ملخص
كشفت دراسة عن أن معدلات الألم أثناء حركة اليد كانت أعلى بصورة ملحوظة لدى المفرطين في استخدام هواتفهم الذكية مقارنة بالمستخدمين المعتدلين كما ارتفع ألم الإبهام مع زيادة استخدام الهاتف.
على طول تاريخ البشرية عدت الأيدي أدوات العمل التنفيذي الأول للإنسان، فمن الصيد إلى الجمع والزراعة واستخدام الآلات وتشغيلها، ومن تقليب صفحات الصحف إلى التمرير والنقر والتصفح على الهاتف الذكي ظل البشر دائماً مشغولي الأيدي، فأيديهم تخدمهم وتحقق رغباتهم، وهي رمز الفاعلية والملكية البشرية وهي رمز للقوة والإرادة، فعندما جرى إخبار الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عام 2015 أنه يعاني سرطان الدماغ قال إن "الأمور الآن في يد الله".
إن هذا الارتباط بين اليد الفاعلة والقوة له تاريخ طويل، وقد ذكرت رمزية اليد في الأديان وعبرت عن الله في كثير من الأماكن. وقال أرسطو مرة إن لديهم أيدي لأنهم أذكياء، فالأيدي تمدنا بالإرادة بفعالية عالية. ووصف الخطيب الروماني كوينتليان الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الأيدي كالطلب والدعاء والاستدعاء والرفض والتهديد والتوسل وإظهار النفور أو الخوف والسؤال والإنكار.
قياس قوة اليد
ومع هذا التاريخ الطويل لسلطة اليد وقوتها وفعاليتها وقدراتها الفائقة، تختصر اليوم معظم الوقت في القبض على الهواتف الذكية والكمبيوتر، إذ لم تأخذ التكنولوجيا هذه القطعة المهمة من الجسد في الاعتبار وتصمم منتجاتها بما يتناسب معها، بل كان استخدامها سبباً في ظهور عديد من الأمراض والأوجاع التي ارتبطت باليد حصراً، مما جعل العلماء يتنبؤون بتغير شكل اليد مع الزمن لتتلاءم مع شكل الهاتف والسرعة والسهولة في استخدامه، إضافة إلى الترددات الراديوية التي يتعرض لها الإنسان من الهاتف وبخاصة عند وجوده في يديه بصورة أكبر مما لو استخدمه من بعد قليلاً.
وأظهرت دراسة حديثة أن طلاب الجامعة الذين يفرطون في استخدام الهواتف الذكية يصبحون أكثر عرضة للإصابة بتضخم العصب الناصف والمعاناة من الاختلال في وظائف اليد مقارنة بزملائهم الذين لا يبالغون باستخدامه. وتضمنت الدراسة 102 طالب جامعي، 66 منهم يستخدمون هاتفاً ذكياً يحمل بيد واحدة و36 طالباً آخر لا يستخدمون الهواتف الذكية، ومن ثم قسمهم الباحثون إلى ثلاث مجموعات وفقاً لدرجة استخدامهم الهواتف الذكية على النحو التالي: غير مستخدمين ومستخدمون بشكل خفيف ومستخدمون بشكل زائد.
وعمل الباحثون في الدراسة على استخدام مقاييس مختلفة لقياس قوة حركات اليد وقوة القرص واختبارات لتقييم فعالية اليد، إضافة إلى التصوير بالموجات فوق الصوتية الثنائية، ووجدوا أن معدلات إصابة العصب الناصف كانت أعلى بصورة ملحوظة لدى المفرطين في استخدامهم هواتفهم الذكية، مقارنة بمن لا يستخدمها، كما أظهر التصوير بالأمواج فوق الصوتية ضخامة رباط العضلة الطويلة الباسطة للإبهام في كل المجموعات، إلا أنها كانت ملحوظة للغاية لدى المفرطين في استخدام الهواتف الذكية.
وبينت الدراسة أن معدلات الألم أثناء الحركة كانت أعلى بشكل ملحوظ لدى المفرطين في استخدام هواتفهم ومن لا يستخدمونها مقارنة بالمستخدمين المعتدلين، كما ارتفع ألم الإبهام مع زيادة استخدام الهاتف.
متلازمات بالجملة وتليف أوتار
إن الاستخدام المستمر للهاتف الخليوي يمكن أن يسبب عدداً من مشكلات المفاصل والأعصاب، فقضاء ساعات طويلة على الهاتف خلال اليوم يضع ضغطاً غير طبيعي على المفاصل، وتشمل الإصابات الأكثر شيوعاً المتعلقة بالهواتف الذكية، الإصبع الخنصر للهاتف الذكي ومتلازمة النفق المرفقي (مرفق الهاتف الذكي) وإبهام المراسلة وآلام الرقبة الناجمة عن الهواتف المحمولة (رقبة الرسائل النصية).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتظهر صور إصبع الخنصر في الهواتف الذكية المتداولة على الإنترنت أن هناك فجوة واسعة بين إصبع البنصر والخنصر، كما تظهر بعض الصور نتوءاً في الإصبع الصغير حيث يتم دعم ثبات الهاتف أثناء التحدث أو إرسال الرسائل النصية أو التمرير.
وكشفت دراسة أميركية حديثة عن أن الاستخدام المستمر للهواتف النقالة والأجهزة الذكية يؤذي أعصاب وأوتار اليدين بمرور الزمن، إذ إن أعصاب اليد قد تتكيف مع حركات معينة خصوصاً إذا لم يتم تغيير تلك الحركات، مثل تكرار استخدام السبابة والإبهام في كتابة الرسائل النصية أو الدردشة.
ويقول الأطباء إن حركة الإبهام المتكررة لمرات عديدة عند المسح أو الانتقال من سطر إلى آخر في كتابة الرسائل عبر شاشات الأجهزة الذكية تؤدي مع مرور الوقت إلى تليف الأوتار وتكيفها مع حركة واحدة فحسب، وعند محاولة اختبار حركة مختلفة للأصابع أو تغيير طريقة الكتابة مثلاً تظهر هذه الآلام.
شكل اليد المستقبلية
وبما أن اليد البشرية ليست مهيأة أصلاً لحمل الهاتف الذكي لفترة طويلة، ظهرت دراسات حديثة تقول إن الهاتف الذكي يمكنه أن يغير شكل اليد في المستقبل، وقد وضع تصور للشكل الذي قد تبدو عليه الأيدي البشرية إذا تم تحسينها لاستخدام الهواتف الذكية في العصر الحديث، ويكشف هذا التصور عن علامات واضحة لأصابع ملتوية ومشوهة وأطراف أصابع تشبه الوسادة لمنع الهاتف من الانزلاق.
وقد أخذ الفريق الذي وضع تصورات الشكل المتنبأ به في الاعتبار استخدام أجهزة الهواتف الذكية والتأثير الجسدي في اليد، وتشاور مع علماء الأحياء التطورية ومتخصصي العلاج الطبيعي حول هذا الموضوع.
وتتضمن التعديلات إصبعاً مدبباً أكثر لسهولة التنقل في الهاتف الذكي، وآخر كاللوح شبه دائري لقبضة أكثر أماناً، وإبهاماً ملتوياً وأصابع صغيرة لحمل الهاتف الذكي بشكل أفضل والوصول إلى مسافة أبعد وأعلى عبر الشاشة.
كما سيتغير الإصبع الصغير بشكل كبير ليتمكن من حمل الهاتف واستخدامه بسهولة أكبر، نظراً إلى استخدامه كدعامة أسفل الجهاز، ويكون ملتوياً من أجل تعزيز هذا الدعم في الزاوية مع مسافة يمكن أن يستقر فيها الهاتف، ويمكن رؤية مزيد من المسافات عبر راحة اليد حيث سيوضع الجهاز مرة أخرى.
وجاءت التنبؤات حول الشكل الذي ستبدو عليه اليد لاستيعاب استخدام الهواتف الذكية بشكل أفضل نتيجة لمسح شمل 1000 من البالغين البريطانيين، الذي كشف عن أهم الإصابات التي واجهها البريطانيون بسبب استخدام الهواتف الذكية.
لكن عالمة الأحياء التطورية بريشيتا ماهيشواري أبلين قالت "إن أي تغييرات في يد الإنسان ستستغرق أجيالاً عديدة، ومن المحتمل جداً أن الهواتف المحمولة لن تكون موجودة بحلول تلك المرحلة في سياق التطور البشري".
وتابعت "إن مثل هذه التغييرات الجذرية في بنية اليد البشرية، وهو الشيء الذي بقي على حاله عبر ملايين السنين منذ أن بدأ البشر الأوائل في تطوير خصائص جسدهم لاستخدام الأدوات كالرمي والضرب بالهراوات، من غير المرجح تماماً أن تحدث، بخاصة الإبهام المطول، إذ يمكن أن يؤثر بشكل كبير في الإجراءات الأخرى التي يتعين على البشر القيام بها والتي تتطلب إبهاماً معاكساً، وعديد منها أكثر أهمية للبقاء على قيد الحياة، مثل الإمساك بالطعام وأدوات المائدة من أجل تناول الطعام أو الإمساك بعجلة القيادة بشكل صحيح لتجنب الحوادث."