قررت شركة "إنرجين" اليونانية بصورة مفاجئة بيع عدد من أصولها في منطقة البحر المتوسط من أجل تقليص نطاق استثماراتها في مواقع أخرى والتركيز عليها.
وتنظر الشركة المدرجة في بورصتي "لندن" و "تل أبيب" إلى العرض المقدم لها بوصفه "صفقة مربحة"، بخاصة أنها اشترت هذه الأصول بسعر أقل، إضافة إلى أن عوائد الصفقة ستتيح لها تركيز استثماراتها في المغرب وإسرائيل.
وأوضحت الشركة في بيان حديث أن الاتفاق مع شركة "كارلايل إنرجي بارتنرز" يتضمن دفعة نقدية بقيمة 504 ملايين دولار، توجه 200 مليون دولار منها لتوزيعات أرباح على المساهمين، إضافة إلى سداد سندات مستحقة على الشركة بقيمة 450 مليون دولار بالكامل.
وتتوقع "إنرجين" إتمام الصفقة بنهاية العام الحالي، وتعتزم توجيه عائداتها لتوسيع عملياتها في حقل "كاريش" الإسرائيلي وحقل أنشوا في المغرب، مع التركيز على استثماراتها في مجال الغاز الطبيعي، فيما سيسهم التخلي عن أصولها في مصر وإيطاليا وكرواتيا في خفض انبعاثاتها الكربونية 40 في المئة، مما يسرع أهدافها للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية لعام 2035، وفقاً للبيان.
عوائد الصفقة تقارب 3 أضعاف سعر الشراء
وتعليقاً على ذلك وصف الرئيس التنفيذي للشركة ماثيوس ريغاس الصفقة بأنها "جيدة"، إذ إن عوائدها تقارب ثلاثة أضعاف سعر شراء الأصول المطروحة للبيع، فيما كانت الشركة اشترت أصولاً للنفط والغاز في الدول الثلاث عام 2020 عبر صفقة استحواذ على أصول شركة "إديسون".
ومن شأن الدفعة النقدية أن توفر للشركة اليونانية غطاء بنحو 200 مليون دولار لمصلحة أرباح خاصة، طبقاً لما أوردته وكالة "رويترز".
ويستثمر صندوق "كارلايل" في الطاقة خارج أميركا عبر شركة "كارلايل إنترناشيونال إنرجي بارتنرز"، ومن المقرر إنشاء شركة فرعية جديدة تتابع أصول البحر المتوسط بعد إتمام صفقة البيع مع "إنرجين"، وقد تسند "سي أي إي بي" الشركة الجديدة إلى الرئيس التنفيذي السابق لشركة النفط البريطانية "بي بي" توني هايوارد.
وفي مصر تمتلك شركة "إنرجين" امتيازات التنقيب التي تتركز على الغاز الطبيعي في حقول "أبو قير" و"شمال العامرية" و"شمال إدكو" بنسبة 100 في المئة، وقد بلغ إنتاج الشركة هناك نحو 25 ألف برميل من النفط المكافئ يومياً بنهاية عام 2023، ويحتل الغاز الطبيعي منها نسبة 86 في المئة.
وبلغ إنتاج الشركة عالمياً بنهاية العام نفسه 123 ألف برميل يومياً، 83 في المئة منها من الغاز الطبيعي، وبينها 87 ألف برميل يومياً في إسرائيل وحدها تتركز معظمها من حقل "كاريش"، فيما بلغ صافي مستحقات الشركة لدى الهيئة العامة للبترول المصرية 147 مليون دولار، من بينها 114 مليون دولار صنفت على أنها ديون متأخرة.
وارتفعت أرباح "إنرجين" قبل احتساب الضرائب إلى 344.1 مليون دولار عام 2023 من 107 ملايين دولار عام 2022، كما انخفض صافي ربح الشركة في مصر إلى 35.2 مليون دولار في مقابل 68.9 مليون دولار عام 2022.
توسيع الاستثمارات في المغرب وإسرائيل
وتخطط "إنرجين" عبر عملية البيع للتركيز على أنشطة التنقيب عن الغاز المغربي، واستثمارات مرافق إنتاج الغاز قبالة سواحل إسرائيل، في ظل الحديث عن خطط لتطوير حقول غاز قبالة سواحل قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح ماثيوس ريغاس أن خطط ما بعد بيع أصول الدول الثلاث تتضمن الاتجاه للتوسع في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بما يتوافق مع الدعم طويل الأجل الذي يتلقاه الغاز بصفته وقوداً انتقالياً خلال مرحلة التخلي التدرجي عن الفحم.
وبلغ إنتاج أصول الشركة اليونانية خلال العام الماضي ما مقداره 123 ألف برميل نفط مكافئ، لكن يبدو أن خطط الشركة كانت تشير إلى توقعات أكثر تفاؤلاً للعام الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقعت الشركة زيادة إنتاج أصولها في مصر من 25 ألف برميل مكافئ إلى ما يتراوح ما بين 29 و31 ألف برميل مكافئ خلال العام الحالي.
وفي ما يتعلق بخطط "كارلايل إنترنا شيونال إنرجي بارتنرز" بعد إتمام الصفقة، تتطلع شركة صندوق الاستثمارات الأميركي إلى إنتاج 47 ألف برميل من حصة "إنرجين" في حقل غاز إيطالي "كاسيوبيا" الذي يضم أكبر الاحتياطات، وأحد أكبر مراكز إنتاج الغاز المصري "أبو قير".
وأشار الرئيس التنفيذي المرتقب للشركة توني هيوارد إلى أن صفقة الاستحواذ تؤسس لدور شركته في منطقة البحر المتوسط، كونها أبرز أسواق الغاز الطبيعي العالمية وأسرعها نمواً.
مثيراً للجدل
ويعد تخارج "إنرجين" من أصولها في مصر مثيراً للجدل، بخاصة أنها أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي خطة لدمج امتيازاتها الثلاث في أبو قير وشمال العامرية وشمال إدكو بامتياز واحد، وأعلنت حينها أن دمج أصولها المصرية يهدف إلى زيادة العمر الاقتصادي للحقول، إذ استحوذ الغاز بـ 86 في المئة على غالبية إنتاجها في مصر خلال العام الماضي.
وبنهاية العام الماضي أنجزت الشركة تطوير امتيازي شمال "العامرية" و"إدكو"، وشغلت البئرين "بي واي-1" و "إن أي-1" خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأوضحت الشركة في التحديث الصادر آنذاك أنها تعمل على تقييم فرص استكشاف أخرى، إما بالاتجاه إلى الحفر بين الآبار أو الحفر حول مركز أبوقير تدرجاً.
ويبدو أن عوائد صفقة استحواذ الصندوق الأميركي على أصول الشركة اليونانية، وخطط "إنرجين" لتطوير الغاز المغربي والإسرائيلي، دفعتها إلى التخلي عن أصولها المصرية، على رغم خطط التطوير المعلنة للامتيازات.
ولم تكن الشركة اليونانية أولى الشركات التي تتخارج من مصر في الآونة الأخيرة، إذ سبقتها شركة "أس دي إكس" البريطانية التي أعلنت التخارج بغرض التركيز على خطط تطوير في المغرب أيضاً.
وفي نهاية أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الشركة البريطانية رسمياً إنجاز عملية بيع أصولها في قطاع الغاز المصري وأبرزها امتياز غرب منطقة غريب.