أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة "يوغوف" تراجع الحزب الحاكم في بريطانيا إلى المرتبة الثالثة في نيات التصويت للانتخابات المقررة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، والطامة الكبرى بالنسبة إلى "المحافظين" أن من تقدم عليه هو حزب ريفورم اليميني، الذي يقوده ناجل فراج ويخطط لقيادة المعارضة في وجه الحكومة العمالية المتوقعة.
رد زعيم حزب المحافظين ورئيس الحكومة ريشي سوناك على نتائج الاستطلاع بالقول، إن وقوع مثل هذا السيناريو الشهر المقبل يعني تقديم "شيك على بياض" للعمال في قيادة البلاد خلال الأعوام الخمسة المقبلة، منوهاً إلى أنه لن يستسلم وسيقاتل من أجل كل صوت حتى يحين موعد الاستحقاق الذي وصل إلى منتصف الطريق، على حد تعبيره.
ثمة من يعتقد أن التوقعات بتقدم "ريفورم" مبالغ فيها ولكن ذلك لا ينفي في رأيه التهديد الكامن وراء الأحزاب الصغيرة لـ"المحافظين" و"العمال" في الانتخابات المقبلة، وما يقلق أيضاً بالنسبة إلى الحزب الحاكم هو الانقسامات التي ما زالت قائمة داخله، ودفعت بمرشحين إلى البحث عن مصلحتهم الخاصة وليس تجديد التفويض الشعبي للحزب ككل.
لم يقع الحزب الأزرق في المرتبة الثالثة بين أحزاب البرلمان طوال تاريخه، فكثيراً ما كانت قيادة المملكة المتحدة تتنقل بين "العمال" و"المحافظين" منذ عام 1912، وتغير هذه المعادلة في البلاد سيكون سابقة إذا حصل في الاستحقاق البرلماني المقبل، ويصعب التكهن بنتائجه لكن القلق بات حقيقياً بين صفوف الحزب الحاكم ومؤيديه.
القلق من "العمال"
ما أشار إليه سوناك في استفادة "العمال" من انقسام اليمين بين "المحافظين" و"ريفورم" عبر عنه 80 في المئة من المستطلع آراؤهم من قبل "يوغوف"، إذ أكدوا أن الخصومة بين الحزبين الناطقين باسم اليمين على اختلاف درجاته ربما تصب في صالح المعارضة العمالية التي تتصدر توقعات الاستطلاعات بفارق 20 نقطة في الأقل.
شدد وزير الدفاع جراند شابس على النقطة ذاتها وقال إن حزبه أوصل رسالة واضحة إلى البريطانيين بأن التصويت للحزب اليميني حديث العهد، إنما يخدم "العمال" فقط ويسمح لهم بالحصول على أكثرية برلمانية مطلقة لا يمكن معارضتها تحت قبة مجلس العموم، وبالتالي "يفعل الحزب الأحمر ما يحلو له خلال الأعوام الخمسة المقبلة".
تعتقد محررة الشؤون السياسية في مجلة "سبكتيتور" كيتي بالز أن هذا التحذير الذي أطلقه الحزب الحاكم قد يدفع نسبة من مؤيدي "ريفورم" إلى التراجع والعودة إلى دعم "المحافظين"، ولكن فراج يتمتع بشعبية بين أوساط أقصى اليمين، ولن يتوقف عن دعايته لأنه يسعى إلى تجاوز العتبة الانتخابية لدخول البرلمان بنسبة كبيرة، وفق رأيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خيار الاندماج
في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية أكد زعيم حزب ريفورم أنه يخطط للقفز فوق العتبة الانتخابية، منوهاً إلى أنه يتوقع تصويت عشرات الملايين لحزبه في الاستحقاق المقبل وبالتالي الحصول على عدد من المقاعد البرلمانية وليس مقعداً واحداً فقط، كما حدث في انتخابات عام 2015 عندما صوت له 4 ملايين بريطاني.
داخل الأروقة السياسية المظلمة كما يقال تحدثت وسائل إعلام عن صفقة بين "المحافظين" و"ريفورم" للتعاون في الاستحقاق المقبل، لكن المسؤول في وزارة الخزانة بيم أفولامي كذب هذه الأخبار مؤكداً "أن الحزب الحاكم لن يبرم هكذا اتفاق لأن الانتخابات ميدان منافسة ديمقراطي يختار فيه الناس من يجدونه ملائماً لتطلعاتهم".
وشدد أوفلامي في حديث إلى صحيفة " ذا غارديان" على أن "استطلاعات الرأي تبقى مجرد توقعات وهناك المئات منها حرفياً، وهي تتباين في قراءتها لنتائج الاستحقاق المقبل" لذلك لا يمكن للمحافظين بناء قرارتهم استناداً إلى واحد منها، كما أن "البريطانيين يعرفون أن التصويت لـ’ريفورم‘ يخدم ’العمال‘ قبل أن يضر بالحزب الحاكم".
هناك تجارب سابقة للبريطانيين مع استطلاعات رأي أخطأت في تقدير نتائج الانتخابات، أبرزها تلك التوقعات التي سبقت الاستفتاء المصيري على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2016، إذ بشرت الاستطلاعات حينها بفوز المؤيدين للبقاء بينما أظهرت النتائج انتصار معسكر "بريكست" بـ52 في المئة تقريباً.
الأحزاب الصغيرة
في سياق الحديث عن التقديرات غير الدقيقة يعتقد المتخصص في شؤون الانتخابات البريطانية البروفيسور جون كورتيس أن "ريفورم" لم يتجاوز نسبة 15 في المئة من نيات التصويت حتى الآن، وبالتالي ما زال حزب المحافظين متقدماً على خصمه اليميني بفارق خمسة في المئة باعتباره يستحوذ على 20 في المئة من نيات التصويت.
وقال كورتيس لصحيفة "اندبندنت" إن ريفورم وغيره من الأحزاب الصغيرة في الدولة تهدد فعلاً "العمال" و"المحافظين"، ولا بد من النظر إليها كتحد جدي حتى ولو كانت توقعات تأثيرها أقل مما تأتي به استطلاعات الرأي، لافتاً إلى أن الحزبين الرئيسين في الدولة يخسران مواقع عدة لمصلحة الأحزاب الصغيرة مقارنة بانتخابات عام 2019.
في ذات الإطار يقول خبير آخر في الانتخابات هو اللورد روبرت هايوارد إن حزب العمال سيحقق فوزاً ولكن ليس بالقدر المتوقع، منوهاً بأن المحافظين صامدون في مناطق عدة وحملات "ريفورم" القوية لم تؤثر في توجهات الناخبين بتلك المناطق، لكن يجب على الحزب الأزرق بذل مزيد من الجهود في أماكن تحتاج إلى اهتمام أكبر.