Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماضي الصياح حاضر الثرثرة... من أين جاءت اللغة؟

تلك حكاية رومانتيكية قديمة لكن راويها الأحدث عالم الآثار ستيفن ميثن يواجه الصعاب نفسها التي وقع فيها سابقوه

أدرك كثير من الباحثين أن تطور اللغة مسألة بالغة التعقيد وتتجاوز كثيراً من تخصصات البحث الأكاديمي (مواقع التواصل)

ملخص

إن التكهنات حول منشأ اللغة احتدمت احتداماً شديداً أرغم جمعية اللغويات في باريس عام 1866 على إصدار قرار بألا تنخرط الجمعية في أية نقاشات تتعلق بأصل اللغة. وأدى هذا الحظر إلى فرض سبات استمر أكثر من قرن على هذا المبحث المعرفي.

يحكي الحافظ بن كثير في (البداية والنهاية) أن نبي الله نوح أقام على سفح الجودي بعد انتهاء الطوفان قرية سماها ثمانين بعدد من معه من أزواج الرجال والنساء، وأولئك الأزواج "أصحبوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة إحداها العربية وكان بعضهم لا يفقه كلام بعض، فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم". وبهذه الطريقة حل ابن كثير لغز تعدد لغات البشر على رغم معرفته الدينية بأنهم كلهم أبناء آدم، فينبغي منطقياً أن يرثوا لغته. أما "لغة آدم نفسها" فلم تمثل لابن كثير لغزاً فمنشؤها معروف له بنص واضح الدلالة "وعلم آدم الأسماء كلها". ولكن هذه اللغة الأولى تمثل مشكلة كبيرة لمن لا يستندون إلى النصوص ولا يفكرون انطلاقاً من الأديان كيف نشأت اللغة الأولى؟ كيف انتقل الإنسان من الهمهمة والصياح والإشارة أي من تواصل القردة المفترض إلى اللغة كما نعرفها اليوم؟

على بعد ثلاثة أميال من ساحل إدنبره تقع جزيرة صغيرة اسمها إنشكيث بعث إليها الملك جيمس الرابع طفلين رضيعين عام 1493 في رعاية مربية بكماء لتنشئتهما في عزلة صامتة، راجياً من ذلك أن يعرف حينما يتقدم العمر بالرضيعين شيئاً عن "لغة عدن". وينقل الكاتب دينيس دنكان ["نيويورك تايمز" – الـ18 من يونيو (حزيران) 2024] عن مؤرخ عايش التجربة أنه "يقال إنهما يتكلمان العبرية بطلاقة". لكن المؤرخ نفسه لم يمنح العبرية شرف أن تكون لغة آدم وحواء ولم يقطع بأية نتيجة للتجربة عدا تلك الشائعة.

ويكتب دنكان أن هذه التجربة لا تعدو إحدى تجارب كثيرة مماثلة منسوبة إلى طغاة عدة في التاريخ، وقد يكون معظمها ملفقاً لكنها تشير جميعاً إلى فضول مستمر وحقيقي للغاية، من أين جاءت اللغة للمرة الأولى وكيف كانت صورة اللغة في طورها الأقدم؟

ويعالج الأثري ستيفن ميثن هذه الأسئلة في كتابه الصادر حديثاً بعنوان "لغز اللغة: توليف قصة ستة ملايين عام من كيفية تطور الكلمات".

ويقول دينيس دنكان في استعراضه للكتاب إن التكهنات حول منشأ اللغة احتدمت احتداماً شديداً أرغم جمعية اللغويات في باريس عام 1866 على إصدار قرار بألا تنخرط الجمعية في أية نقاشات تتعلق بأصل اللغة. فـ"أدى هذا الحظر إلى فرض سبات استمر أكثر من قرن على هذا المبحث المعرفي، وعلى رغم ما في ذلك من إسراف فإنه ينطوي على جرثومة للحقيقة. إذ أدرك كثير من الباحثين أن مسألة تطور اللغة في ذاتها بالغة التعقيد وتتجاوز كثيراً من التخصصات الدقيقة التي ينقسم إليها البحث الأكاديمي، بما يرجح أن كل من يزعم امتلاكه جواباً لذلك السؤال هو في الغالب دجال".

الكلمات الأيقونية

و"منذ أواخر القرن الماضي بدأنا نرى مناهج جادة متعددة العناصر تعالج هذا الموضوع وتجمع له الأدلة من مختلف فروع المعرفة، والاستعارة التي يلجأ إليها ميثن لطريقة التعامل مع سؤال اللغة هي اللغز أو أحجية الصور المقطعة، فصورة تطور اللغة التي نسعى إلى تكوينها لن تكشف لنا نفسها إلا لو وضعنا مختلف الأجزاء بالترتيب الصحيح مستجمعين الأدلة من علوم اللغويات والآثار والأنثروبولوجيا والجينات والأعصاب وعلم النفس وعلم السلوك الحيواني".

و"ما لم يعرفه الملك جيمس لكن يجدر بنا نحن أن نعرفه في عالم ما بعد داروين هو أن اللغة لم تنشأ مكتملة التكوين نشأة مكون واحد اختير من قائمة صغيرة بالاختيارات المتاحة، فـ(اللغة الحديثة الكاملة) بتعبير ميثن هي منتهى عملية تطورية ترجع جذورها إلى الصفير والصيحات والقبلات الصائتة لدى قردة الشمبانزي وغيرها من الرئيسات، وتمضي قدماً فتكتسب إمكانية الجمع بين أصوات متعددة لتكوين عبارات وقدرات تمثيل أشياء غير حاضرة حضوراً مباشراً واستعمال المجاز".

 

 

و"يمثل الانشقاق بين البشر العاقلين وبشر نياندرتال أحد المكونات الرئيسة في أحجية ميثن. فالأدلة الأحفورية على تنويعات حجم المخ وصورة الجهاز الصوتي بين الإنسان العاقل (هوموسابينز) وإنسان نياندرتال والإنسان المنتصب (هومو إريكتوس) وبقية سلسلة شجرة العائلة البشرية، تسمح بالتكهن بتاريخ بعض هذه الوثبات اللغوية. ويبدي ميثن براعة خاصة في وصف اختلاف البشر وهجرتهم على مدى ثلاثة ملايين عام، بما يجعل الفصل الأول في كتابه جولة مقنعة الوضوح والإيجاز".

غير أن دنكان يأسف لأن ذلك الوضوح لا يصدق على جميع الفصول "ففي أججية ميثن كثير من المعارف المتخصصة التي يلزم تفكيكها للقارئ العام، إذ إنه في بعض الأحيان يقدم لنا من التفاصيل أكثر مما نحتاج إليه، وعلى رغم أن (لغز اللغة) يحوي كثيراً من الفقرات العصية على النسيان فإنني سأجد عنتاً كبيراً في تذكر كيفية قيام النيوكليوتيدات بتشكيل البروتينات، أو تذكر الفروق الرهيفة بين الأدوات اليدوية في العصر الحجري القديم الأدنى".

و"في بعض الأحيان يشعر القارئ أن قطع الأحجية حشرت حشراً أو أكرهت على الاستقرار في غير أماكنها المضبوطة لتلائم الصورة، فكثير من التخصصات المعرفية لم يستقر على إجماع يلائم طرح الكاتب. وانظروا مثلاً إلى الرمزية الصوتية أي الافتراض بأن أصواتاً بعينها في الكلمات لها علاقة غير اعتباطية بمعناها، وهو ما يعرف بالمماثلة الصوتية onomatopoeia".

وتستهل أنجانا أهوجا استعراضها للكتاب ["فايننشال تايمز" – الـ14 من مارس (آذار) 2024] بقولها إن "عالم الأنثروبولوجيا واللغويات الأميركي إدوارد سابير وجه عام 1929 سؤالاً إلى مجموعة مشاركين اعتباطيين في دراسة، وكان السؤال عن كلمتين مخترعتين هما ميل mil ومال mal وأيهما يشير إلى الطاولة الكبرى من طاولتين؟ وسواء كان المتطوعون في الدراسة إنجليزيين أم صينيين صغاراً أم كباراً فإن 80 في المئة منهم اختاروا (مال) لوصف الطاولة الكبرى، فكأن شيئاً ما في صوت (مال) يعني الضخامة. وفي العام نفسه استخدم عالم النفس الألماني فولفغانغ كولر خدعة مماثلة مع كلمتي مالوما maluma وتاكيتي takete، طالباً من المتطوعين في تجربته أن يختاروا إحداهما للتعبير عن معنى (الدائري) والأخرى لمعنى (الشائك). فاختارت الغالبية مالوما للشكل الدائري، أما الحركات الحادة التي يفرضها نطق تاكيتي على اللسان فقد جعلت المتطوعين يربطونها بالشائك".

وتقول أنجانا أهوجا إن "هذه التجارب الذكية ألقت الضوء على روابط ربما نشأت في ماضي سلالتنا، وهي روابط معنوية بين أصوات وصور الرمزية. ومن هذه الكلمات المعروفة بـ(الكلمات الأيقونية) أي التي تظهر تماثلاً بين الشكل والمعنى، مصطلحات تماثل صوتاً من قبيل (بوم) [للانفجار] و(سبلاش) [للرذاذ]. وهذه الكلمات بحسب ما يكتب ستيفن ميثن كانت تعفي أسلافنا الأقدمين من الحاجة إلى التعلم لأن من الممكن حدس معانيها".

و"ليست الكلمات الأيقونية إلا مفتاحاً من مفاتيح اللغز الباقي أي لغز اكتساب الإنسان العاقل للغة التركيبية المتدفقة التي تختلف اختلافاً بيناً عن همهام وصراخ أقرب أقربائنا أي الشمبانزي. ويتضمن تاريخ اكتساب اللغة طفرات جينية غيرت من شكل المخ، وأطلقت شرارة التيار المعرفي الذي سهل نشأة المجاز والتفكير المجرد. ويرى ميثن أن المجاز (عزز قوة التواصل بما فيها من مقدرة على وصف وشرح المهارات التكنولوجية والأفكار المعقدة للآخرين)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

و"يذهب ميثن إلى أن هذا التلاقي اللغوي للعقول المجازية هو الذي أدى إلى تكوين الحراب والنبال وغيرها من الأدوات التي دفعت نحو مزيد من التغير اللغوي والتكنولوجي، واكتمل ذلك بتطور الجهاز الصوتي والجهاز السمعي. وجاء اكتشاف النار الذي امتد ببعض الأنشطة الاجتماعية إلى الليل ليحيل أسلافنا إلى حكائين. وفي لحظة ما من هذا المسار أضاف أسلافنا إلى معجمهم كلمات اعتباطية اخترعوها بالاتفاق"، في مقابل الكلمات الأيقونية التي يتطابق فيها الصوت والمعنى.

و"باختصار انتقل أسلافنا من إصدار أصوات قردية قبل أربعة ملايين عام في عهد الأوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس إلى الكلمات الأيقونية في عصر الإنسان المنتصب قبل مليوني عام، وسلاسل الألفاظ لدى إنسان نياندرتال قبل 50 ألف عام، ومن ذلك كله إلى قرابة سبعة آلاف لغة ننطقها اليوم. ومثلما يكتب ستيفن ميثن عن ماضي البشر فإن (المخ واللغة والثقافة المدنية دفعت بعضها بعضاً إلى الاندماج في الحداثة)".

يشير ستيفن ميثن إلى أن مسارنا نحن الهوموسابينز تقاطع مع بشر نياندرتال قبل أكثر من 600 ألف عام إذ اشتركنا في سلف واحد، وكان بشر نياندرتال يعيشون في أوروبا بينما كنا نعيش في أفريقيا ثم انقرضوا هم دوننا قبل 40 ألف عام، ويتساءل إن كان انقراضهم وصمودنا يعزى إلى فوارق اللغة والتفكير ويقول إن هذا التفسير موضع جدال كبير بين العلماء.

ويمضي فيكتب ["ذي كونفرزيشن" – الـ20 من مايو (أيار) 2024] أن "الأدلة تشير إلى فوارق أساس في المخ بين سلالتنا وسلالة نياندرتال هي التي سمحت للبشر المحدثين أن يتوصلوا إلى الأفكار المجردة والمعقدة من خلال المجاز، أي القدرة على الربط بين أشياء لا تجمعها علاقة. ولكي يحدث هذا كان على سلالتنا أن تنشق عن النياندرتال في بنية المخ".

الصياح والثرثرة

يعزو ميثن إذاً نشأة اللغة إلى اختلاف بنية المخ نفسها وينسب إلى متخصصين قولهم إن بعض الأدلة العظمية والأثرية تؤكد هذه الاختلافات الجوهرية، وينسب إلى آخرين رفضهم هذا التفسير ويؤكد أن "الاختلاف غير غريب لأن الاستنتاجات تستخلص من بقايا من قبيل العظام والأدوات. فالأدلة نفسها مجزأة وغامضة وتمثل لنا أحجية معقدة في ما يتعلق بكيفية وتوقيت وسبب نشأة اللغة. غير أن اكتشافات جديدة في الآثار وغيرها أمدتنا لحسن الحظ بعدد من قطع اللغز بما يمكننا من تكوين صورة جيدة لمخ إنسان نياندرتال".

و"تشير أدلة تشريحية حديثة الاكتشاف إلى أن بشر نياندرتال كانت لهم أجهزة صوتية وسمعية غير مختلفة عنا كثيراً بما يشير إلى أنها من وجهة نظر التشريح كانت في مثل قدرتنا على التواصل بالكلام. ويشير اكتشاف جينات إنسان نياندرتال فينا إلى حلقات عديدة من التلاقح بما يشير بدوره إلى تواصل وعلاقات اجتماعية بين السلالتين".

وتشمل قطع الأحجية التي ينكب ميثن على توليفها حراباً خشبية نياندرتالية اكتشفت مثلما اكتشف استعمالهم الصمغ في صنع آلات من قطع منفصلة، وعزز ذلك كله من رؤانا لبراعتهم التقنية و"يقال إن استعمالهم قلائد من مخالب الطيور واحتمال استعمالهم الريش في تزيين أجسامهم مثالان للرمزية تضاف إلى النقوش الهندسية على الحجر والعظم".

 

 

ويضيف ميثن إلى هذه الأدلة الأثرية التي لا تسلم من اعتراضات الخبراء أدلة يقدمها علما الأعصاب والجينات اللذان يطرحان "طرحاً مقنعاً للاختلافات اللغوية والمعرفية بين بشر نياندرتال والبشر العاقلين"، إذ تشير عملية إعادة بناء رقمية ثلاثية الأبعاد لدماغ إنسان نياندرتال "إلى اختلافات كبيرة في البنية إذ كان لدى إنسان نياندرتال فص قذالي كبير نسبياً، يخصص قدراً أكبر من مادة المخ للمعالجة البصرية ويجعلها متاحة بصورة أقل لمهام أخرى مثل معالجة اللغة والحديث والطلاقة"، خلافاً للشكل الكروي للمخ البشري الحديث الذي نشأ قبل 300 ألف عام، فضلاً عن طفرات وراثية "وتكيفات في شبكة الإدراك أو التعلم معقدة حدثت خلال تطور الإنسان الحديث"، بحسب ما ينقل ميثن عن دراسات في علم الأعصاب.

وتكتب أنجانا أهوجا أن ميثن يدرك أن اللغة "ظاهرة مخية جسدية اجتماعية ثقافية شاملة" تتطلب معرفة بتخصصات مثل اللغويات وعلم النفس وعلم الأعصاب وعلم الوراثة والأنثروبولوجيا وما لكل منها من بيانات ونظريات وأساليب ومصطلحات. والمؤسف أن ميثن يجد نفسه مرغماً على إعطائنا كل هذه العلوم في رواية تبدو أحياناً وكأنها كتاب مدرسي أكثر من كونها عملاً موجهاً للقارئ العام".

و"مع ذلك" كما تكتب أنجانا أهوجا "فبوصفي شخصاً ذا حب عميق للغة ودراية ضئيلة بها تعلمت كثيراً من (لغز اللغة)، من قبيل أن بعض لغات الأمازون لا تحوي كلمات تعبر عن الأرقام في ما يتجاوز الواحد والاثنين، وأن الإيماء مستبعد بوصفه أصلاً للغة لأنه غائب إلى حد كبير عند القردة العليا، وأن الجدل لم يزل قائماً حول ما إذا كانت اللغة تؤثر في الإدراك والفكر فضلاً عن إضاءات كثيرة أخرى".

ويكتب ميثن أنه "سواء كنا نفكر بالكلمات أم لا، فإن الكلمات يقيناً تزيد من فكرنا ومحض تسمية أشياء العالم الحسي منها أو المادي وتسمية الأفعال والمجردات يمنحها جميعاً حضوراً ملموساً". بل إن الكلمات بحسب ما يكتب ميثن في فصل الكتاب الأخير هي "أدوات" نقلت البشر نقلات حضارية، لكنها نوع من الأدوات الذي لا يمكن أن نجد عليه أدلة أحفورية.

وفي الفصل الأخير من الكتاب يرجع ميثن إلى الشرق الأوسط حيث بدأت الزراعة فيكتب أنه "بحلول ما قبل 10 آلاف عام، أصبح ملتقطو الثمار والصيادون في الهلال الخصيب مزارعين. لقد شقوا بالحديث طريقهم إلى نمط الحياة الجديد وباستعمال الكلمات أقاموا كلاً من المفاهيم والتكنولوجيا، وبالحديث المستمر والثرثرة والحوار والنميمة والخطب والحوارات والأسرار تحتم أن تظهر مفاهيم جديدة وأن تظهر مخترعات، وأن يتغير نمط الحياة".

هي حكاية رومانتيكية مثلما ترى أنجانا أهوجا لكن راويها يواجه كل الصعاب التي وقع فيها سابقوه، فهل نولد بنحو فطري مثلما يرى نعوم تشومسكي ويوافقه ستيفن بنكر في (غريزة اللغة)، أم أن التأثير ثقافي لا وراثي مثلما يرى دانيال إيفريت في كتابه الحديث (كيف بدأت اللغة؟). وتقول أهوجا إن كل هذه افتراضات ونظريات وذلك كل ما نملكه لأنه "ما من دليل أنيق سهل التتبع يمضي بنا من الماضي الحافل بالصيحات، إلى الحاضر الحافل بالثرثرات".

العنوان: The Language Puzzle: Piecing Together the Six-Million-Year Story of How Words Evolved

 الكاتب: Steven Mithen

الناشر: ‎ Basic Books

اقرأ المزيد

المزيد من كتب