ملخص
من أبرز البنود التي طرحها "الميثاق الجمهوري" تعديل المنظومة السياسية من خلال مراجعة الدستور والقانون الانتخابي، وكذلك مراجعة القوانين والمراسيم التي "تنتهك الحريات".
أعلنت أحزاب سياسية ومنظمات ونشطاء في تونس إطلاق "ميثاق جمهوري" يستهدف إصلاح المنظومة الديمقراطية في البلاد، وسط ترقب للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الخريف المقبل.
ومن أبرز البنود التي طرحها الميثاق تعديل المنظومة السياسية من خلال مراجعة الدستور والقانون الانتخابي، وكذلك مراجعة القوانين والمراسيم التي "تنتهك الحريات" مما يثير تساؤلات حول فرص نجاح هذه الأحزاب والجمعيات في فرض مبادرتها.
عناوين فقط
المبادرة التي جاءت قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية تأتي بعد ثلاث سنوات من انفراد الرئيس قيس سعيد بمعظم الصلاحيات عندما أطاح في الـ25 من يوليو (تموز) 2021 بالمنظومة السياسية التي حكمت بعد انتفاضة الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011.
ولم يعلن الرئيس قيس سعيد بعد عن نيته تعديل القانون الانتخابي أو فتح حوار مع بقية الأطياف السياسية، مما يضع مطبات في طريق المبادرة الجديدة لا سيما أن سعيد أعاد البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي المعزز.
وفي وقت سابق عزل الرئيس قيس سعيد 57 قاضياً وحل المجلس الأعلى للقضاء والبرلمان وغير ذلك، وأثار المعارضون "مخاوف جدية عن استقلال القضاء".
وقال الوزير السابق فوزي عبدالرحمن إن "المبادرة جيدة لكنها تشمل عناوين فحسب، يجب أن يتم التطرق إلى أمور أخرى (الميثاق الجمهوري) ليس نصاً بصفحة فقط لكن يجب أن يشمل النقاط التي فشلت فيها النخب".
وتابع عبدالرحمن في حديث خاص مع "اندبندنت عربية" أنه "لا خلاف حول العناوين لكن هناك تفاصيل مهمة يجب التطرق إليها مثل الفضاء الذي نريد التحرك فيه سواء الاقتصادي أو السياسي أو غير ذلك، بل ونريد رأس مال وطني يخلق الثروة وغير ذلك لكننا لم نستطع، يجب أن يتطرق الميثاق إلى كل ذلك".
وشدد على أن "الميثاق يجب أن يهدف أيضاً إلى بناء عقد اجتماعي جديد، المشاريع مختلفة اليوم في تونس ومع الأسف الناس لم تصبح على استعداد حتى للجلوس بعضها مع بعض، ومنذ 70 سنة أي نظام يتم إرساؤه يحاسب من حكم قبله وهذا ليس حلاً، أهدرنا كثيراً من الوقت في المحاسبة ولم نهتم بالحل".
واستنتج عبدالرحمن أن فكرة الميثاق جيدة، لافتاً إلى أنه تم الاستعانة بها في السابق في دول مثل فرنسا وألمانيا لتأمين خروج حضاري من أزمات حادة، لكن "يجب ألا يقتصر على العناوين وأن يغوص في التفاصيل حتى يخلق طموحاً للتونسيين، مع الأسف هذا الميثاق لا يخلق طموحاً للتونسيين شأنه شأن الوضع الراهن في البلاد".
نداء للاجتماع
ومن غير الواضح ما إذا ستلتحق بالأحزاب والمنظمات الموقعة على "الميثاق الجمهوري" أحزاب ومنظمات أخرى في المرحلة المقبلة، لكن منسق "ائتلاف صمود" حسام الحامي قال إن هذه المبادرة تعد بالفعل "نداءً لاجتماع القوى الديمقراطية من أجل نضال سلمي ومدني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الحامي في تصريحات بثتها إذاعة "موزاييك" التونسية أن "نقاشات مطولة سبقت إطلاق هذا الميثاق، إذ انطلقت هذه المبادرة منذ السنة الماضية في ظل المناخ السياسي السيئ، وذلك بمبادرة من (ائتلاف صمود) وحزبي (المسار) و(الاشتراكي) المعارضين".
واعتبر أن "هدف هذا الميثاق هو تجميع القوى الديمقراطية الوطنية والاجتماع في إطار النضال المدني السلمي، للدفاع عن الحقوق والحريات واستقلالية القضاء".
وشدد على أنه "تم الاشتغال على ذلك في إطار لجنتين، الأولى اقتصادية اجتماعية والثانية سياسية، ويتم العمل حالياً على صياغة بدائل في هذا الخصوص"، لافتاً إلى أنه "سنقدم تصورنا للإصلاحات المستوجبة، على سبيل المثال الغرفة الثانية التي لا إضافة لها وكذلك الدستور الحالي، ففي حال وجدنا أنفسنا أمام دستور يتضمن إشكالات ويصعب تطبيقه لا بد من إصلاحه".
والدستور الجديد جرى استفتاء شعبي حوله في الـ25 من يوليو (تموز) 2022 إثر حوار وطني دعا إليه الرئيس قيس سعيد، لكن المشاركة فيه اقتصرت على أحزاب سياسية موالية له حيث قاطعته قوى المعارضة التي تحذر من انزلاق البلاد نحو "مربع الديكتاتورية" بعد إيقاف عديد من النشطاء السياسيين والصحافيين والمحامين.
تحالف انتخابي
ويثير "الميثاق الجمهوري" تساؤلات حول الخطوات القادمة للمعارضة في تونس التي تراجع زخمها الشعبي في الشارع، ومنذ الـ25 من يوليو 2021 دشنت المعارضة سلسلة من التحركات المناهضة لإجراءات الرئيس قيس سعيد، لكن هذه التحركات بدأت في التلاشي بعد الإيقافات والمشاركات الضعيفة في الاحتجاجات.
وقال الأمين العام لحزب "المسار" المعارض منصف الشريقي إن "(الميثاق الجمهوري) ليس تحالفاً انتخابياً، والذين يقفون خلفه هم أطياف المعارضة التي تعارض عودة منظومة الـ24 من يوليو 2021 أي جبهة (الخلاص الوطني) ومكونها الرئيس حركة (النهضة) والحزب (الدستوري الحر) الذي يريد العودة بالبلاد إلى ما قبل الـ14 من يناير".
وأردف الشريقي أن "الميثاق أيضاً ضد المشروع الشعبوي الذي يمارسه الرئيس قيس سعيد، وأعتقد أن التموقع السياسي للموقعين على الميثاق سيسهل عليهم تقديم بدائل ومقترحات لإصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية ودستورية".
وفي ظل انقسام قوى المعارضة فإنه من غير الواضح ما إذا ستنجح مثل هذه المبادرات في إقناع الرئيس قيس سعيد والسلطة ببديل عن المشاريع والخطط التي تطرحها، خصوصاً في ظل تمسك سعيد بمشروعه السياسي والاقتصادي وتجاهله نداءات كانت تستهدف إطلاق حوار وطني جامع بين كل الأطراف.