يطالب أعضاء في البرلمان ومحامون بإجراء تحقيق مستقلّ في استعانة الحكومة بمصادر خارجية لنظام إصدار تأشيرات الدخول بعد ظهور أدلّة على جني الشركات الخاصة ملايين الجنيهات جرّاء إرغام الأشخاص المستضعفين على دفع رسوم "ابتزازية" والسفر لمسافاتٍ طويلة لتقديم طلب للحصول على إقامة في المملكة المتحدة.
ويعرب سياسيون من مختلف الأحزاب عن دعمهم للدعوات إلى إجراء مراجعة طارئة في شراكة وزارة الداخلية مع شركة "سوبرا ستيريا" Sopra Steria الفرنسية إثر تحذيراتٍ من تعرّض المهاجرين القانونيين "لخطر الانزلاق في بيئةٍ معادية" بعد الاستعانة بخدمات الشركة الخارجية لعملية إصدار التأشيرات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوردت صحيفة "اندبندنت" في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع بأنّ النظام الذي يقضي بحضور مقدّمي الطلبات إلى أحد المراكز الرئيسية الستّ حول البلاد التي تقدّم خدماتٍ مجانية أو إلى واحد من المراكز الواحد والخمسين الاخرى التي تفرض رسوماً تبدأ بـ60 جنيهاً استرلينياً. كما ذكرت الصحيفة أن النظام المذكور يجبر الأشخاص على تكبّد مشقّة السفر مئات الأميال أو دفع رسوم مرتفعة لتقديم طلباتهم ضمن الوقت المحدد بسبب النقص في المواعيد المجانية.
وأرسلت أحزاب العمّال والديمقراطيين الليبراليين والخضر مذكرة إلى "إدارة التدقيق الوطنية" NAO يطلبون من خلالها إجراء تحقيق وتقديم تقريرٍ للبرلمان عن عملية تنفيذ العقد.
وفي رسالةٍ إلى الإدارة المكلفة أداء دور الرقيب، قال بول بلومفيلد النائب عن حزب العمّال إنّ من شأن هذا التحقيق أن يمكّن النوّاب من "التدقيق بفعاليّة في الخدمة التي تقدّمها سوبرا ستيريا والتي سيطلبها آلاف الناخبين لدينا." وتابع " اشعر بقلقٍ بالغ بشأن قدرة (الشركة) وإمكانيتها، خصوصاً ونحن نقترب من الوقت الذي سيشهد تزايداً حتمياً في الطلب الناجم عن موسم ‘موجة الطلاب‘ في سبتمبر (ايلول) 2019 وطلبات مشروع التسوية لمواطني الاتحاد الأوروبي الراغبين بالإقامة هنا".
من جانبه، أفاد متحدّث باسم "إدارة التدقيق الوطنية" أنّهم تلقّوا الرسالة وسيعملون على "دراسة محتوياتها بدقّة" خلال الأيام القليلة القادمة واتخاذ القرار في كيفية الردّ بالشكل المناسب على المخاوف التي تثيرها.
وحظيت هذه المطالب بدعم جمعية المحامين وجمعية العاملين في شؤون الهجرة ILPA اللتين تمثّلان المحامين والحقوقيين حول البلاد. وكان سبق للجمعيتين أن أعربتا عن مخاوفهما لدى وزارة الداخلية بشأن هواجسهما المتعلقة بالنظام.
وقالت كريستينا بلاكلاوز، رئيسة جمعية المحامين إنه "نظراً للمشكلات التي أثرناها مع آخرين، أصبح من الضروري في هذه المرحلة أن تخضع العملية للتدقيق المستقلّ. إننا قلقون للغاية من أن تؤدّي التناقضات في العملية إلى قراراتٍ غير قانونية أو غير صحيحة للمتقدّمين بالطلبات."
وأيّد هذه المطالب سياسيّون من مختلف الأحزاب، بمن فيهم وزير الهجرة في حكومة الظلّ العمالية أفظال خان، وإد ديفي المتحدث باسم حزب الديمقراطيين الأحرار للشؤون الداخلية، وجوناثان بارتلي الزعيم المشارك في حزب الخضر، وديفيد لامي النائب عن حزب العمال.
وفي حين أنّه كان بإمكان المتقدّمين للحصول على التأشيرة الذهاب سابقاً إلى مكتب البريد المحلي لإرسال المستندات وتقديم البيانات البيومترية مثل بصمات الأصابع، أصبح يتحتّم عليهم الآن أن يقصدوا أحد المكاتب الستة في المملكة المتحدة التي تقدم خدمة مجانية، وتقع في مانشستر وبرمنغهام وغلاسكو وكارديف وبلفاست وكرويدون.
يُذكر أنّ هنالك 51 مركزاً آخر تقع غالبيّتها في المكتبات المحلية والتي تفرض رسماً يبدأ بستين جنيه استرليني. كما تقدّم سوبرا ستيريا "خدمةً استثنائية" من خلال شركة شريكة إسمها "بي أل أس" BLS حيث تبدأ كلفة المواعيد بـ200 جنيه استرليني. وبحسب بيانات توفرت بواسطة طلب "حرية معلومات" FOI، حققت هذه الخدمة أرباحاً تزيد على من 2 مليون جنيه استرليني بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) 2019.
وقال المحامون أنّ مقدّمي الطلبات لم يتمكّنوا من حجز مواعيد مجانية نظراً لعدم توفّرها على موقع سوبرا ستيريا الالكتروني مع اضطرار البعض منهم إلى السفر مئات الأميال أو دفع رسوم عالية، وهو أحياناً الخيار الأغلى، بهدف تقديم طلبهم على الوقت.
وفي إحدى الحالات، فشل لاجىء باكستاني من أصحاب الاحتياجات الخاصة في مانشستر مراراً في حجز موعدٍ مجاني لطلبه بالإقامة الدائمة بسبب عدم توفّرها. فما كان من عبد الفاروق، 56 عاماً، سوى الحضور إلى ردهة الطلبات المميزة في لندن بكلفةٍ بلغت 780 جنيه استرليني.
وقال أفظال خان، وهو النائب عن دائرة عبد الفاروق، إنّه "مبلغ مرتفع بشكلٍ مضحك" لا يمكن لناخبه أن يتكبّده. وأضاف موضحاً أن " خدمات طلب التأشيرة والإقامة هي إلزامية، ولكنها تكون غالباً غير متوفرة بالكامل خارج لندن. تعطي سوبرا ستيريا الأرباح أولوية على الاشخاص، ويجدر بوزارة الداخلية أن تعيد النظر بشكلٍ عاجل في شراكتها مع الشركة".
وفي حالاتٍ أخرى، وجد مقدّمو الطلبات أنفسهم في "متاهةٍ من التضليل والتوجيه الخاطىء" أثناء تعبئتهم نماذج الطلبات التي زوّدتها الشركة عبر الانترنت، وهو ما أضطرّ الأشخاص المعنيين على حدّ قول المحامين إلى التخلي عن العملية أو تقديم طلباتٍ غير دقيقة من المحتمل أن تؤدّي إلى رفضٍ غير صحيح.
وقال ديفي من الحزب الديمقراطي الليبرالي أنّها "فضيحة" بأن "تنتفع" الشركات الخاصة من رسوم طلبات التأشيرة مضيفاً أنّ "الاشخاص الذين يأتون إلى بلدنا يجلبون معهم فوائد جمّة لاقتصادنا ومجتمعنا. علينا أن نرحّب بهم لا أن نضع حواجز مالية هائلة."
كما أثار إيان موراي النائب عن حزب العمال مخاوف بشأن وجود مركز واحد يقدّم المواعيد المجانية في اسكتلندا مشيراً إلى أنّ ذلك "يشكّل سوء فهمٍ كامل لجغرافيا البلاد وأنّه مثال آخر عن البيئة المعادية" التي تخلقها وزارة الداخلية.
وقال لامي إنّه "لمن العار الوطني" أن تُطلب المعونة بشأن نظام التأشيرات من شركاتٍ خاصة خارجية تسعى للربح، معتبراً أنّ ذلك يخلق "حاجزاً إضافياً مهيناً" لعملية غالباً ما تكون "غير عادلة نظامياً من الأساس.. كثيرون ممّن لا يستطيعون دفع رسوم باهظة أو السفر لمسافات طويلة لديهم كامل الحق في البقاء في المملكة المتحدة. هذا النظام القذر يجبرهم على تحمل كل الإهانات للبيئة المعادية."
وقال متحدّث من شركة سوبرا ستيريا أنّ مواقعها مصممة لتوفير الوصول لـ 78% من مقدّمي الطلبات إلى مركز يقع ضمن 50 ميلاً و62 % إلى مركز ضمن 25 ميلاً.
وأعلنت الشركة أنّها زادت من قدرتها مع إضافة سبع نقاط خدمة من المتوقع كان من المفترض أن تباشر العمل في يوليو (تموز) 2019، بما في ذلك مركزاً ثانياً اساسياً في مانشستر تلبيةً لطلب العملاء.
وقال متحدّث بإسم وزارة الداخلية "نأسف عن أيّ إزعاج تمّ التسبّب به لأولئك غير القادرين على الحصول على المواعيد التي كانت عرضة لزيادةٍ على الطلب أكثر من المتوقّع."
واضاف أنّ الوزارة تعمل بشكلٍ وثيق مع شركة سوبرا ستيريا لجعل المزيد من المواعيد متوفّرة في مواقع موجودة عبر المملكة المتحدة.
© The Independent