Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين ذهبت جميع عمليات الاكتتاب العام الأولي الصينية؟

قبل عقد كانت قوائم سوق الأوراق المالية لشركات التنين تغمر "وول ستريت" ولكنها جفت حالياً

40 شركة صينية طرحت أسهمها للاكتتاب في الداخل الصيني هذا العام (اندبندنت عربية)

ملخص

مع تدهور العلاقات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة فقد أصبح من الصعب على الشركات الصينية العثور على سوق أجنبية لا تتعرض فيه للخطر بسبب التدقيق السياسي

قبل عقد من الزمان كان الطرح العام الأولي لشركة إنترنت صينية الحدث الأكثر سخونة في بورصة "وول ستريت"، بل عندما كانت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة "علي بابا" تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب العام في بورصة نيويورك، تنافست أكبر البنوك في العالم بشراسة لضمان حصة في الاكتتاب، وعندما رن جرس الافتتاح في الـ19 من سبتمبر (أيلول) 2014، هلل تجار الأسهم وارتدوا سترات وغطاء للرأس باللون البرتقالي المميز لـ"علي بابا" فوق بدلاتهم، بعد أن جمع الاكتتاب العام للشركة آنذاك نحو 25 مليار دولار.

ولكن دوام الحال من المحال، فيبدو أن تلك الأيام أصبحت ماضياً، إذ لم تشهد "وول ستريت" أي اكتتاب عام صيني لـ"علي بابا"، وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة زاد جفاف الاكتتاب سوءاً،

وحتى الآن جمعت الشركات الصينية نحو 580 مليون دولار من عمليات الإدراج في الولايات المتحدة الشهر الماضي عبر طرح عام أولي واحد من قبل شركة صناعة السيارات الكهربائية "زيكر".

ومع تدهور العلاقات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة فقد أصبح من الصعب على الشركات الصينية العثور على سوق أجنبية لا تتعرض فيه للخطر بسبب التدقيق السياسي.

اكتتابات داخلية بـ 3 مليارات دولار

ولكن الوضع داخل الصين يبدو أفضل، وكجزء من حملة بكين لتأكيد سيطرة أكبر على السوق الصينية، فقد جعلت الجهات التنظيمية من الصعب طرح أسهمها للاكتتاب العام، مما أدى إلى تباطؤ وتيرة الإدراجات المحلية بصورة كبيرة، وطرحت نحو 40 شركة صينية أسهمها للاكتتاب العام محلياً هذا العام فجمعت أقل من 3 مليارات دولار، وهي قيمة أقل بكثير مما يُجمع عادة في هذا الوقت من العام، وفقاً لبيانات من "ديلوغيك".

وفي حال استمرت الوتيرة الحالية فسوف يشهد هذا العام أقل عدد من العروض العامة الأولية الصينية في جميع أنحاء العالم، منذ أكثر من عقد من الزمان، ويعد التباطؤ تحولاً كبيراً من الفترة التي ساعدت فيها عمليات الإدراج بمليارات الدولارات من قبل شركات التكنولوجيا الصينية في تغذية العصر الذهبي للشركات الخاصة في الصين.

ويظهر هذا التحول كيف أعاد الزعيم الصيني شي جينبينغ تشكيل الأعمال الخاصة ووضعها تحت سيطرة الحكومة والحزب الشيوعي الصيني، بعد أن أجبر المسؤولون الشركات الناجحة على الخروج من أسواق الأسهم العامة، وسجن رجال الأعمال ومنع الصناعات المزدهرة من تحقيق الأرباح.

من جانبه قال المدير الإداري لشركة الأبحاث الاقتصادية في هونغ كونغ "أورينت كابيتال"، أندرو كولير، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن "كثيراً من هذه الاستخدامات لرأس المال التي كانت تمر عبر القطاع الخاص وسوق الأوراق المالية كانت تشكل خطراً محتملاً على نفوذ الحزب"، مضيفاً أن "حال عدم اليقين الناجمة عن حملة التضييق التي شنها الرئيس الصيني أدت إلى محو مليارات الدولارات من قيمة صناعة التكنولوجيا في الصين، ودفعت شركات رأس المال الاستثماري الأميركية إلى التراجع بصورة حادة عن استثماراتها في الصين".

تداعيات التوتر التجاري الأميركي - الصيني

وتابع كولير، "في الوقت نفسه فإن الشركات الصينية غير متأكدة من التدقيق الذي قد تواجهه إذا حاولت طرح أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين".

من جهته قال المدير الإداري لصندوق "فيوتشر كابيتال ديسكفري" مورونغ يانغ إنه "لا أحد يريد حقاً اختبار الأجواء"، ففي فبراير (شباط) الماضي سعت شركة التسوق عبر الإنترنت التي تأسست في الصين "شين" إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام داخل الولايات المتحدة، بينما حث رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية السيناتور ماركو روبيو على منع هذا الإدراج، بعد أن رفضت الشركة تبادل المعلومات حول علاقاتها مع الحكومة الصينية.

وقالت المستثمرة المقيمة في الولايات المتحدة والتي عملت سابقاً مع شركة "سوفت بنك"، إن "السوق التي تختار أية شركة صينية الإدراج فيها تتأثر باعتبارات جيوسياسية، إضافة إلى قيمتها التجارية الأساس".

المنظمون الصينيون ومعايير إدراج أكثر صرامة

وخلال هذا العام ألغت شركة "علي بابا" خطة لفصل إحدى وحدات أعمالها التي تركز على الخدمات اللوجيستية من خلال إدراجها في "هونغ كونغ"، ويشار إلى أن معظم الشركات الصينية المدرجة حالياً في البورصات الأميركية كانت طرحت للاكتتاب العام بين عامي 2018 و2021، عندما تدافع المستثمرون للحصول على حصص في الشركات الناشئة مثل "فل ترك ألاينس" التي تربط تطبيقاتها عملاء الشحن وسائقي الشاحنات، و"كانشون" التي تدير برنامجاً للبحث عن الوظائف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتهت أعوام الازدهار تلك منتصف عام 2021 عند طرح شركة "ديدي تشوكسينغ" الصينية لخدمات نقل الركاب للاكتتاب العام في بورصة نيويورك من دون ضوء أخضر من الهيئات التنظيمية الصينية، وفي ذلك الوقت كان عدد عملاء "ديدي" في الصين أكبر من عدد عملاء "أوبر" في بقية أنحاء العالم، وبعد يومين من الطرح أُجبرت السلطات في الصين "ديدي" على التوقف عن تسجيل مستخدمين جدد والخضوع لمراجعة للأمن السيبراني، بسبب مخاوف من أن الإدراج قد يعني أن الشركة ستضطر إلى نقل بيانات حول الشعب الصيني للولايات المتحدة، فيما كان على الشركات الخاصة في الصين منذ فترة طويلة أن تتوصل إلى كيفية العمل من دون أن تصطدم بقيود السلطات.

100 شركة صينية سحبت خططها للإدراج

ودشنت البورصات الرئيسة الصينية في شنغهاي وشنتشن أوائل التسعينيات كجزء من الإصلاحات التي حولت اقتصاد الصين، لكن الاكتتابات العامة كانت تقتصر في الغالب على الشركات التي تسيطر عليها الدولة.

وما بين عامي 2011 و2018 كان لدى الصين عدد عمليات الاكتتاب العام الأولي نفسها، مثل الولايات المتحدة، وفي عام 2019 أطلقت الصين سوق ستار في شنغهاي لتشجيع شركات التكنولوجيا على طرح أسهمها للاكتتاب العام هناك، لكن المستثمرين الصينيين ومؤسسي الشركات فضلوا الإدراج في نيويورك.

ومنذ شطب شركة "ديدي" من القائمة أوضحت بكين أن قوة وأرباح الصناعة الخاصة في الصين يجب أن توجه نحو دفع البلاد جهة الاعتماد على الذات التكنولوجية، وتدفقت الاستثمارات على مجالات متطورة مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وفي مايو (أيار) الماضي سجلت الحكومة صندوقاً بقيمة 47.5 مليار دولار مخصص لتطوير أشباه الموصلات، مما أرسل إشارة إلى رجال الأعمال والمستثمرين مفادها أنه على رغم أن بعض الصناعات قد تكون رهانات أكثر خطورة، إلا أنها تحظى بالموافقة.

وفي أبريل (نيسان) الماضي أصدرت بكين خطة تحدد معايير أعلى للشركات التي ترغب في طرح أسهمها للاكتتاب العام، وسحبت ما لا يقل عن 100 شركة خططها للإدراج هذا العام في البورصات في بكين وشانغهاي وشنتشن، وفقاً للسجلات العامة للهيئة التنظيمية، واستثمار رأس المال الاستثماري عند أدنى مستوى له منذ أربعة أعوام.

وقال كولير إن "هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين كانت صارمة تقليدياً عندما يتعلق الأمر بالسماح للشركات بالإدراج"، مضيفاً أن "كثيراً من الشركات تشعر بالقلق حيال الإدراج في الصين".