Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لوح طاقة وغسالة صغيرة... نازحو غزة يحصلون على ملابس نظيفة

يعيش سكان القطاع منذ تسعة شهور من دون كهرباء ويغسلون ثيابهم بطرق بدائية

سمحت ألواح الطاقة الشمسية لبعض نازحي غزة بغسل ملابسهم بواسطة الغسالة لأول مرة منذ اندلاع الحرب (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

دارت فراشة غسالة الملابس في معسكر النازحين وسهّل لوح الطاقة الشمسية على نسوة غزة تنظيف الملابس المتسخة. هكذا استثمر سكان القطاع أشعة الشمس في غسل ملابسهم.

أوصل سعيد أسلاك النحاس بلوح الطاقة الشمسية ومدها إلى جهاز المحول الكهربائي "انفيرتر" الموصول في بطاريات حفظ الطاقة، وبعد أن تأكد من صحة تمديدات الأقطاب، بدأ بتوليد التيار الكهربائي.

على الفور اختبر سعيد إذا كان لوح الطاقة الشمسية وجهاز "الانفيرتر" يمكنهما تشغيل غسالة الملابس، وما إن أوصلها بالمقبس الكهربائي حتى بدأت فراشاتها بالدوران، ابتسم سعيد ثم ضحك بصوت عال، وقال "يا سلام، منذ زمن بعيد لم أر الكهرباء، ولم نغسل الملابس بواسطة الغسالة".


تسعة شهور بلا كهرباء

في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، منعت إسرائيل تزويد شركة الكهرباء الوحيدة في القطاع، بأي كميات من الوقود الخاص لتشغيل مولداتها الضخمة، ولكن سلطة الطاقة أعطت أوامرها بالعمل حتى نفاد كل احتياطي الوقود الخاص بإنتاج التيار الكهربائي.



وبعد نحو أسبوع واحد من الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أعلنت شركة توليد الكهرباء عن نفاد كل احتياطي الوقود لديها وخرجت عن الخدمة نهائياً، ما يعني أن سكان غزة منذ تسعة شهور يعيشون من دون كهرباء.
ولجأ سكان غزة إلى شراء ألواح الطاقة الشمسية، إذ كان في القطاع عدد محدود من المشاريع الخاصة قد عملت على تركيب أنظمة الطاقة لديها لحل أزمة الانقطاع المتكرر للتيار، ولكن مع توقف هذه المشاريع بسبب الحرب اضطر أصحابها إلى بيع أنظمة الكهرباء الشمسية.


غسيل يدوي… "فرك ودعك"

بواسطة ألواح الطاقة استطاع سعيد تشغيل غسالة الملابس، وبذلك يكون قد حل مشكلة عنيدة تواجه جميع سكان غزة باختلاف مستوياتهم الاقتصادية. وسهّل الرجل غسل "الهندام" بواسطة الأجهزة الكهربائية بعدما كان الناس يعتمدون على الغسل اليدوي.

في ساحة معسكر خيام النازحين، كانت سهام تجلس على طاولة خشبية صغيرة، وأمامها وعاء بلاستيكي صغير به القليل من الماء والكثير من الملابس المتسخة، تلتقط الأم قطعة واحدة وتضع عليها كمية من مسحوق الغسيل وتبدأ بفركها بيدها. وبعد فرك لدقائق قصيرة لكن متعِبة ومرهِقة، تنظر سهام إلى قطعة الملابس تتفقد إذا كان لا تزال فيها أي بقع أو أوساخ، وتعيد غسيل المنطقة التي تحتاج لذلك، وتكرر السيناريو مع ملابس أبنائها الأربعة، وتستغرق في غسل عدة قطع أكثر من ساعتين.

تواجه سهام مشكلات كثيرة أثناء الغسيل، وتقول "ظهري يوجعني كثيراً بسبب الغسيل اليدوي، الحرب دمرت جميع مرافق الحياة في غزة، وجعلت حياتنا بدائية، يا له شعور متعب ومرهق وفيه من الإذلال الكثير عندما يحين وقت غسيل الملابس". وتضيف أن "الغسيل اليدوي يستهلك الكثير من مسحوق الغسيل الذي ارتفع ثمنه أضعافاً، إذ أصبح ثمن الكيلوغرام الواحد منه يتجاوز 20 دولاراً، ولا يقوى النازحون على شرائه. كما أن فرك قطع الهندام بطريقة تقليدية أمر متعب ولا يضفي أي نظافة على الملابس".

كذلك تغسل جميع النسوة في غزة بلا استثناء بطريقة يدوية بدائية، وما يتعبهن في الأمر هو ندرة المياه وعدم توافرها باستمرار. ولحل مشكلة غسيل الملابس في معسكر خيام النازحين، عمل سعيد على تجهيز شبكة كهرباء بأنظمة الطاقة الشمسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


شبكة كهرباء وغسالة

لدى سعيد نحو خمسة ألواح طاقة شمسية، كل واحد منها بقدرة 650 وات، موصولين بجهاز لتوليد كهرباء يمكنه إخراج نحو 3000 وات من التيار، وست بطاريات حفظ طاقة بقدرة 200 أمبير وتردد 12 فولت، وهذه الشبكة يمكنها تشغيل عدة غسالات. وبعد تجهيز شبكة الكهرباء، وضع سعيد الغسالات في ساحة مخيم النازحين، وبدأ يغسل الملابس المتسخة لهم بالآلة الكهربائية. ويقول "كانت حياتنا طبيعية، لكن اليوم نبذل جهداً مضيناً إلى أجل العودة لأبسط مقومات الحياة".
من رف بعيد التقط سعيد مسحوق غسيل الملابس، وفي حوض الغسالة سكب كأس معياري منه على الماء الدافئ بدرجة حرارة 30 مئوية، وبعدها وضع الملابس الملونة، ثم شغّل الغسالة، وكانت نسوة المخيم تتابع المشهد. ويضيف سعيد "تبدلت حالة النسوة، فبدل أن يغسلن على أيديهن أصبحت أغسل لهن بواسطة الغسالة الكهربائية، شعرت وكأن الأمر أضفى نوعاً من التقدم على معسكر خيام النازحين"، يضحك ويكمل "لقد أصبحنا من الفئة المتطورة".


بشكل يومي ومجاناً

بعد نحو نصف ساعة انتهت الغسالة من غسل الملابس، وقال سعيد إن "الحصول على ملابس نظيفة كان حلماً، لأنه أثناء النزوح تتسخ الثياب بشدة، ووسائل وعوامل النظافة ليست بأفضل أحوالها، وعندما جرى تشغيل الغسالة في الخيام سهّلت مهمة النظافة وبات الحصول على هندام ساطع الألوان أمراً سهلاً".

ويشغل سعيد غسالة الملابس كل يوم من الساعة 10 صباحاً حتى الرابعة عصراً، وذلك بحسب قوة أشعة الشمس، ولا يتلقى أي مقابل مادي من جيرانه النازحين، ويقول "أشعة الشمس مجانية، ولذلك لا أتلقى عائداً مالياً على عملي، كل ما أطلبه هو أن يجلب الجيران معهم مسحوق الغسيل الخاص بملابسهم".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط