Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نمل يبتر أطراف رفاقه المصابين لتحسين فرص بقائهم

تتنوع تلك "الجراحات" بحسب تنوع الإصابة ويتم تنظيف الجرح أولاً

في أحد مختبرات جامعة لوزان في سويسرا. النملة التي على اليمين تلعق الجروح في ساق النملة الأخرى المصابة (رويترز)

ملخص

رصد باحثون في الولايات المتحدة سلوكاً لافتاً لدى نوع من النمل الذي يجري عمليات بتر وتنظيف للجروح التي يصاب بها أفراد من مستعمرتهم.

أظهر بحث جديد أن نوعاً من النمل يجري عمليات بتر أطراف لرفاقه المصابين لتحسين فرص بقائهم على قيد الحياة، ورصد هذا السلوك في النمل الحفار في فلوريدا، واسمه العلمي "كامبونوتوس فلوريدانوس"، وهو نوع بني يميل إلى الحمرة، يبلغ طوله أكثر من نصف بوصة (1.5 سنتيمتر)، ويسكن بعض مناطق من جنوب شرقي الولايات المتحدة.
ولاحظ الباحثون أن هذا النمل يعالج الأطراف المصابة لرفاقه إما عن طريق تنظيف الجرح باستخدام أجزاء من الفم أو عن طريق البتر بقضم الطرف التالف، ويعتمد اختيار نوع الرعاية على موقع الإصابة، فحين تكون الإصابة الشديدة في أعلى الساق يتم البتر دائماً، وحين تكون الإصابة في الأسفل فإن الساق تخضع للعلاج دوماً.
وقال رئيس فريق البحث، الذي نشر أمس الثلاثاء في دورية كارنت بيولوجي، عالم الحشرات إريك فرانك، من جامعة فورتسبورغ في ألمانيا، إنه "في هذه الدراسة نصف للمرة الأولى كيف يستخدم كائن غير بشري عمليات بتر أطراف فرد آخر لإنقاذ حياته"، وأضاف فرانك "أنا مقتنع بأنه يمكننا القول مطمئنين إن نظام النمل الطبي لرعاية المصابين هو الأكثر تطوراً في مملكة الحيوان، ولا ينافسه إلا نظامنا".
ويتخذ هذا النوع من النمل من الخشب المتعفن بيوتاً ويدافع بضراوة عن بيته ضد مستعمرات النمل المنافسة،
وقال فرانك "في حال نشوب معارك تظهر أخطار الإصابة".
ودرس الباحثون إصابات الجزء العلوي من الساق، أي الفخذ والجزء الأسفل، وتشيع مثل هذه الإصابات في النمل البري من مختلف الأنواع، وتحدث أثناء القتال أو الصيد أو بسبب الافتراس من حيوانات أخرى.
وقال فرانك إن النمل "يتخذ القرار بين بتر الساق أو قضاء وقت أكبر في رعاية الجرح، ولا نعرف كيف يقرر ذلك، لكننا نعرف سبب اختلاف العلاج".
ويتعلق الأمر بتدفق اللمف الدموي، وهو سائل يجمع بين اللونين الأزرق والأخضر، وهو المعادل للدم في معظم اللافقاريات.
وقال فرانك "تؤدي الإصابات الموجودة أسفل الساق إلى زيادة تدفق اللمف الدموي، مما يعني أن مسببات الأمراض تدخل الجسم بالفعل بعد خمس دقائق فحسب، وهذا يجعل عمليات البتر عديمة الفائدة بحلول الوقت الذي يمكن إجراؤها. أما الإصابات الموجودة في أعلى الساق فيكون تدفق اللمف الدموي فيها أبطأ بكثير، مما يعطي وقتاً كافياً لعمليات بتر فعالة في الوقت المناسب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كلتا الحالتين ينظف النمل أولاً الجرح، ويرجح أنه يضع عليه إفرازات من الغدد الموجودة في الفم، ويمتص أيضاً اللمف الدموي المصاب والملوث. وتستغرق عملية البتر نفسها 40 دقيقة في الأقل، وأحياناً أكثر من ثلاث ساعات، مع عض مستمر في الكتف.
وفي عمليات البتر بعد إصابة الجزء العلوي من الساق، تراوح المعدل الموثق للبقاء على قيد الحياة بين 90 و95 في المئة، مقارنة بنحو 40 في المئة للإصابات التي لم تخضع لعلاج. وفي إصابات أسفل الساق التي خضعت للتنظيف فحسب، بلغ معدل البقاء على قيد الحياة نحو 75 في المئة، مقارنة بنحو 15 في المئة للإصابات التي لم تخضع لعلاج.
ورصدت عناية بالجروح في أنواع أخرى من النمل تضع فيها هذه الأنواع إفرازات غددية لها فعالية المضادات الحيوية على مناطق الإصابة، لكن النوع الذي تناولته الدراسة الحالية يفتقر إلى تلك الغدد، والنمل لديه ستة سيقان وتعمل النملة بكامل طاقتها بعد فقد ساق واحدة.
ولوحظ قيام أنثى النمل بهذا العمل، وقال فرانك "جميع النمل العامل إناث، ويلعب الذكور دوراً ثانوياً فحسب في مستعمرات النمل، فهم يتزوجون الملكة مرة واحدة ثم يموتون". فلماذا إذاً يجري النمل عمليات البتر هذه؟
قال فرانك "هذا سؤال شيق ويضع تعريفنا الحالي عن التعاطف موضع شك، في الأقل إلى حد ما، ولا أعتقد أن النمل يتسم بالشفقة".
ومضى يقول "هناك سبب تطوري بسيط جداً لرعاية المصابين، إنه يوفر الموارد، إذا تمكنت من إعادة تأهيل عامل بجهد قليل نسبياً سيصبح مرة أخرى عضواً منتجاً نشطاً في المستعمرة، فهناك قيمة عالية جداً للقيام بذلك، وفي ذاك الوقت إذا أصيب فرد ما بجروح خطرة، فلن يهتم به النمل، بل سيتركه لحتفه".

اقرأ المزيد

المزيد من علوم