Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي يجعل الطائرات من دون طيار أكثر فتكا

يتزايد الطلب الدولي عليها لقدراتها المتطورة مقارنة بأسعارها ومن المتوقع أن تتجاوز سوقها 100 مليار دولار بحلول 2032

أصبحت الطائرات من دون طيار واحدة من الأسلحة الأكثر استخداماً وطلباً عند الدول (مواقع التواصل)

ملخص

كان للذكاء الاصطناعي الكلمة الفصل في تغيير دور الطائرات من دون طيار، خصوصاً أنه يعمل على جعل تحليل دمج البيانات وأجهزة الاستشعار للطائرات من دون طيار أكثر فاعلية بصورة كبيرة، مما يسمح للخوارزميات المعقدة والتعلم الآلي بخلق فهم أفضل بكثير للبيئة المحيطة بالطائرة، وتالياً فهو يفعل عمل أنظمة الاتصالات والأمن السيبراني لتحليل وتفسير البيانات المهمة التي يتم الحصول عليها بواسطة الطائرات هذه.

شهد العقد الماضي طفرة في استخدام الطائرات من دون طيار الصغيرة وغير المكلفة، فباتت تمتلكها معظم جيوش العالم وتوكل إليها مهام تتعلق بالاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وجمع المعلومات الحيوية عن نشاط العدو وصولاً إلى الاستهداف بدقة شديدة.

وكما هي الحال مع الصناعات الأخرى، تتبنى الشركات المصنعة للطائرات من دون طيار الابتكارات الثورية التي قدمها الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت الطائرات من دون طيار واحدة من الأسلحة الأكثر استخداماً وطلباً عند الدول، وفي حين أن الطلب الدولي على هذه الأسلحة الرخيصة نسبياً والفعالة يتزايد بصورة كبيرة، فمن المتوقع أن تتجاوز سوق هذه الطائرات 100 مليار دولار بحلول عام 2032.

وبالفعل هذا ما نراه اليوم جلياً مع تسابق جيوش العالم لامتلاك الطائرات من دون طيار المتطورة المدمجة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لدورها في تغيير قواعد اللعبة وتطبيقاتها الناجحة في الحروب الأخيرة، كما يتضح من استخدام أذربيجان لها على نطاق واسع في حرب 2020 داخل إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه مع أرمينيا، ودورها في الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا.

تغير دور الطائرات من دون طيار

مفهوم الطائرات من دون طيار ليس جديداً تماماً، فقد طورت واستخدمت لعقود من الزمن، بدءاً بمحاولات إنشاء طائرة يتم التحكم فيها من بعد خلال الحرب العالمية الأولى حتى استخدام الولايات المتحدة طائرات المراقبة من دون طيار خلال حرب فيتنام، إلا أنه كان ينظر إلى هذا النوع من الطائرات على أنه قوة دعم مساعدة خلال الحروب وليست أداة أساسية للهجوم، ليتغير هذا المشهد بصورة جذرية العقد الماضي مع التقدم التكنولوجي الحاصل الذي عرفته البشرية.

وكان للذكاء الاصطناعي الكلمة الفصل في تغيير دور الطائرات من دون طيار، خصوصاً أنه يعمل على جعل تحليل دمج البيانات وأجهزة الاستشعار للطائرات من دون طيار أكثر فاعلية بصورة كبيرة، مما يسمح للخوارزميات المعقدة والتعلم الآلي بخلق فهم أفضل بكثير للبيئة المحيطة بالطائرة، وتالياً فهو يفعل عمل أنظمة الاتصالات والأمن السيبراني لتحليل وتفسير البيانات المهمة التي يتم الحصول عليها بواسطة الطائرات هذه.

ذكاء السرب

لكن الذكاء الاصطناعي لا يقدم ببساطة مجموعة من التطورات التي تعزز فعالية الطائرات من دون طيار وتساعد في التغلب على القيود التكنولوجية الحالية فحسب، بل يقوم بتحويلها إلى نوع مختلف تماماً من الأسلحة، وهنا لا بد لنا أن نتطرق إلى ابتكارين ثوريين يقودهما الذكاء الاصطناعي حالياً في الطائرات من دون طيار وهما "ذكاء السرب" والأتمتة.

 

 

"ذكاء السرب" هو مفهوم ضمن الذكاء الاصطناعي وعلوم الكمبيوتر يشير إلى دراسة الأنظمة اللامركزية ذاتية التنظيم، إن كانت طبيعية أو اصطناعية، ويعود أصل هذا المفهوم إلى دراسة أجراها عالم النظم والمعلوماتية الإيطالي ماركو دوريجو 1992 بعنوان "تحسين مستعمرة النمل"، إذ أدت ملاحظة دوريجو للسلوك الاجتماعي للنمل إلى تطوير خوارزميات تسمح بالتفاعل الأمثل بين الأفراد ضمن النظام بأكمله.

ما يعنيه هذا في الطائرات من دون طيار هو أن الذكاء الاصطناعي يسمح لها بالعمل بطريقة منسقة ومتماسكة في "سرب" يزود الجيش بقدرات هجومية على إطلاق وابل من الطائرات من دون طيار، وبذلك يمكن لهجوم سرب لطائرات من دون طيار وضعت له خطط دقيقة وتم تنفيذها بعناية أن يسدد ضربة قاصمة للعدو ويؤدي مهام عسكرية تكتيكية واستراتيجية مهمة، وهذا ما يزيد الفائدة الفردية لهذا النوع من الطائرات.

وقد شوهد بالفعل التأثير المدمر لـ"ذكاء السرب" مع قصف روسيا المدن الأوكرانية، وهجمات الحوثيين على سفن الشحن والبوارج الحربية في البحر الأحمر، وتظهر هذه الهجمات كيف يمكن لعديد من الطائرات من دون طيار الرخيصة نسبياً أن تشتت الدفاعات الجوية وتستنزف مخزون الذخيرة الدفاعية بسرعة.

الأتمتة

وإذا ما أضفنا الأتمتة إلى المعادلة ستبدو النتائج وكأنها مشاهد من فيلم خيال علمي، لأنه من المتوقع أن تصبح الأتمتة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أكثر التقنيات الناشئة التحويلية التي ستحدث ثورة في الطائرات من دون طيار المصممة للاستخدامات العسكرية. وهكذا يمكن القول إن ما كان في السابق مفهوماً خيالياً أضحى بالفعل طريقة جديدة للحرب، خصوصاً مع إنتاج نوع جديد من الأسلحة الفتاكة التي تعرف باسم "الروبوتات القاتلة" أو "أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة" (LAWS) التي يمكن أن تكون أرضية أو جوية أو ذات أساس مائي.

وتكمن أهمية أتمتة الذكاء الاصطناعي في الطائرات من دون طيار في أنها تؤدي إلى تطورات في عديد من مجالات عمليات هذه الطائرات، بما في ذلك الملاحة المستقلة وشبكات الاتصالات وتحليل البيانات والتكامل مع إنترنت الأشياء (IoT)، وأخيراً اتخاذ القرار المستقل للعمليات الهجومية.

وبدأت دول عدة تعمل لتسخير قوة الأتمتة في الطائرات من دون طيار، في طليعتها الولايات المتحدة التي تطور طائرة "فالكيري" التجريبية، كنموذج أولي للطائرات من دون طيار التي يتم تشغيلها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، كما أن هذه الأتمتة موجودة بالفعل في الصراع الدائر في أوكرانيا، حيث يزعم أن روسيا استخدمت طائرات "كلاشينكوف زالا إيرو كوب" الانتحارية المزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي التي تحلق في الأجواء لاكتشاف هدف معين ثم تتخذ القرار المستقل بمهاجمته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في موازاة ذلك، تعمل شركة "ديستينوس" الأوروبية على تطوير جيل جديد من الطائرات من دون طيار سمتها "ديستينوس جي" ستدخل الخدمة الفعلية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وستكون مجهزة بقدرات واسعة ومنخفضة الكلفة ومتعددة الاستخدامات.

هذه الطائرة الأسرع من الصوت سيتم التحكم فيها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي ويمكن أن تحل محل المقاتلات التي يقودها البشر في بعض المهام القتالية، وهذا يسلط الضوء بطبيعة الحال على التحول الكبير في الاستراتيجية العسكرية والتكنولوجيا ويوضح كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق رائدة.

ماذا عن المستقبل؟

بينما نتطلع إلى المستقبل ستكون الطائرات من دون طيار المستقبلية أكثر استقلالية، وقادرة على أداء مهام معقدة مثل الضربات التكتيكية ومهام المراقبة وتسليم الإمدادات من دون أي تدخل بشري، وتمثل طائرة "أم كيو-9 ريبر" الأميركية هذا الاتجاه من خلال قدرات تنفيذ المهام المستقلة بناءً على معايير مبرمجة مسبقاً.

ومن المتوقع أن تستخدم طائرات السرب من دون طيار مستقبلاً في سيناريوهات مختلفة، بدءاً من مهام الاستطلاع وحتى إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد لساحات القتال ودفاعات العدو الحصينة.

وفي هذا الإطار لا بد لنا من أن نشير إلى نجاح مكتب القدرات الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" العام الماضي، في اختبار سرب كبير من الطائرات من دون طيار الصغيرة فوق بحيرة "الصين" الواقعة في ولاية كاليفورنيا، لاختبار سلوكات "ذكاء السرب" المتقدمة كاتخاذ القرار الجماعي والتحليق بتشكيلات تكيفية.

وهناك اتجاه نحو جعل الطائرات من دون طيار أصغر حجماً لتكون أقل قابلية للاكتشاف وأكثر قدرة على التكيف مع العمليات المختلفة، بما في ذلك المراقبة السرية والعمليات الدقيقة في البيئات الحضرية الكثيفة.

وتعد طائرات "بلاك هورنت نانو" التي يعادل حجمها كف اليد والمستخدمة من قبل القوات المسلحة الأميركية والبريطانية أمثلة بارزة على هذا الاتجاه للمراقبة والاستطلاع السري في البيئات الصعبة.

إضافة إلى كل ما ذكرناه يتوقع خبراء التكنولوجيا والدفاع أن يؤدي دمج تقنية شبكة الجيل الخامس 5G مع الطائرات من دون طيار إلى تعزيز قدرات الاتصال ونقل البيانات، وقد أظهرت التجارب التي أجرتها شركة الاتصالات الأميركية "أي تي أند تي" والقوات الجوية الأميركية باستخدام تقنية شبكة الجيل الخامس لعمليات الطائرات من دون طيار تحسينات في معالجة البيانات والاتصالات ونقل لقطات عالية الدقة أسرع 100 مرة من شبكة الجيل الرابع 4G، مما يوفر للمشغلين تصويراً عالي الجودة في الوقت الفعلي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير