ملخص
كانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت في الرابع من أبريل (نيسان) عن طبيب إسرائيلي يعمل في معسكر سري للجيش في النقب أنه كتب رسالة لوزير الدفاع الإسرائيلي عن بتر أقدام سجناء من غزة بسبب آثار الأصفاد، وذكر أن السجناء يتبرزون في حفاضات، ويتم تقييدهم بصورة مستمرة، معتبراً أن ذلك "ينتهك أخلاقيات الطب والقانون".
يروي معتقلون فلسطينيون أفرج عنهم من سجون إسرائيلية ممارسات تعذيب وإهانات تعرضوا لها خلال فترة اعتقالهم من عصب أعين وضرب واعتداءات من كلاب، وتندد منظمات حقوقية بهذه الانتهاكات.
تعذيب شديد
وكان مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة محمد أبو سلمية بين 50 معتقلاً أفرج عنهم الإثنين الماضي، وقال في مؤتمر صحافي "تعرضنا لتعذيب شديد. تعرضت للضرب على الرأس ونزفت. اعتدوا علينا بالكلاب البوليسية وبالهراوات. كسروا إصبعي الصغير"، وتحدث عن وفاة طبيبين "في أقبية التحقيق"، مضيفاً "تركنا وراءنا كثيراً من الزملاء من الطواقم الطبية. هناك جريمة ترتكب في حق الأسرى". وقال أبو سلمية إن السلطات الإسرائيلية تمنع "الدواء والغذاء عن الأسرى"، وإن هؤلاء "يفقدون أوزانهم"، وطالب المؤسسات الدولية بزيارة السجون الإسرائيلية.
وكان أبو سلمية اعتقل في الـ22 من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد حصار لمجمع الشفاء نفذه الجيش الإسرائيلي قبل اقتحامه في الشهر الثاني من الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وفي الـ11 من الشهر الماضي أفرجت إسرائيل عن نحو 50 معتقلاً من قطاع غزة نقلوا إلى مستشفى "كمال عدوان" في شمال قطاع غزة. والتقت وكالة الصحافة الفرنسية عدداً منهم تحدثوا عما تعرضوا له من تعذيب أثناء الاعتقال.
عيون معصوبة
وقال محمود الزعانين (37 سنة)، وهو ملقى على سرير في المستشفى، "ضربت ليلاً ونهاراً. كانت عيوننا معصوبة وأيدينا وأرجلنا موثقة بالأصفاد، وكانوا يطلقون علينا الكلاب"، وتابع "لقد تعرضت للتعذيب. ضربوني بعنف على أعضائي التناسلية أربع مرات".
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على سؤال للوكالة حول هذا الموضوع. وذكر
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الخميس ببيان صدر في مايو (أيار) عن الجيش "بصورة كاملة كل الادعاءات بحصول انتهاكات منهجية" وبينها الاعتداءات الجنسية والتعذيب بالكهرباء، مؤكداً أن الجيش يحترم القانون الإسرائيلي والدولي و"يحمي حقوق" المعتقلين. وأضاف أن الجيش يفتح تحقيقات عندما تكون هناك "شبهات بأخطاء جرمية".
مئات الفلسطينيين
واعتقل الجيش الإسرائيلي خلال عملياته في قطاع غزة منذ بدء حربه مع حركة "حماس"، مئات الفلسطينيين.
وفي مستشفى "كمال عدوان" ضم محمود الزعانين طفلته الصغيرة النحيفة التي وصلت لملاقاته وانفجرت بالبكاء على صدره عندما رأته في حالة وهن شديد، وبكى معها، ثم قال "سألوني في التحقيق أين يحيى السنوار؟ وأين حماس؟ وأين أسرانا؟ ولماذا شاركت في السابع من أكتوبر؟ أجبت أنا لم أشارك في السابع من أكتوبر. عرضوا علينا المال لمعرفة أين يختبئ السنوار. ومكان الأنفاق"، وشدد على أنه لم ير النوم خلال الاعتقال، وقال "ممنوع أن نذهب إلى الحمام، كنا نتبول في ملابسنا. ممنوع العلاج، وبالكاد كان هناك طعام وماء".
تعذيب بالكهرباء
وروى عثمان الكفارنة في أواخر الـ30 من عمره "لقد تأذت يدي من التعذيب بالكهرباء، وتعرضت للتعذيب والإهانة". وقال إنه رأى "أكثر من 30 سجيناً مقطوعي الأرجل. بعض السجناء فقد رجليه الاثنين، وبعضهم فقد عينيه، توجد إصابات كثيرة".
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت في الرابع من أبريل (نيسان) عن طبيب إسرائيلي يعمل في معسكر سري للجيش في النقب أنه كتب رسالة لوزير الدفاع الإسرائيلي عن بتر أقدام سجناء من غزة بسبب آثار الأصفاد، وذكر أن السجناء يتبرزون في حفاضات، ويتم تقييدهم بصورة مستمرة، معتبراً أن ذلك "ينتهك أخلاقيات الطب والقانون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عضات كلاب
قبل ذلك، كان معتقلون آخرون مفرج عنهم نقلوا إلى مستشفى الأقصى في دير البلح. بينهم موسى منصور الذي أظهر آثار عضات كلاب على ذراعيه. وقال "كنا ننام ساعتين ويحضرون الكلاب ويفلتونها علينا بالليل. خارت قواي من الضرب، وكله على الرأس. هناك شباب قضوا نحبهم من كثرة الضرب، ومن هجمات الكلاب".
وعانقت روضة نصير ابنها المفرج عنه والدموع تنهمر من عينيها. وقالت "أنا سعيدة، لكن فرحتي منقوصة لأن حفيدي لا يزال معتقلاً. إنه يافع ولا نعرف مكان وجوده".
في تل أبيب، قالت المديرة العامة للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل طال شتاينر "تم إبلاغنا عن التعذيب وسوء المعاملة، إذ يتم احتجاز أشخاص مكبلين على مدى 24 ساعة في اليوم، ويطلب منهم الركوع ويتعرض السجناء للضرب والتجويع بحسب شهادات فلسطينيين ضحايا خرجوا من المعتقلات في ظروف طبية سيئة للغاية". وأوضحت أن "ثمة تقارير دولية عن موت نحو 36 من الأسرى من غزة بينهم الجراح عدنان البرش" الذي اعتقل من مستشفى العودة في شمال قطاع غزة في الـ17 من ديسمبر (كانون الأول) وتوفي في الـ19 من أبريل. وأضافت شتاينر "نحن نؤمن بالقانون للمساعدة في تغيير هذه الانتهاكات. قدمنا التماساً لتعديل قانون (أسر المقاتلين غير الشرعيين) الذي أقره الكنيست في ديسمبر بعد هجوم (حماس)".
مناهضة التعذيب
وشاركت في تقديم الالتماس اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "هموكيد" وجمعيتا "مسلك" و"عدالة" اللتان تدافعان عن حقوق الفلسطينيين.
وفي تعديل القانون صار بإمكان السلطات اعتقال هؤلاء الأسرى من دون اتخاذ إجراءات إدارية في حقهم لمدة 45 يوماً، فيما كانت في السابق أقصى مدة حتى 96 ساعة.
وكان على النيابة إحضار الأسير أمام المحكمة بعد 14 يوماً من اعتقاله. أما الآن فتحول إلى 75 يوماً، وبالإمكان تمديد المدة حتى 180 يوماً، ومنع المعتقلين من التواصل مع محاميهم من طريق استصدار موافقة قضائية.
وتقول طال شتاينر "ثمة معتقلون منذ ثمانية أشهر وأكثر لم يزرهم محام، وتجري محاكمتهم بتقنية زوم من دون إحضارهم للمحكمة ومن دون محامين". ولا تزال المنظمات الحقوقية في انتظار رد الدولة على التماسها.
وكانت الدولة ردت جزئياً في الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة العليا في نهاية شهر مايو بالقول "إن هناك حالياً 200 معتقل من غزة تم تعريفهم كمقاتلين غير شرعيين، خضعوا لأوامر اعتقال دائمة (أي محتجزون لأكثر من 45 يوماً)"، وأشارت "إلى وجود مئات المعتقلين الغزيين بانتظار تقديم لوائح اتهام ضدهم".
وتم إطلاق أكثر من 1500 معتقل نقلوا إلى قطاع غزة.