ملخص
فيما تستمر التوترات في التصاعد بين إسرائيل ولبنان، بدأ المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين زيارة إلى المنطقة، مؤكداً أن أي تقدم في الجبهة الجنوبية ينعكس أيضاً على الجبهة الشمالية.
وضع المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، خلال لقاءاته في تل أبيب متخذي القرار في إسرائيل أمام معضلة في شأن الجبهة الشمالية مع لبنان، بعد أن وصل التصعيد حتى الأحد إلى نقطة ما قبل سقف الحرب، وفق تقدير تقرير أمني. وتعالت الأصوات الداعية إلى حرب فورية فيما أعلن المسؤولون أنهم لا يستطيعون تحمل استمرار حرب الاستنزاف والدمار التي يديرها "حزب الله" بعد أن ألحقت مسيراته وصواريخه الدمار في بلدات ومستوطنات من منطقة الحدود وحتى أبعد نقطة تجاه حيفا والطرف الآخر للمنطقة الشمالية تجاه مرج ابن عامر وأيضاً مستوطنات الجولان، التي وبحسب رؤساء السلطات المحلية هناك تتعرض للمرة الأولى لصواريخ وإشعال نيران ووقوع إصابات منذ إقامتها في السبعينيات. وقد أعلن أكثر من مسؤول عن عشرات العائلات التي حزمت حقائبها وهربت باتجاه المركز والجنوب حتى تهدئة الأوضاع.
تطويق منطقة الشمال برمتها بنيران "حزب الله" وضع ملف الجبهة الشمالية على طاولة متخذي القرار، الذين لم يناقشوا منذ اندلاع الحرب أي خطة حرب على لبنان، فيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أبقى غزة وتحقيق أهداف الحرب هناك وفي مقدمتها هزيمة "حماس" على رأس أولوياته، فيما الجبهة الشمالية تبقى ملفاً ثانوياً، على رغم الصرخات والدعوات بعدم انتظار حل دبلوماسي يضمن أمن الإسرائيليين والحدود مع لبنان وشن حرب فورية تضمن عودة السكان حتى الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل.
محادثات المبعوث الأميركي هوكشتاين الإثنين مع نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت والرئيس إسحق هرتسوغ وغيرهم من المعارضة جاءت في ذروة الخلافات الداخلية ما بين الأصوات الداعية إلى وقف حرب غزة والتحذيرات المتصاعدة من خطر حرب على لبنان وبين المطالبين بحسم المعركة في الميدان.
نتنياهو الذي يواصل تأكيده ضرورة تكثيف القتال في غزة قرر قبل لقاء هوكشتاين حل حكومة الحرب، بعد طلب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الانضمام إليه، وبهذه الخطوة يكون نتنياهو أحال قرارات حرب "طوفان الأقصى" من غزة إلى لبنان إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر، إذ الأكثرية لوزراء حزب "الليكود" الذي يترأسه، وهم يختلفون أصلاً مع بن غفير تحديداً في موضوع شن حرب على لبنان.
أفضل الحلول
وجد الجنرال المتقاعد القائد السابق في سلاح المدرعات، إسحق بريك، بالحل الدبلوماسي والتعاون مع واشنطن لقبول تسوية أفضل الحلول للجبهة الشمالية، ودعا نتنياهو وقيادة الجيش إلى اتخاذ قرار حاسم وفوري بإعادة بناء الجيش، وإن تطلب الأمر حتى نصف عام، قبل اتخاذ أي خطوة وصفها بالمتهورة التي من شأنها أن تؤدي إلى هزيمة إسرائيل أمام "حزب الله".
وقال بريك "على نتنياهو إما أن يطلب بناء الجيش من جديد أو يعتذر لأنه لا يستطيع الاستمرار بالوضع الحالي ويستقيل، وهو لن يفعل الاثنين لأنه يتعرض لضغوط الائتلاف ويفضل وضعه الشخصي عن الأمني وهذا خطر علينا". وأضاف "هناك حاجة فعلاً إلى القضاء على (حماس) وضمان عدم وجود أي خطر على إسرائيل، وواضح أن الوضع في لبنان منوط في غزة وهناك 120 إسرائيلياً لا نعرف كم من بينهم أحياء. واجبنا الأخلاقي والوطني أن نعيدهم فوراً وعلى الجبهة الشمالية علينا أن نعلم أننا سنهزم في حرب على لبنان التي، حتماً، ستتسع إلى حرب إقليمية مقابل جيشنا الضعيف الذي تنقصه 15 وحدة قتالية وينقصه السلاح ومنظومات دفاعية لمسيرات (حزب الله). لذلك الحل الاعتراف بوضعنا وإعادة بناء جيشنا ويمكن ذلك في غضون نصف عام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما جنرال احتياط، الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، يعقوب عميدرور، فحذر من قرار الحرب على لبنان، مشيراً إلى أنه إلى جانب الحاجة إلى قوات كبيرة ومدربة ومستعدة "هناك حاجة إلى تنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وهناك حاجة للتزود بالأسلحة. لا مجال أمامنا إلا الانتظار بأمل نجاح الجهود الدبلوماسية وفي الوقت نفسه إنهاء مهمة غزة ونقل الوحدات النظامية إلى الشمال لأن الحرب تجاه (حزب الله) ستكون صعبة جداً على إسرائيل وجميع السكان من مختلف الجهات وفي مختلف المقاييس، بما في ذلك اقتصادياً والنقص في العتاد والأهم الإرهاق الذي يعانيه الجنود بسبب القتال لأكثر من ثمانية أشهر من دون تجربة لأحد منا لحرب كهذه، إلا في حرب الاستقلال قبل إقامة إسرائيل، ولا ننسى ضرورة الحصول على شرعية دولية لهذه الحرب، لذلك ومع كل الألم من الوضع الحالي والخطر الذي نتعرض له علينا التأني بالقرار". ويحذر عميدرور متخذي القرار من حرب على لبنان.
التصعيد قد يؤدي إلى حرب إقليمية
هوكشتاين شدد في لقاءاته مع نتنياهو ومتخذي القرار على ضرورة وضع خطة استراتيجية لليوم الذي يلي حرب غزة والتقدم في صفقة الأسرى ووضع جدولة زمنية لأفق قريب لإنهاء حرب "طوفان الأقصى"، مؤكداً أن أي تقدم في الجبهة الجنوبية ينعكس أيضاً على الجبهة الشمالية تجاه لبنان.
وأكد المبعوث الأميركي عبر تصريحات استبقت لقاءاته مع الإسرائيليين على ضرورة التسوية السلمية مع لبنان، وبأن مجرد تصعيد الرد الإسرائيلي وتوسيعه في لبنان قد يأخذ المنطقة برمتها إلى حرب إقليمية خطرة.
زيارة هوكشتاين جاءت في محاولة لخفض خطر التصعيد الأمني في الشمال وخلال مباحثاته تطرق أيضاً إلى ضرورة التوصل إلى صفقة الأسرى.
كذلك، حمل المبعوث الأميركي في جعبته اقتراح اتفاق تسعى واشنطن إلى تفاهمات حوله من إسرائيل ولبنان من شأنه أن يمنع حرباً إقليمية ويساعد في ضمان الهدوء على الجبهة الشمالية بصورة خاصة.
وبحسب مطلعين على ما عرضه هوكشتاين واطلعت وسائل إعلام عليه فقد ناقش اقتراح اتفاق يركز على ضمان تهدئة حالية وصولاً إلى اتفاق حول الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.
ومما ذكر من مضمون لهذا الاقتراح:
- تعديلات على النقاط الـ13 المختلف عليها بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود البرية بما في ذلك قرية الغجر.
- زيادة وتعزيز قوة "اليونيفيل" الحالية على الحدود بما يضمن عدم تنفيذ نشاطات لـ"حزب الله" في جنوب الليطاني.
- نشر قوات الجيش اللبناني على طول الحدود لمنع الاستفزازات على طرفي الحدود.
- التزام "حزب الله" عدم الاقتراب جنوب الليطاني مع الاتفاق على مسافة معينة.
ووفق ما تقترح واشنطن يتم توقيع هذا الاتفاق بعد نقل "حزب الله" قواته بعيداً عن الحدود.
واستبعدت جهات إسرائيلية تنفيذ مثل هذا الاتفاق، لكن المصادر المطلعة ترى أن الولايات المتحدة وفي سبيل منع حرب إقليمية ستقدم عروضاً وما سمتها استثمارات للبنان، فيما يحذر أمنيون وسياسيون من خطوات إسرائيلية متهورة تشعل الجبهة الشمالية وتلحق بإسرائيل خسائر فادحة.
ويجمع إسرائيليون على أن أية تسوية مع "حزب الله" ستكون منوطة بصورة أساسية بوقف حرب غزة وهو ما سيسعى إليه هوكشتاين.
رفح في سباق مع الوقت
على رغم وضع نتنياهو الجبهة الشمالية في ثاني أولوياته بعد غزة فإن المؤسسة العسكرية والأمنية، وبحسب مسؤولين، تواصل الاستعداد والتدريب لاحتمال حدث مفاجئ يشعل المنطقة، حتى وإن عاد هوكشتاين وقد حقق إنجازاً من زيارته بالحصول على موافقة إسرائيلية أولى.
وفي ميدان غزة حرص رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، على تكثيف لقاءاته مع الجنود في أرض المعركة، الذين عبروا بصورة واضحة عما يعانون من إرهاق بسبب فترة القتال الطويلة والمتواصلة في القطاع ومن دون خطة قتال واضحة. كما أعربوا عن احتجاجهم على مصادقة الحكومة وغالبية الكنيست على قانون يمنع المتدينين من الخدمة في الجيش مما يضاعف العبء عليهم.
هذا اللقاء جاء أيضاً بعد وقوع ما وصفها عسكريون بـ"كارثة النمير"، إذ ارتفع عدد الجنود القتلى إثر تفجير مدرعة "نمير" في غزة إلى 12 جندياً. وأشارت نتائج تحقيقات أولية إلى أن منظومة الدفاع المعروفة باسم "معطف الريح" التي تم تركيبها على المدرعة لخلل غير معروف لم تعمل، مما أدى إلى إصابة المدرعة بصاروخ بشكل مباشر. والمنظومة الدفاعية تم نصبها بهدف التصدي للصواريخ قبل إصابة المدرعة.
هذه العملية واحدة من عمليات عدة وكمائن اعترف عسكريون بأن الجنود تعرضوا لها في أرض غزة وتوقع يومياً مصابين وقتلى، ومع تقليل عدد الوحدات القتالية من جهة، وحاجة إنهاء عملية رفح والتفرغ للشمال من جهة أخرى، وفق ما سبق وتقرر قبل وصول هوكشتاين، يكثف الجيش قتاله في رفح ووضع هدفاً أمامه لإنهاء المعارك قبل من أسبوعين.
السؤال الذي يتخوف منه أمنيون وسياسيون وعسكريون، يدعمون قيادة الاحتجاجات التي تكثف مظاهراتها المطالبة بإنهاء حرب غزة فوراً وإعادة الأسرى وتقريب موعد الانتخابات البرلمانية، إذا ما كان نتنياهو سيفقد سيطرته على اتخاذ القرار بعد إلغاء حكومة الحرب ووضع القرار بأيدي وزراء اليمين واليمين المتطرف، في مقدمتهم بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على رغم أن معظم المجلس الوزاري الأمني المصغر من أعضاء حزبه "الليكود".
نتنياهو من جهته، وبحسب مقربين، اتخذ قراره بحل الكابينت الحربي، بعد أن ضمن أكثرية في حزبه داعمة قوية له في كل قرار يتخذه في شأن غزة ولبنان.