Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التغير المناخي يباغت مصر فهل تحركت واقعيا لمواجهته؟

أبدى مراقبون استياءهم من عدم تطبيق أهداف "الإستراتيجية الوطنية" ووصفوا الجهود الحالية بأنها "اجتهادات من بعض الجهات" وحذروا من تجاهل الأزمة

تشهد مصر موجات حر غير مسبوقة بلغت 50 درجة مئوية في جنوب البلاد (أ ف ب)

ملخص

تواجه مصر "مرحلة صعبة"، إذ يتوقع أن يكون صيف 2024 أعلى من المعدلات المعتادة خلال السنوات الماضية، مع ارتفاع نسب الرطوبة.

بينما تشهد مصر موجات حر غير مسبوقة تجلت ذروتها في جنوب البلاد بعد أن سجلت مدينة أسوان منذ أيام أعلى درجات حرارة مقتربة من 50 درجة مئوية على مدى يومين متتالين، تثار تساؤلات حول خطط الأجهزة المعنية للتعامل مع التغيرات المناخية تلك، وكيفية مواجهة آثارها؟ وإلى أي مدى مصر قادرة على توفير بيئة تتحمل الظروف المناخية المستجدة؟

وبحسب متخصصين في الأرصاد تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" فإن مصر تواجه "مرحلة صعبة"، إذ يتوقع أن يكون صيف 2024 أعلى من المعدلات المعتادة خلال السنوات الماضية، مع ارتفاع نسب الرطوبة في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، وفق ما أكدته عضو الهيئة العامة للأرصاد الجوية منار غانم.

أين إستراتيجية تغير المناخ؟

من جانبه انتقد المنسق السابق لاتفاق الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ صابر عثمان عدم الاستفادة من الإستراتيجية الوطنية للتكيف مع المناخ بتحويلها إلى واقع ملموس في مصر، موضحاً لـ"اندبندنت عربية"، "جميع الخطط المتعلقة بالتكيف مع المناخ مدرجة ضمن أهدافها، والمشكلة تكمن في عدم التطبيق".

وفي مايو (أيار) 2022 وضعت مصر "الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050"، وهي من الخطط الطويلة الأجل التي تسعى إلى تجنب الآثار السلبية لتغير المناخ، وشملت خمسة أهداف رئيسة منها تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات والتكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ وتحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية والترويج لآليات التمويل المبتكرة التي تعطي الأولوية لإجراءات التكيف.

 

يبدي صابر الذي سبق أن شغل منصب مدير الإدارة المركزية للتغيرات المناخية بوزارة البيئة دهشته من عدم التحرك الجاد لتنفيذ أهداف الإستراتيجية، مستشهداً "مصر تشهد حالياً انقطاعاً في الكهرباء، مع أنها تتعهد في الإستراتيجية بالاعتماد على الطاقة المتجددة. فهل فعلت ذلك؟".

ووفق الإستراتيجية تستهدف مصر زيادة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة بوصولها إلى 42 في المئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في 2035.

مراكز تنتظر الدعم

وبينما يؤكد كبير خبراء الأمم المتحدة للزراعة والمياه والبيئة أحمد دياب امتلاك جهات متعددة حكومية مراكز تتولى مهمة "رصد التغيرات المناخية"، فإنه يشير إلى "عدم الاهتمام بالبنية التحتية والمرافق الخاصة بالتكيف مع تغير المناخ التي تتطلب رؤى مختلفة لإنشاء الطرق وإعادة توزيع المياه وتخطيط المدن الجديدة".

وبحسب مصدر تحدث إلى "اندبندنت عربية" بشرط عدم الكشف عن هويته فإن المراكز المتخصصة على رغم كثرتها فإنها "غير فعالة" بالصورة المثلى، موضحاً "نمتلك أيضاً الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية التي في حاجة إلى أن تتحول إلى خطة عمل حتى تتعرف كل جهة بدورها المنوط بها بالإستراتيجية وأهدافها".

ووفق الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فإن مصر تعاني ضعف البنية التحتية في عديد من المناطق وغياب مشاركة القطاع الخاص في برامج التخفيف والتكيف ومحدودية التمويل الحكومي الموجه لإجراءات التخفيف والتكيف فيما حددت أهدافاً أخرى لتحقيقها، منها تعزيز البحث العلمي لرفع الوعي لمكافحة تغير المناخ، والتصدي لتبعات التغير المناخي وإيلاء أهمية بإنشاء كيان وطني لتنسيق الجهود البحثية المتعددة التخصصات.

 

وعلى رغم الأهداف التي تطمح الحكومة المصرية لتحقيقها والمتعلقة بدعم البحث العلمي للتوعية بأخطار تغير المناخ استنكر الباحث بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي عاصم عبدالمنعم عدم الاهتمام بدعم الباحثين لـ"مواصلة دورهم في تقديم التوصيات والنتائج المتعلقة بتأثير التغير المناخي في المحاصيل الزراعية وأساليب التكيف مع هذه الظاهرة".

ويوضح عبدالمنعم، لـ"اندبندنت عربية" أنه يعاني مثل غيره من الباحثين بالمعمل "نقص التمويل في مجال الأبحاث المتعلقة بالتغيرات المناخية"، كاشفاً "لا نجد مساعدة في أبسط الأمور، منها نشر الأبحاث في مجلات تصنيف أول، ونواجه معوقات تقف حائلاً أمام وصول النتائج التي ينجزها المعمل إلى الفلاحين للتكيف مع التغيرات المناخية".

وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي صرحت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد بأن بلادها بذلت جهوداً وطنية للتكيف مع آثار تغير المناخ تضمنت تنفيذ مشروعات لحماية السواحل من ارتفاع مستوى سطح البحر وإدارة الموارد المائية مثل تبطين الترع وتقنيات الري الفعالة وإجراء الأبحاث حول استنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية قادرة على تحمل الظواهر المناخية الحادة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.

بناء غير ملائم

ويلفت المصدر إلى أنه على رغم جهود المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء في مجال المباني الخضراء ووجود كود وطني للمباني الخضراء فإنه "لا يتم تنفيذ هذه الأفكار إلا في نطاق محدود".

وأعلنت الحكومة المصرية مبادرات هادفة إلى التكيف مع التغيرات المناخية، منها مشروع "العمارة الخضراء" لاستخدام مواد بناء صديقة للبيئة وحلول معمارية مناسبة للمناخ لتقليل الانبعاثات الكربونية والتوفير في استهلاك المياه والكهرباء، كما أطلقت المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في مجال التنمية المستدامة والذكية للتعامل مع آثار التغيرات المناخية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك يلقى عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء شمس الدين يوسف الضوء على مشكلة رئيسة متعلقة بـ"مواد البناء" الشائع استخدامها في المدن الجديدة وعدم الاهتمام بالمواد العازلة، مشيراً إلى استخدام "الواجهات الزجاجية كنوع من التباهي في المباني الحديثة، كما هي الحال في البرج الأيقوني على رغم أنها لا تتناسب مع المناخ المصري، إذ تسبب ارتفاعاً في درجات الحرارة وتستهلك طاقة كبيرة لتبريد الهواء".

وأشار رئيس هيئة الأرصاد السابق المتخصص في التغيرات المناخية أحمد عبدالعال إلى أن مصر "حاولت التكيف مع التغير المناخي باستخدام الطاقة المتجددة عبر إنشاء أكبر محطة طاقة شمسية في الشرق الأوسط وأفريقيا واستخدام الهيدروجين الأخضر بصورة متزايدة وفتح السوق أمام السيارات الكهربائية".

لكن عبدالعال يحذر من أنه في حال تجاهلت مصر التغير المناخي "ستزيد درجات الحرارة ومعدل الرطوبة في فصل الصيف، وفي الشتاء ستنخفض كميات الأمطار على مستوى جميع المحافظات، مما سيؤثر سلباً في مناطق تعتمد بصورة كبيرة على الأمطار الشتوية، ويستدعي العمل على تقليل الانبعاثات الكربونية لتجنب هذه الظواهر".

وبحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه فإن حملات التوعية مهمة للغاية لأنها ترفع وعي الجمهور بتغير المناخ والتنمية المستدامة والتحول للاقتصاد الأخضر، وهناك حاجة إلى رؤية واضحة لرفع الوعي، إذ "تقتصر الجهود الحالية على اجتهادات من بعض الجهات دون الاعتماد على منظومة موحدة وأهداف أو معايير محددة للفئات المستهدفة يمكن القياس عليها".

ولم يستبعد كبير خبراء الأمم المتحدة للزراعة والمياه والبيئة أحمد دياب أن يدفع التغير المناخي دولاً متعددة، بما فيها مصر، إلى "إجراء تعديلات في مواعيد العمل الحكومية والخاصة"، موضحاً "بعض البلدان الأفريقية القريبة من خط الاستواء تتبنى أنماطاً حياتية للتكيف مع المناخ"، مرجحاً أن تتغير أنظمة دوام العمل بتوقيتات مختلفة في مصر ودول أخرى مستقبلاً للتكيف مع المناخ، وهو ما يطلق عليه "المرونة الحياتية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات