Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلاح المتفلت في العراق ضحاياه إلى ازدياد وخطط لضبطه

يرى محللون أمنيون أن السيطرة عليه وحصره في يد الدولة أمر بالغ الصعوبة

بدأت السلطات تنفيذ خطة للسيطرة على السلاح المتفلت لتسجيل أو شراء الأسلحة غير الخفيفة من العامة (أ ف ب)

ملخص

نهشت أعمال العنف العراق الذي يسكنه نحو 43 مليون نسمة خلال الحروب والغزو الأميركي عام 2003 وعنف طائفي ومعارك لطرد تنظيم "داعش" وخلفت مئات الآلاف من القتل

وانتشرت في تلك الفترات أسلحة خفيفة وثقيلة في العراق، إذ تكثر النزاعات العشائرية وتصفية الحسابات السياسية ويقول كثر إنهم يتمسكون بالسلاح لغرض "الحماية"

كان الطفل محمد أكرم ابن الأعوام الأربعة جالساً في منزل العائلة عندما اخترقت رصاصة طائشة السقف واستقرت داخل رأسه مهددة بإصابته بشلل رباعي في مشهد كثيراً ما يتكرر في العراق، إذ ينتشر السلاح المتفلت.

تقول رندة أحمد (30 سنة) في ما يجلس ابنها بين أحضانها "كان محمد في غرفة المعيشة حين سمعنا فجأة صوت ضربة"، مضيفة "جاءت طلقة نارية مباشرة برأسه" في منتصف أبريل (نيسان).

 

ضحايا الرصاص العشوائي

وعن مصدر الرصاصة تقول رندة أحمد "لا نعرف، إنها رصاصة طائشة"، وتضيف الأم في منزلها ذي السقف المعدني في الرضوانية غرب بغداد "حدث له نزف فنقلناه للمستشفى وبقي خمسة أيام تحت المراقبة". وتتابع "قال الأطباء إن حالته حرجة وخطرة وهناك احتمال أن يصاب بالصرع"، موضحة "إذا تحركت الرصاصة ستؤدي لإصابته بشلل رباعي". وبسبب صعوبة العملية نصح الأطباء بعدم إجرائها لسحب الرصاصة.

وبذلك أصبح اللعب فعلاً ماضياً بالنسبة إلى محمد، إذ بدأ يشعر بإرهاق سريع ويعاني صداعاً شديداً بصورة متكررة.

 

وفيما كان سعد عباس (59 سنة) جالساً في حديقة منزله في بلدة اليوسفية جنوب غربي بغداد يستعد لصلاة الجمعة في نوفمبر (تشرين الثاني) شعر بصدمة في كتفه. ويقول "اعتقدت في بادئ الأمر أن أحداً ضربني بحجر في كتفي، لكن تبين في ما بعد أنني أصبت برصاصة" اخترقت كتفه واستقرت داخل صدر. ويضيف "سقطت الرصاصة من السماء".

وعلى رغم مرور أشهر عدة، لا يزال الرجل طريح الفراش بعدما نصحه الأطباء بعدم إجراء عملية جراحية خشية مضاعفات محتملة، إذ يعاني أمراض مزمنة. ويتابع "لم تعد حركة يدي كما كانت في السابق، لا أستطيع رفعها وأصابعي تؤلمني ولا أستطيع حتى رفع الغطاء (عند النوم)". ويقول بغضب "عندما يفوز منتخب (كرة القدم)، الكل يرمي رصاصاً، وفي الأعراس كذلك"، متسائلاً "أين يذهب كل هذا الرصاص؟ هل تسحبه الملائكة؟ كلا، إنه يسقط على البشر والحيوانات".

ويشدد عباس على ضرورة أن "يسحب السلاح من كل الجهات ويبقى بأيدي الدولة فحسب".

وفي أواخر أبريل (نيسان)، قتل رجل برصاصة طائشة خلال إطلاق نار احتفالاً بزفافه في الموصل (شمال).

وفي مارس (آذار) قتل ضابط في الاستخبارات خلال تدخله لفض خلاف عشائري تخلله إطلاق نار في جنوب البلاد. وسبق ذلك بأسابيع قليلة انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر مواجهات مسلحة نهاراً داخل سوق مزدحمة في شرق بغداد سببها خلاف بين أقارب أدى إلى مقتل شخص واحد في الأقل.

وفي أبريل 2023 كان أحمد حسين (30 سنة) مستلقياً في سريره حين سقط أرضاً وشعر بحرارة برجله ورآها "ملطخة بالدم"، إثر إصابته برصاصة يعتقد أنها أطلقت خلال حفلة بجوار منزله، قرب بغداد. وقال بسخرية "أصبح حتى عراك بين أطفال أو خلاف على طير أو شراء خروف هذه الأيام يؤدي إلى رمي رصاص". ويضيف "الأمر مخز جداً خصوصاً أن كثيرين ممن يصيبهم الرصاص أبرياء يسيرون في الشارع".

خطة

والعام الماضي بدأت السلطات تنفيذ خطة للسيطرة على السلاح المتفلت بافتتاح 697 مركزاً في عموم العراق لتسجيل أو شراء الأسلحة غير الخفيفة من العامة. وخصصت مليار دينار (نحو 750 ألف دولار) لكل محافظة وضعف ذلك المبلغ لمحافظة بغداد، وفقاً للمتحدث باسم الخطة العميد زياد القيسي.

وبموجب القانون العراقي يعاقب بالسجن سنة واحدة من يملك سلاحاً من دون إجازة. وستتولى السلطات عملاً بالخطة ذاتها "منح إجازة حيازة قطعة سلاح خفيف لكل مواطن يمتلك داراً ولكل رب أسرة مستقل، لغرض الحماية"، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري الذي أوضح أن انتشار السلاح مرتبط لحد كبير "بثقافة المجتمعات العربية"، إذ إن "هناك من يعد في المناطق العشائرية والريفية أن السلاح جزء من شخصيته"، مشيراً إلى أن "كمية الأسلحة التي تركها الجيش العراقي في أحداث تحرير البلد (بعد غزو 2003) كانت كبيرة"، وكذلك "أدخلت الجماعات المسلحة بين 2014 و2018 (في إشارة لتنظيم داعش) كثيراً من الأسلحة بحكم ضعف إجراءات الضبط على الحدود، فكثرت الأسلحة الواصلة إلى أيدي المواطنين". وأكد ميري أن "المشكلة الرئيسة هي في السلاح المتوسط والثقيل" الذي يجب أن يكون بيد الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مبالغ

وتعرض السلطات وفق الخطة مبالغ على المدنيين تصل لنحو أربعة آلاف دولار وفقاً لنوع السلاح وحالته. ويرى محللون أمنيون أن السيطرة على السلاح وحصره في يد الدولة أمر بالغ الصعوبة. ويوضح المتخصص أحمد الشريفي أن "هناك مواطنين يتمسكون بسلاحهم، وهناك سلاح الأجنحة المسلحة للأحزاب والعشائر"، معتبراً إياه "الأخطر".

في عام 2017 كان في حوزة المدنيين في العراق نحو 7,6 مليون سلاح ناري من مسدسات وبنادق، بحسب مسح أجرته منظمة "سمول آرمز سورفي" Small Arms Survey التي تتعقب انتشار الأسلحة في أنحاء العالم. ويقول المستشار لدى المنظمة آرون كارب "يتوقع أن تكون الأرقام اليوم أعلى بكثير"، ويقدر أن تكون الزيادة "ثلاثة إلى خمسة في المئة سنوياً" منذ 2017.

الرصاص العشوائي

وفي المناسبات السعيدة كما في الخلافات حتى البسيطة منها يطلق الرصاص عشوائياً في العراق، إذ يعد حمل السلاح ظاهرة شائعة في بلد لا يزال يعاني مخلفات حروب ونزاعات استمرت عقوداً.

ونهشت أعمال العنف العراق الذي يسكنه نحو 43 مليون نسمة، خلال الحروب والغزو الأميركي عام 2003 وعنف طائفي ومعارك لطرد تنظيم "داعش"، وخلفت مئات الآلاف من القتلى.

وانتشرت في تلك الفترات أسلحة خفيفة وثقيلة في العراق، إذ تكثر النزاعات العشائرية وتصفية الحسابات السياسية. ويقول كثر إنهم يتمسكون بالسلاح لغرض "الحماية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير