Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع البطالة في بريطانيا أولوية سياسية

إن الوظائف – وتصور الناس لآفاق توظيفهم – هي أكثر أهمية من أي مؤشر اقتصادي آخر. وهذا هو السبب الذي يجعل الأرقام الأخيرة ذات الصلة خبراً انتخابياً سيئاً (بغض النظر عن الحزب الفائز)

عدد الوظائف الشاغرة تراجع بواقع 12 ألف وظيفة إلى 904 آلاف وظيفة في الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو (رويترز)

ملخص

أمام رئيس الوزراء الجديد تحد اقتصادي كبير يتلخص في توفير الوظائف، فضلاً عن معالجة بعض المسائل البعيدة الأجل في سوق العمل.

ضربة أخرى يتلقاها ريشي سوناك هذه المرة في صورة بيانات جديدة تتناول سوق العمل، صدرت عن مكتب الإحصاءات الوطنية. وأظهرت البيانات مواصلة معدل البطالة الارتفاع في حين انخفض عدد الوظائف الشاغرة مرة أخرى.

ويرتفع معدل البطالة حالياً لأربعة أشهر متتالية من 3.8 في المئة في الفصل الأخير من عام 2023، إلى 4.4 في المئة في الأشهر الثلاثة المنتهية نهاية أبريل (نيسان) 2024، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من سنتين ويمثل ارتفاعاً قدره 190 ألف عاطل عن العمل خلال تلك الفترة.

وفي الوقت نفسه تتراجع الوظائف الشاغرة إلى 23 فترة متتالية، ولا تتوافر سوى علامة ضئيلة على وجود ضوء في نهاية النفق. وبين مارس (آذار) ومايو (أيار) 2024 سجل انكماش إلى 904 آلاف وظيفة بانخفاض قدره 12 ألف وظيفة. ومنذ الذروة المسجلة في ربيع عام 2022 انخفض عدد الوظائف المتاحة بمقدار الثلث تقريباً، على رغم وجوب الإشارة إلى أن العدد لا يزال أعلى من مستويات ما قبل الجائحة.

وثمة اتجاه آخر غير مرحب به – ازدياد الخمول الاقتصادي – لا يزال يؤثر سلباً. لقد ارتفع معدله إلى 22.3 في المئة، وفي حين يجب أخذ الأرقام مع قليل من الحذر (أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأنه يعاني مشكلات في أخذ العينات)، وهناك ما يقدر بنحو 2.83 مليون عاطل عن العمل نتيجة لمرض بعيد الأجل. أما انتقاد رئيس الوزراء لـ"ثقافة التقارير المرضية" المفترضة في بريطانيا فلم يفعل شيئاً للحد من هذا الاتجاه.

وكذلك خفض معظم القطاع الخاص عدد العاملين وشكلت التجارة بالتجزئة والضيافة قطاعين ملحوظين في هذا الصدد، وسلط مكتب الإحصاءات الوطنية الضوء على قطاع إصلاح المحركات.

وبدت الأمور أكثر بهجة في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، إذ سجل ما يقارب 170 ألف عامل إضافي خلال الأشهر الثلاثة المنتهية نهاية أبريل (مقارنة بالسنة الماضية)، وهذا ربما علامة على الجهود المبذولة لتقليص قوائم الانتظار وتخفيف أزمة الرعاية (وإن كانت النتائج مختلطة). وكذلك أظهر قطاع التعليم زيادة في العاملين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك وبغض النظر عن هذه النقاط المضيئة نسبياً فالصورة العامة تمثل سوق عمل تزداد برودة، وسلطت "مؤسسة القرار" الضوء على انخفاض معدل توظيف أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 16 و64 سنة إلى 74.3 في المئة، وهو رقم أفادت بأنه الآن ليس أعلى إلا قليلاً من أدنى مستوى مسجل خلال الجائحة والبالغ 74.1 في المئة، وذلك خلال شتاء عام 2021. وأضافت "إن الانخفاض الهائل بنسبة 1.9 نقطة مئوية عن معدل التوظيف في المملكة المتحدة قبل الجائحة للبالغين 16 إلى 64 سنة والبالغ 76.2 في المئة يعني أن القوة العاملة، مع تثبيت عدد السكان إحصائياً باتت أقل عدداً بأكثر من مليون عامل".

أما الأجور فلم تتأثر بهذا الأمر وارتفعت بنسبة ست في المئة باستثناء المكافآت، أو بنسبة 5.9 في المئة عند أخذ المكافآت في الاعتبار. ومن الواضح أن هذه أخبار جيدة لأولئك الذين يكسبون أكثر في وقت يتراجع فيه معدل التضخم إلى حد قريب من مستهدف بنك إنجلترا البالغ اثنتين في المئة.

ومع ذلك ليست هذه الأخبار مبهجة للغاية للمقترضين. ومن المقرر أن تكون لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا التي تحدد معدلات الفائدة قد أحيطت علماً بالصعوبات التي تواجهها سوق العمل، لكن البيانات المتعلقة بالأجور التي أبرزها أعضاء لجنة السياسة النقدية مراراً قبل دخولهم مرحلة الصمت الانتخابي ستكون مدعاة للقلق.

وترتبط الأجور في قطاع الخدمات المهيمن على الاقتصاد ارتباطاً وثيقاً بالأسعار، ويظل معدل تضخم الأسعار في قطاع الخدمات مرتفعاً بعناد حتى مع انخفاض المعدل الكلي. ويبدو من المؤكد الآن أن لجنة السياسة النقدية ستقف مكتوفة الأيدي مرة أخرى عندما تجتمع الأسبوع المقبل، ولذلك من غير المرجح أن يرى رئيس الوزراء أية إشادة به تصدر في هذا المجال قبل الانتخابات.

ولا يزال خفض معدل الفائدة في أغسطس (آب) احتمالاً ولا تزال أجزاء من القلب التجاري للندن تأمل في رؤية خفضين بحلول نهاية العام. وهذا أمر مثير للجدل بقدر ما يتعلق الأمر بالاحتمالات، لكن يجب أن نتذكر أن المقيمين في القلب المالي يتميزون بعادة الاستعجال بالنظر إلى البيانات، ولن أشارك ما يبديه بعضهم بوضوح من تفاؤل.

وتشكل الوظائف وتصور الناس لآفاق توظيفهم للناخبين أهمية أكبر من أي مؤشر اقتصادي آخر. ويعني احتفاظ المرء بوظيفة أنه يستطيع دفع أقساط الرهن العقاري وشراء الطعام، حتى في مواجهة ارتفاع الأسعار. وهذا هو السبب الذي يجعل المسألة خبراً انتخابياً سيئاً (بغض النظر عن الحزب الفائز).

ويتبين أن التحدي الاقتصادي الأكبر الذي يواجه الإدارة المقبلة يتلخص في توفير الوظائف، فضلاً عن معالجة بعض المسائل البعيدة الأجل في سوق العمل، مثل الفجوات على صعيد المهارات التي تفسد قطاعات مهمة. وحتى في وقت تتراجع فيه سوق العمل ككل، تؤدي هذه الفجوات حتماً إلى نقص في بعض المجالات، ويكون المطلوب من أية حكومة مقبلة كبيراً. لكن بالنسبة إلى الحكومة التالية هذه المرة ستثبت كلمة "وظائف" أنها الكلمة الأكثر إلحاحاً على الإطلاق.

© The Independent