقى قرار وقف تناول تلك الأدوية وتوقيته، بيد الأطباء والمرضى".

وأضاف هنسلر "بالتالي من المهم بالنسبة للأطباء والمرضى الحصول على صورة دقيقة مستندة إلى الأدلة عما قد يحدث حينما يتوقف المرضى عن تناول مضادات الاكتئاب. ومن المهم ملاحظة أن أعراض التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لا تأتي من أي تأثير إدماني لهذه العقاقير. هنالك حاجة ملحة بالنسبة إلى كل المرضى الذين يتوقفون عن تناول مضادات الاكتئاب، لأن يحصلون على استشارة طبية، ومتابعة ودعم من المتخصصين في الرعاية الصحية. في المقابل، لم تسجل معدلات مرتفعة من تلك الأعراض الانسحابية، بالمقارنة مع ما بلغته في بعض المراجعات والدراسات المنفردة السابقة، في بحثنا الذي جمع معطيات عدد كبير من الدراسات، وذلك من شأنه يبعث بالطمأنينة".

(من الناحية السريرية، ستسمر حاجة الأطباء إلى الحوارات في شأن وقف الأدوية والطرق المأمونة لتنفيذ ذلك، على رغم الشعور بالرضا مع معرفة أن معدلات الأعراض الانسحابية أقل بكثير مما سجل في الماضي. د. سامر جوهار، "كينغز كوليدج، لندن")

ووجد البحث المشار إليه أعلاه، أن التوقف عن تناول أدوية "إيمبرامين" و"باروأوكزيتين" و"فينلافاكزين"، ارتبط مع ارتفاع في خطر معاناة أعراض شديدة بالمقارنة مع مضادات الاكتئاب الأخرى.

وبحسب الطبيب الاستشاري في "كينغز كوليدج، لندن"، أن التقييمات السابقة سجلت معدلات مرتفعة في حدوث الأعراض الانسحابية. وأضاف "تشير المراجعات المدققة وتحليل البيانات الفرعية في هذه الدراسة الجديدة، إلى أن معدلات الأعراض الانسحابية أقل مما سجلته الدراسات قبلها. ويضاف إلى ذلك أن تلك الأعراض تحدث حتى لدى أشخاص أوقفوا تناول أدوية وهمية، بالمقارنة مع من تناولوا مضادات كآبة فعلية". (في الدراسات المقارنة، تعطى مجموعة من المرضى أدوية وهمية، تسمى "بلاسيبو" Placebo، تتماثل شكلياً مع الأدوية الفاعلة كي تقارن تأثيراتها مع الأدوية الفعلية).

وأضاف "في حالة أدوية "بلاسيبو"، سجلت أعراض انسحابية بمعدل 14 في المئة، فيما حدثت أعراض شديدة في 2 في المئة من الحالات. ويجب الإقرار بأن ذلك يحتفظ بدلالته بصورة حصرية على مرضى شاركوا في الدراسات. وفي المقابل تشكل تلك النتائج أفضل ما نملكه من المعارف في الوقت الحاضر".

وأورد جوهار "من الناحية السريرية، ستسمر حاجة الأطباء إلى الحوارات في شأن وقف الأدوية والطرق المأمونة لتنفيذ ذلك، على رغم الشعور بالرضا مع معرفة أن معدلات الأعراض الانسحابية أقل بكثير مما سجل في الماضي. ويحمل هذا البحث على التنبه والرضى، لأن بعض الأشخاص ربما تراجعوا عن أخذ أدوية لها إمكانات علاجية فاعلة، بالاستناد إلى أدلة متدنية النوعية (والموثوقية) لا تتوافق بصورة متبصرة مع المنهج العلمي. إن العلم يصحح نفسه، ويجب تهنئة مؤلفي الدراسة على عملهم".

ويفيد موقع "الخدمات الصحية الوطنية" بأن الأشخاص الذين يرغبون في التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب يجب أن يتحدثوا مع أطبائهم الذين يوصون بتوقف تدريجي يستمر عبر أسابيع عدة.

وقد تناول الأمر نفسه البروفيسور أوليفر هويز، رئيس لجنة أدوية النفسية في "الجمعية الملكية للأطباء النفسيين". وبحسب هويز "تشكل مضادات الاكتئاب معالجة موصى بها من الناحية العيادية، وتملك فاعلية في تخفيف أعراض الاكتئاب المتوسط والشديد، خصوصاً حينما تستعمل مع المقاربات العلاجية المستندة إلى الكلام مع المرضى. ومن المهم أن يناقش المرضى خياراتهم العلاجية مع أطباء ممارسين مؤهلين، كي يشرح لهم فوائد مضادات الاكتئاب وأخطارها وتأثيراتها الجانبية. وإذا اختار شخص ما التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، يجب على طبيبه مساعدته في إنجاز ذلك ببطء وبطريقة مضبوطة تحد من تأثير أي عوارض انسحابية محتملة".

اقرأ المزيد

المزيد من صحة