Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شن إسرائيل حربا ضد لبنان رهينة الانتخابات الأميركية

خبراء أمنيون يحذرون من فتح جبهة قتالية في الشمال وواشنطن تضع شرطاً تعجيزياً يتلخص في قصف "حزب الله" فقط

ملخص

في تعليقه على قدرة تل أبيب على خوض حرب في الجبهة الشمالية في الوقت الراهن قال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي وقسم العمليات في الجيش غيورا أيلاند "جيشنا غير قادر على كشف ومواجهة مسيرات ’حزب الله’ وبتنا كالضفدع في ماء يتحكمون في درجة حرارتها".

"تماماً كالضفدع الموجود في مياه فاترة تزداد سخونته تدريجاً بتحكم من ’حزب الله’ من دون سيطرة لنا عليه" بمثل هذا الوصف اعتبر جنرال احتياط الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي وقسم العمليات في الجيش غيورا أيلاند وضع متخذي القرار والجيش الإسرائيلي أمام المعضلة في اتخاذ قرار في شأن الجبهة الشمالية تجاه لبنان، بعد أكثر من أسبوع ارتفعت حدة التصعيد الأمني إلى مستوى وصفه عسكريون بأعلى درجة قبل إطلاق شعلة الحرب على لبنان.

ثلاثة أيام متواصلة ما كادت تمر ساعة إلا وأطلقت صفارات الإنذار ودخلت أكثر من 30 بلدة ومستوطنة إسرائيلية إلى مرمى صواريخ ومسيرات "حزب الله"، بينها مستوطنات الجولان المحتل التي تتعرض لأول مرة منذ اندلاع حرب "طوفان الأقصى" لنيران المسيرات والصواريخ التي أطلقت باتجاهها من قبل "حزب الله".

وبحسب يهودا ديئا رئيس مستوطنة كتسرين القائمة في الجولان السوري المحتل فإن المستوطنة تتعرض لأول مرة في تاريخها لصواريخ من لبنان (أقيمت عام 1977) "قوات كبيرة مشتركة من شرطة وطوارئ وجيش لم يتمكنوا من السيطرة على النيران التي اشتعلت في أعقاب سقوط مسيرات وشكلت حزاماً طوقت كتسرين كما أصيب سكان لأول مرة من الصواريخ التي سقطت في المنطقة"، ودعا رئيس المستوطنة السكان إلى عدم مغادرتها بعد أن حزمت عشرات العائلات حقائبها وغادرت المكان هرباً من خطر الحرب باتجاه الجنوب ومركز إسرائيل.

وحمل رئيس المستوطنة الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تدهور الوضع الأمني مشيراً إلى أن سكان المستوطنة انضموا إلى 200 ألف إسرائيلي على امتداد منطقة واسعة بدءاً من المنطقة الحدودية "رهينة لطائرات ’حزب الله’ المسيرة وصواريخ التنظيم"، وأضاف "أصبحنا كحديقة ألعاب لـ’حزب الله’ متى يطيب للتنظيم يقذف باتجاهنا صواريخ وأصبح هو من يدير شؤوننا اليومية بدلاً من أن تدير القيادة والجيش شؤون السكان، وإذا استمر إطلاق النيران على كتسرين فستخلو هي الأخرى من السكان".

رفح أولاً ثم الجبهة الشمالية

خلال ثلاثة اجتماعات حتى أمس الجمعة بحث الكابينت الحربي في اجتماعات ماراثونية بتركيبته الجديدة، بعد انسحاب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، إذ يضم بنيامين نتنياهو ويوآف غلانت ورون ديرمر وتساحي هنغبي وارييه درعي بمشاركة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي سبل الرد على التصعيد الأمني في الجبهة الشمالية بعد تكثيف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة بمختلف أنواعها الاستخباراتية والهجومية والقتالية من قبل "حزب الله" وإصابة القاعدتين العسكريتين "جلعاد" و"ميرون" ومواقع عسكرية واستراتيجية حساسة فرض منع نشر حولها، وامتداد المنطقة المعرضة للصواريخ إلى طبريا وشواطئ حيفا ومينائها.

الكابينت وبدعم المؤسسة العسكرية اتفق أن تكون عملية "رفح أولاً"، بحيث يكثف الجيش قتاله هناك لإنهاء العملية في غضون فترة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، وبعدها ينقل الجيش وحدات عسكرية إلى الشمال تنضم إلى وحدات تنتشر حالياً على طول الحدود الشمالية تجاه لبنان وسوريا وحول بلدات الشمال، التي تبعد حتى خمسة كيلومترات عن الحدود، وخلال ذلك اتفق على استمرار استدعاء الاحتياط إلى الامتثال في القواعد العسكرية في الشمال والجنوب للمرة الثالثة، للتدريب والاستعداد على مختلف السيناريوهات المتوقعة لحرب على لبنان.

غير أن التطورات خلال اليومين الأخيرين دفعت إلى عقد اجتماعات تشاورية جديدة مساء اليوم السبت على أن تعقد الحكومة جلستها غداً الأحد، لبحث التطورات تجاه لبنان قبيل سفر وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن لبحث ملف الجبهة الشمالية وأيضاً غزة واستمرار القتال وصفقة الأسرى وتطوراتها الأخيرة، وقبيل وصول المستشار الخاص للرئيس الأميركي في المنطقة آموس هوكشتاين المتوقع أن يصل إلى إسرائيل الإثنين المقبل لبحث الملف ومناقشة مختلف المقترحات لتسوية مع لبنان، ضمن ما تشمله حول الحدود البرية بين البلدين، على نمط الاتفاق الذي توصلت إليه بيروت وتل أبيب بإشراف هوكشتاين.

وستبحث إسرائيل الموقف الأميركي وخطة أعدها الجيش للحرب على لبنان إزاء خلافات في الرأي حول الحرب على لبنان بعد الانتهاء من رفح.

 

 

بحسب ما يرى القائد السابق لوحدة غزة غادي شمني، فإن القتال في القطاع "يتطلب وقتاً طويلاً من الزمن ولذلك وقفه موقتاً بعد الانتهاء من رفح ونقل قوات إلى الشمال خطوة صحيحة ولكن ليس لشن حرب على لبنان إنما لإعادة تدريب وتنظيم الجيش".

 ويضيف شمني "علينا أن نفهم أن حرباً على لبنان تعني حرباً إقليمية، لبنان ’حزب الله’ ليست قطاع غزة- حماس، هي أكبر وأخطر وجيشنا صغير وفي حاجة لوقت طويل لكي ينظم نفسه وبناء نفسه فهو غير قادر على خوض حرب إقليمية، متوقع أن تتطور في أعقاب حرب على لبنان".

الخبير في شؤون الأمن القومي ومناطق النزاع الباحث في معهد "مسغاف" للأمن القومي كوبي ميخائيل، يرى أن التفسيرات التي تدعو إلى مراعاة الضغوط الأميركية وإنهاء المشكلة في رفح أولاً ليست مقنعة، متابعاً "كانت هذه جيدة قبل التصعيد الأخير الذي تشهده المنطقة الشمالية، نحن اليوم في الشهر التاسع من الحرب، و’حزب الله’ يحرق كل شمال الدولة ويرفع مستوى الحرب في كل يوم، والرد الإسرائيلي بتصفية شخصيات لن يغير السلوك الاستراتيجي لـ’حزب الله’".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تصريحات إعلامية له دعا ميخائيل متخذي القرار إلى تغيير المعادلة "ما ترتكبه إسرائيل بحصر ردها على ’حزب الله’ بردود الفعل هو خطأ كبير، يمكننا تغيير النهج والرد القوي وتخريب جنوب لبنان، من كل قرية تطلق فيها قذيفة يدمر الجيش الإسرائيلي صفاً كاملاً من البيوت، وإذا ما أطلقوا علينا رشقة 200 صاروخ علينا أن نطلق 800 صاروخ، وإذا ما قرروا تحقيق التهديدات في حيفا والخضيرة، فسنصل إلى صور وصيدا، وإذا ما هددوا تل أبيب فسنخرب بيروت، حدود هذه المعادلة نحن من ينبغي أن نصممها وألا نواصل في طريق المقلاع والقوس والنشاب، وهذا لن يحسم أي معركة أمام حزب الله".

ماكرون يعمق الشرخ وانتخابات أميركا تعرقل الحرب

الولايات المتحدة من جهتها أبلغت متخذي القرار في إسرائيل رفضها إعلان الحرب على لبنان واستهداف الدولة اللبنانية والبنى التحتية لها والتركيز على محاربة "حزب الله" وقواعده العسكرية ومقراته في الجنوب.

وأبلغت واشنطن رفضها أي تصعيد من قبل إسرائيل قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبعدها إذا قررت إسرائيل شن حرب ثالثة على لبنان فلن تشمل الدولة اللبنانية.

المطالب الأميركية هذه عرقلت أبحاث الإسرائيليين لاتخاذ قرار حاسم حول الخطط المعروضة أمام متخذي القرار لشن حرب على لبنان، في وقت تواجه إسرائيل معضلة إزاء تطورات الأوضاع وسقوط مزيد من القتلى والمصابين في الشمال والأضرار التي ألحقت دماراً بمعظم بلدات الشمال بينها دمار شامل مثل المطلة وزرعيت وغيرهما، يتطلب أعواماً طويلة ومبالغ طائلة لإعادة بنائها.

المعضلة الإسرائيلية لا تتوقف على عدم خوض معركة تجاه واشنطن تزيد الأزمة مع الرئيس جو بايدن إنما أيضاً وضعية الجيش الحالية من حيث جهوزيته وقدرته على خوض الحرب وفقدان مخازن الأسلحة في مقابل عدم الموافقة الأميركية بعد على إرسال شحنة أسلحة إلى تل أبيب وفق غيورا أيلاند معدة للحرب على لبنان، وكذلك عدم حيازة إسرائيل منظومات دفاعية قادرة على كشف مسيرات "حزب الله" والتصدي لها، وهذه عملياً معضلة بل عائق أساس يمنع الجيش من إطلاق حربه على "حزب الله" لما ستخلق ترسانة الصواريخ التي يملكها الحزب وقادرة على إطلاق حتى خمسة آلاف صاروخ يومياً تطول معظم مناطق إسرائيل حتى المركز، إضافة إلى المسيرات المتطورة والدقيقة التي يطلقها "حزب الله" من بعد، وارتفاع لا تتمكن منظومات الدفاع من كشفها، وفق ما أكد غيورا أيلاند.

وحذر أمنيون آخرون من أي قرار تشن به إسرائيل حرباً على "حزب الله"، واتفق معهم غيورا أيلاند قائلاً "لنقل صراحة نحن غير قادرين على الانتصار على (حزب الله)، الثغرة في توازن الردع والقوة بيننا أغلقها منذ سنوات بصواريخه المتطورة ومسيراته التي لا نملك منظومات دفاعية تواجهها".

ويقول أيلاند "المشكلة الكبرى تجاه حزب الله في خلافنا مع الولايات المتحدة حول أمرين الأول مطلبها عدم توسيع القتال في الشمال وتأجيله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، والثاني عدم توجيه الحرب ضد الدولة اللبنانية إنما إلى حزب الله، وهذا مطلب يشكل كارثة لإسرائيل لأننا أصلاً لن نتمكن من القضاء عليه، ولذلك لن تخرج إسرائيل إلى حرب فيما يشكل المطلب الأميركي مكمناً مزودجاً في العلاقة بيننا وبين واشنطن".

وإلى حين بحث الحكومة الإسرائيلية ملف لبنان ووصول هوكشتاين إلى تل أبيب يعمق الشرخ والخلاف الإسرائيلي مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل إطار ثلاثي يشمل باريس وتل أبيب وواشنطن لخريطة طريق فرنسية لمنع حرب بين لبنان وإسرائيل وتهدئة الأوضاع الأمنية.

وزير الدفاع يوآف غالانت سرعان ما رد برفض إسرائيل هذا المقترح وأي إطار تشارك فيه فرنسا مما استدعى وزير الخارجية يسرائيل كاتس إلى الرد على غالانت عبر بيان لوزارته اعتبر فيه حديثه غير صحيح وفي غير مكانه، وأشاد بدور باريس الداعم لإسرائيل تجاه "حماس" والعقوبات على إيران، بينما التزم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الصمت، وبحسب مقربين منه فإنه يرفض حرباً على لبنان قبل تحقيق أهداف غزة، بانتظار ما سيتمخض عن لقاءات ديرمر وهنغبي المتوقع وصولهما قريباً إلى واشنطن.

من جهة أخرى هناك تأييد واسع في الجيش الإسرائيلي لخطوة عسكرية في الشمال، بإسناد من الوزير غالانت بينما التحذيرات من حرب كهذه تتزايد مع الاعتراف بعدم قدرة إسرائيل على هزيمة "حزب الله"، لأن "حرب واسعة في الشمال تستوجب استعداداً في مختلف المجالات من بلورة شرعية دولية، في فترة توجد فيها مكانة إسرائيل في درك أسفل غير مسبوق، وحتى إدارة أخرى لمخزون السلاح والذخيرة، كما أنها تستوجب حلولاً لمشكلة القوة البشرية في الجيش، التي تحتدم جداً على خلفية العبء الثقيل على منظومة الاحتياط وعلى الجيش الدائم، خصوصاً بعد المصادقة على قانون التجنيد الذي يعفي المتدينين من الخدمة"، وفق تقرير تقييم أمني.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات