ملخص
على رغم الانزعاج الجسدي والمزاجي خلال أيام الطمث أظهرت النساء سرعة في رد الفعل ودقة في التصرف.
وجد بحث صدرت نتائجه أخيراً أن النساء يرتكبن أخطاء أقل خلال أيام الحيض. واكتشف الخبراء أن النساء يعانين تقلبات في السرعة الذهنية طوال فترة الدورة الشهرية، فيما يقدمن استجابات أسرع ويرتكبن أخطاء أقل في فترات الحيض. [تمتد الدورة الشهرية من اليوم الأول من الحيض إلى اليوم الأول من الحيض الثاني. ويتراوح متوسط طول الدورة الشهرية من 28 إلى 29 يوماً ولكن تختلف دورة كل امرأة عن الأخرى].
ودرس فريق من "جامعة كوليدج لندن" (UCL) و"معهد الرياضة والتمارين والصحة" (ISEH) في بريطانيا مجموعة مشاركين مؤلفة من 241 رجلاً وامرأة، أنجزوا اختبارات عبر الإنترنت وخضعوا لتسجيل حالتهم المزاجية والأعراض التي عانوا منها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخضع المشاركون إلى هذه الاختبارات عبر الإنترنت مرتين تفصل بينهما 14 يوماً، وشملت قياس سرعة رد الفعل [مقياس رئيس للسرعة التي يستجيب بها المرء للمحفز، وتمثل الفاصل الزمني بين بداية التحفيز (مثل الإشارة البصرية أو السمعية) والاستجابة السلوكية اللاحقة، مثل الضغط على زر أو التحدث بكلمة] لدى المشاركين ومستوى الانتباه والقدرة على التعامل مع المعلومات المرئية، إضافة إلى تخمين موعد حدوث شيء ما.
وكذلك استخدم الباحثون تطبيقات رقمية لتتبع الحيض لدى النساء بغية تخمين المرحلة [من الدورة الشهرية] التي مررن بها عند الخضوع للاختبارات المذكورة.
وأظهرت النتائج بدورها عدم وجود اختلاف في سرعات رد الفعل وفي الدقة بين الرجال والنساء، ولكن النتائج بالنسبة إلى النساء كانت مثيرة جداً للاهتمام.
فقد تبين أن أداءهن عموماً كان أكثر كفاءة خلال فترة الحيض مقارنة مع أية مرحلة أخرى من دوراتهن الشهرية، إذ كان وقت استغرقته ردود فعلهن أسرع مقارنة مع الفترات الأخرى وارتكبن عدداً أقل من الأخطاء.
وفي المقابل قدمت النساء سرعات رد فعل أبطأ وكان أداؤهن بالنسبة إلى التوقيت الاستباقي سيئاً، وذلك في الفترة الممتدة بين الإباضة وبداية الدورة الشهرية التالية (تسمى "مرحلة الطور الأصفري" luteal phase [تستمر نحو 14 يوماً])، إلى جانب الوقوع في أخطاء إضافية في فترة الإباضة.
وجاءت تلك النتائج على رغم أن النساء أبلغن عن شعورهن بحال سيئة خلال أيام الطمث، بما في ذلك تعكر الحالة المزاجية ومعاناة أعراض جسدية.
وكتب الباحثون في مجلة "نوروسيكولوجيا" Neuropsychologia (علم النفس العصبي) أن "نسبة كبيرة من النساء شعرن أن أعراضهن تؤثر سلباً في أدائهن الإدراكي خلال الحيض في يوم الاختبار، علماً أن كلامهن هذا لم يتوافق مع أدائهن الفعلي".
وصممت الاختبارات التي استخدمها العلماء في الدراسة لتقليد العمليات الذهنية التي يتوسلها اللاعبون عادة في الرياضات الجماعية.
وفي أحد الاختبارات عرضت على المشاركين وجوه مبتسمة أو تغمز، وطلب إليهم الضغط على مفتاح المسافة في لوحة المفاتيح فقط عندما يرون وجهاً مبتسماً. واختبر هذا الفحص تثبيط الاستجابة أو كبحها [عملية إدراكية تسمح للمرء بكبح نفسه بغية اختيار السلوك الأنسب الذي يتسق مع تحقيق أهدافه، وضبط النفس جانب مهم من هذا التحكم التثبيطي] ومستوى الانتباه وسرعة رد الفعل ونسبة الدقة.
وفي اختبار آخر طلب إلى المشاركين تحديد صور معكوسة في ما يسمى التدوير الذهني للأشياء في فضاء ثلاثي الأبعاد [تخيل الشكل الذي سيبدو عليه الحافز في حال تدويره]، بينما طلب إليهم اختبار آخر النقر عند اصطدام كرتين متحركتين على الشاشة بعضهما ببعض.
وبالنسبة إلى النساء كشفت النتائج أنه في فترات الحيض كان التوقيت في المتوسط 10 مللي ثانية (12 في المئة) أكثر دقة في مهمة الكرات المتحركة، وفي مهمة تثبيط الاستجابة نقرن على مفتاح المسافة في لوحة المفاتيح في الوقت الخطأ أقل بنسبة 25 في المئة.
وفي المقابل كانت سرعات رد الفعل لدى النساء أبطأ خلال "المرحلة الأصفرية" من دورتهن الشهرية، بمعدل 10 إلى 20 مللي ثانية أبطأ مقارنة مع مرورهن بأية مرحلة أخرى. ولكنهن لم يرتكبن مزيداً من الأخطاء في هذه المرحلة.
وأشار الباحثون إلى أن بحوثاً سابقة في الطب الرياضي وجدت أن النساء خلال المرحلة الأصفرية، يتعرضن أكثر على ما يبدو لإصابات ناتجة من ممارسة الرياضة. وأضافوا أن التردد في التوقيت يصنع الحد الفاصل بين الإصابة من عدمها.
وتطرقت إلى النتائج الباحثة الأولى في الدراسة من "كلية لندن الجامعية" و"معهد الرياضة والتمارين والصحة" الدكتورة فلامينيا رونكا، فعبرت عن دهشتها من "أن أداء المشاركات كان أفضل خلال فترات الحيض، وفي نتيجة تطعن في ما تفترضه النساء وربما المجتمع عموماً، في شأن قدراتهن في هذه الفترة تحديداً من الشهر.
وأعربت الدكتورة رونكا عن أملها في أن "توفر هذه النتائج الأساس لمناقشات إيجابية بين المدربين والرياضيين حول التصورات والأداء، لأن ما نشعر به لا يعكس أداءنا دائماً".
وفي تصريح أدلت به إلى وكالة الأنباء "برس أسوسيشن ذكرت الدكتورة رونكا أن الاختبارات تقيس التوقيت وعمليات أخرى، ولكن الدراسة لم تقس معدل الذكاء أو قوة الذهن.
وذكرت الدكتورة رونكا أنه لا يمكن القول إن النساء كن أكثر أو أقل ذكاء في هذه المرحلة أو تلك من دوراتهن الشهرية، مضيفة "نحن نتحدث فقط عن سرعات رد الفعل ووقت الحركات"، [في الرياضات عموماً لا سيما الملاكمة وفنون الدفاع عن النفس والتنس، يمثل وقت الحركات قدرة الرياضي على تحريك أحد أطرافه بسرعة في الاتجاه المطلوب].
الدكتورة ميغان لوري التي اشتغلت في الدراسة أيضاً، أشارت إلى وجود "أدلة كثيرة تتناقلها النساء على أنهن قد يشعرن مثلاً بالتشوش الذهني قبل الإباضة مباشرة، وتدعم النتائج التي توصلنا إليها هنا هذا الكلام".
"أتمنى أن تفهم النساء كيف تتغير حال أدمغتهن وأجسادهن خلال الشهر، مما سيساعدهن على التكيف مع تلك التغيرات"، ختمت الدكتورة لوري.