يبدو أن الطريق إلى حكومة "وحدة وطنية"، في إسرائيل بين حزبَيْ الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو و"أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، تواجه عراقيل تعيد إلى الساحة السياسية النقاش حول إمكانية التوجه مجدداً إلى انتخابات برلمانية، وهي خطوة ترفضها الجهات كافة وفي مقدمتها، الرئيس رؤوفين ريفلين، الذي يواصل بذل جهوده لرأب الصدع بين الحزبين وزعيميهما.
وكانت الجلسة الأولى بين وفدي الحزبين، قد انتهت اليوم الثلاثاء، بعدم التوصل إلى أي اتفاق، حتى إنّ ممثلي حزب الليكود اتهموا الوفد المفاوض من قبل "أزرق أبيض"، بوضع العراقيل من خلال محاولتهم تفكيك كتلة اليمين ورفضهم الحديث عن أية حكومة وحدة وطنية يشارك فيها المتدينون وحزب "إلى اليمين".
وخلافاً للأجواء التي سادت الساحة الحزبية في إسرائيل، عقب لقاء زعيمَيْ الحزبين، غانتس ونتنياهو، لأكثر من ساعتين، سادت أجواء القلق حيال عدم التوصّل إلى حلّ يفضي إلى تشكيل حكومة، بعد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ونُقل عن جهات في كتلة اليمين، التي تضم الليكود والأحزاب الدينية وحزب "إلى اليمين"، أن شخصية بارزة في حزب "أزرق أبيض"، مطلعة على سير المفاوضات واللقاءات بين الحزبين، أبلغتهم ان نتنياهو يتجاهلهم في مناقشته تشكيل حكومة وحدة وطنية مع غانتس.
كما أكدت مصادر من "أزرق أبيض" أنّ نتنياهو يضع في رأس أولوياته في المشاورات، مسألة التناوب على رئاسة الحكومة بينه وبين غانتس، من دون أن يبدي أي اهتمام بكتلة اليمين.
في مقابل استمرار اللقاءات بين وفدي الحزبين المفاوضين، تناقش المؤسسة السياسية سيناريوهات احتمال فشل المفاوضات، ويُتوقع أن يرضخ ريفلين لواقع أكثرية 55 نائباً أوصوا بنتنياهو لتشكيل الحكومة ويكلّفه بهذه المهمة.
الخلاف على التناوب
ومن بين أكثر التوقعات التي ترقبها ريفلين وقادة الأحزاب والإسرائيليون، أن يتّفق كلٌّ من غانتس ونتنياهو على التناوب خلال ولاية الحكومة المقبلة، إلاّ أنّ مسؤولين في حزب الليكود، قالوا صراحة أن الحزب لا يفضل التناوب على رئاسة الحكومة، وفي أحسن الأحوال قد يوافق نتنياهو على منح المنصب لغانتس في السنة الأخيرة من ولاية حكومة الوحدة.
في سياق متصل، صرح مسؤولون في حزب "أزرق أبيض"، أن المفاوضات ليست سهلة أمام تعنت حزب الليكود، من جهة، ووجود حزبَيْ المتدينين و"إلى اليمين".
وأضاف أحد المسؤولين أن حزب "أزرق أبيض" لا يعلق آمالا كبيرة، بخاصة أنه يرى أن من حق غانتس، أن يكون الأول في التناوب، وسيوافق على تولي نتنياهو رئاسة الحكومة في السنتين الأخيرتين، شرط أن يُبرّأ من شبهات الفساد ضده، في حال تقديم لوائح اتهام.
وبين القضايا التي تظهر هوة التفاهم بين الحزبين، رغبة حزب "أزرق أبيض"، في تشيكل حكومة وحدة علمانية ضمن أهدافها إدخال تغييرات على قضايا عدة في إسرائيل، وقفت الأحزاب الدينية عائقاً أمامها.
ومما يخطط له الحزب، دعم الزواج المدني وفتح المصالح التجارية وتسيير المواصلات العامة في مدن معينة في أيام السبت، إلى جانب تجنيد المتدينين للجيش وتقييد فترة ولاية رئيس الحكومة. وهذه الأهداف لا يوافق عليها حزب الليكود، الذي يستند بالأساس إلى الأحزاب المتدينة.
من جهته، وبعدما اعتبر نفسه الحاسم في مستقبل تشكيلة الحكومة الإسرائيلية، خرج أفيغدور ليبرمان إلى الإعلام مجدداً، واصفاً المتدينين بـ "القراصنة". وقال إنه لن يجلس في حكومة، أحد مركّباتها حزب المتدينين.
معركة موازية لبراءته
في مقابل جهوده التي يخوضها للحفاظ على كرسي رئاسة الحكومة، يخوض نتنياهو معركة موازية لضمان عدم تقديم لائحة اتهام ضده. وقبل حوالى الأسبوع على جلسة الاستماع، بعث رئيس الحكومة وثيقة للمستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، قُسّمت إلى فصول بحسب الملفات التي اتُّهم بها، جاء فيها أن نتنياهو ينفي كل الادعاءات ضده، من دون مبرر أو التطرق إلى البيانات التي حُولت إلى محاميه.
وستُعقد جلسة الاستماع الأولى في مكتب مندلبليت ولكن من دون وجود رئيس الحكومة نفسه، كما هو متبع في الإجراءات. وحسب بيان المتحدث باسمه، فإن محاميَيْ نتنياهو ينويان حضور جلسة الاستماع وسيحاولان إقناع المستشار القانوني برفض الاتهامات ضده.
وقد نوقش بعد فرز صناديق الاقتراع، احتمال أن يُوقَّع على صفقة ادعاء مع نتنياهو، في إطارها، يُدان بتهم جنائية مخففة ويُحكم عليه بعقوبة سهلة نسبياً، ويمكنه إنهاء حياته السياسية من دون محاكمة.
لكن مقربين من نتنياهو نفوا رغبته في التوصل إلى صفقة، فيما ذكرت مصادر قانونية أن احتمال التوصل إلى اتفاق يخفف مخالفة الرشوة المتهم بها في ملف 4000 إلى مخالفة من دون إساءة سمعة، ضعيف جداً.
وتعقد جلسات الاستماع إلى نتنياهو يومي 2 و3 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وسيُنشر قرار تقديم لائحة اتهام ضده بعد بضعة أيام من ذلك. وحسب لائحة الاتهام التي نشرها المستشار القانوني، فقد عُقدت صفقة تبادل بين نتنياهو وصاحب موقع "واللاه" شاؤول اولفيتش، وأن نتنياهو اهتم بالشؤون التجارية لاولفيتش بصورة ضمنت له أموالاً لا تقل عن 1.8 مليار شيكل.