اكتشف علماء أنّ "ألواح الجليد" السميكة التي لا يمكن اختراقها، تتوسّع داخل الطبقة الجليدية وتسبّب تدفّق كميات ضخمة من المياه الذائبة إلى المحيط.
يحتوي الجليد عادة على مسامٍ ممّا يعني أنّه قادر على إعادة امتصاص المياه الذائبة. ولكن كشف بحث حديث أنّ الكتل الجليدية تتمدّد مع ارتفاع حرارة المناخ. وأدّى جريان المياه السطحي الناجم عن هذه الظاهرة حتّى تاريخه إلى إضافة أقلّ من ميليمتر واحد على مستويات مياه البحر.
ولكن، بحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشور"، أن هذه المستويات قد ترتفع بحلول عام 2100 حوالي 3 إنشات إذا وصلت الانبعاثات إلى أقصى حد يمكن تخيله يتصل بالحد الأقصى للانبعاثات ممكن تخيّله.
وبالعودة إلى عام 2000، كان مساحة حيّز جريان المياه السطحي، أي منطقة الطبقة الجليدية حيث يساهم ذوبان الجليد في رفع مستوى مياه البحر، تساوي مساحة ولاية نيو مكسيكو الاميركية. وبين عامي 2001 و2003 توسّعت هذه المنطقة بمعدل مساحة ملعبي كرة قدم اميركية في الدقيقة الواحدة.
بالتالي، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات حرارة الأرض، إلى استمرار مساحة جريان المياه السطحي بالتمدّد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا السياق، يقول مايك ماك فيرين، وهو من جامعة كولورادو بولدر وكبير أعضاء فريق البحث "حتّى في ظلّ توقعاتٍ مناخية معتدلة، بوسع الطبقات الجليدية أن تضاعف حجم منطقة الجريان السطحي بحلول العام 2100. وفي ظلّ سيناريوهات انبعاثاتٍ أعلى، من المتوقع أن يتزايد حجم منطقة الجريان السطحي ثلاثة أضعاف."
ووجدت الدراسة أنّ من شأن هذا أن يساهم في ارتفاع مستوى مياه البحر بين نصف إنش إلى ثلاث إنشاتٍ، وذلك بالإضافة إلى ارتفاع مستواها في غرينلاند الناجم عن مصادر أخرى كتشكل الجبال الجليدية.
عن ذلك تقول ماشا موسافي، وهي باحثة في المركز القومي لبيانات الثلوج والجليد NSIDC "مع استمرار حرارة المناخ بالارتفاع، تستمرّ ألواح الجليد هذه بالتمدّد وتعزيز عمليات ذوبانٍ أخرى.. إنّه تأثير كرة الثلج: المزيد من الذوبان يؤدّي إلى المزيد من الالواح الجليدية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى المزيد من الذوبان الذي يُولّد مجدداً ألواح جليدية."
تتسرب المياه الذائبة عادة نحو الأسفل وتتجمّد قبل أن تتدفّق نحو البحر. ولكن، عندما أصبح ذوبان القطب الشمالي أكثر حدّة تتمدد الطبقات الجليدية وتتصلّب لتصبح ألواحاً ضخمة تبلغ سماكتها 16 متراً ممّا يشكل طبقة غير قابلة للاختراق تحت السطح مباشرةً. وبالتالي، لا يمكن للمياه الذائبة أن تعبر هذه الطبقات ولهذا تتسرّب نحو الأسفل بموازاتها حتّى تبلغ المحيط.
وبحسب الأرقام الصادرة عن "المركز القومي لبيانات الثلوج والجليد"، ذاب الثلج والجليد في يوليو (تموز) 2012 بنسبة 97% من سطح الطبقة الجليدية في غرينلاند وهو حدث لم يشهده العالم من قبل خلال 33 عاماً من بدء الاحتفاظ بسجل لصور الأقمار الصناعية. وخلال فصل الربيع الماضي، ذاب 80 مليار طن من الجليد في غرينلاند ما شكّل رقماً قياسياً جديداً.
تجدر الإشارة إلى أنّ الكتل الجليدية اكتُشفت للمرة الأولى عام 2012. وراقبها العلماء من خلال قيادة عربات ثلجٍ في جنوب غرب غرينلاند مزوّدة براداراتٍ لقياس حجمها. وفهم ردود فعل قطبية كهذه هو أمر محوريّ لفهم كيف يمكن لارتفاع حرارة المناخ أن يغيّر المدن غير المحصّنة.
وقال هورست ماشغوث، الباحث في جامعة فريبورغ في سويسرا والكاتب المشارك في الدراسة إن "ما يثير الاهتمام هو أنّه منذ عقود وضع العلماء فرضيات حول أثر المياه الذائبة في مناخٍ محترّ على طبقات الثلج في غرينلاند، وذلك على أساس القياسات والنظريات.. أظهرت نتائجنا بأنّ افتراضاتهم هي أقرب لما يحدث اليوم في غرينلاند."
ومن شأن كمية الانبعاثات الصادرة عن النشاط البشري أن تحدّد مدى مساهمة هذه الكتل الجليدية في ارتفاع مستوى البحر - وقد يتراوح ذلك من بضع ميليمترات إلى بضع إنشات.
يقول الدكتور ماكفيرين "يملك الإنسان الآن خياراً بشأن الاتجاه الواجب اعتماده".
© The Independent